أمد/ كتب حسن عصفور/ بعد الأيام الأولى من هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي نفذته حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، سارعت حكومة الفاشية اليهودية ورئيسها نتنياهو بالحديث عن عمليات اغتصاب وعنف جنسي من قبل المسلحين الفلسطينيين ضد سكان بلدات إسرائيلية، دونما تحقيق أو تدقيق، أو شهادة موثوقة.
وبلا تردد، أقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن ليعيد تكرار تلك الاتهامات، كالببغاء السياسي، رغم أن إدارته لاحقا حاولت أن تمتص تلك التصريحات التي كشفت سذاجة وغباء في آن، من رئيس أحد الدول العظمى بما تمتلك من أدوات تجسس تتباهي بها بين الأمم، وحاول أن يصمت لاحقا بعدما فشلت حكومة الكيان العنصري تقديم ما يمكنه أن يكون دليلا يعتد به، في تلك المزاعم الجنسية.
وفجأة، عادت حكومة العدو الاحلالي، ورأس الطغمة الفاشية الى استخدام ملف “الاغتصاب والعنف الجنسي” ليضعه أولوية على جدول أعماله، التي لا ينقصها الخداع والأكاذيب، وأوعزت دوائر الحركة الصهيونية، بما تملكه من تأثير مالي ونفوذ خاص في دوائر إعلامية، الى صحيفة “التايمز” البريطانية بنشر تقرير يوم 2 أكتوبر بعنوان مثير واستجدائي، اغتصبوهن ثم قتلوهن، تقرير يحمل شهادات يمكن اكتشاف أنها خارج أي سياق منطقي، ورغم ذلك، انتشر التقرير في غالبية وسائل الإعلام البريطاني، وبعض الأمريكي، وتقريبا كل الإعلام العبري.
وبالتوازي، فرضت دولة الكيان وحكومتها الفاشية على لجنة خاصة بالأمم المتحدة، لمناقشة موضوع الاغتصاب، وعرضت شهادات للبعض من سكان تلك البلدات، وقدمن روايات وفقا لما يخدم الهدف الذي من أجله فتح الملف من جديد، وأعيد نشرها في وسائل الإعلام العبري.
ويبدو، ان كل ما كان حملة إعلامية بأشكال مختلفة، لم يكن كافيا لفرض الرواية الإسرائيلية حول مزاعم الاغتصاب والعنف الجنسي، لتكون حاضرة في المشهد العام، فعاد نتنياهو يوم الثلاثاء 5 ديسمبر 2023، ليعد الأمر خلال مؤتمر صحفي، ويعتبر أن هناك صمت على الحدث، فقال “سمعت، وسمعتم أنتم أيضًا، عن اعتداءات جنسية وحوادث اغتصاب وحشية لا مثيل لها”، رغم أن الإعلام العبري كشف أن اللقاء مع أسر الرهائن شهد مشادات وصراخ وغضب وانسحابات، ولم يشر الى ما أشار له نتنياهو.
وسريعا، وبلا تفكير، عاد الرئيس الأمريكي ليعيد ما قاله نتنياهو، وقال خلال تجمع انتخابي في بوسطن “لا يمكن للعالم غض النظر عما يحدث. يتعيّن علينا جميعًا..إدانة العنف الجنسي لإرهابيي حماس بقوة ومن دون مواربة”.
والمسألة المثيرة هنا، أن عودة “قيادة الحرب العدوانية” على قطاع غزة في واشنطن وتل أبيب، لفرض “مزاعم الاغتصاب والعنف الجنسي” من قبل حماس أو مسلحين آخرين، يبدو أنها ترتبط بالمشاهد الإنسانية التي سجلتها وسائل الإعلام العالمية لوداع الرهائن لمقاتلي حماس والجهاد، مشاهد احتلت المكانة الأبرز خلال عملية التبادل، الأمر الذي كسر كل محاولات “قيادة الحرب” لتشويه صورة المسلح الفلسطيني، وإنسانيته، ما أربك كثيرا مسار الخداع في واشنطن وتل أبيب.
ورغم القيمة الإنسانية لمشهد “وداع الرهائن للخاطفين”، وفضحها رواية إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، لكن السبب الرئيسي لعودة الحديث عن ملف الاغتصاب، ما تم كشفه من “جرائم حرب” وارتكاب مجازر وعمليات تدمير لكل مظاهر الحياة الإنسانية، التي ترتكبها دولة الفاشية اليهودية وجيشها وأجهزتها الأمنية في قطاع غزة، ما يضعها دولة أمام المطاردة الساخنة في مستقبل قادم.
جرائم الحرب التي ينفذها جيش دولة الاحتلال، ومخططها التدميري العام لإعادة قطاع غزة الى العصر الحجري، وألا تقوم له قائمة لسنوات، دفعت “قيادة الحرب العدوانية” الى اللجوء للمزاعم الجنسية، باعتبارها وسيلة تعاطف علها تكسر الفضيحة الكبرى لما تنفذه قواتهما في قطاع غزة.
وردا على محاولة “قيادة الحرب” الأمريكية الإسرائيلية لحرف مسار الحقيقة السياسية، وكسر الغضب الشعبي العالمي المتنامي ضد جرائم حرب الفاشيين الجدد، وجب إعادة منتجة فيلم خاص عن لحظات “الوداع الإنساني” التي هزت الوجدان، لتصبح فعلا مضادا لفعل المكذبة الاغتصابية.
وليت وسائل الإعلام العربية، تساهم في صناعة فيلم مكثف لأبرز المجازر التي أقدمت عليها دولة الفاشية المعاصرة، وإعادة تعميمها على كل بعثات دول أعضاء الأمم المتحدة، وأن تقوم ممثلية فلسطيني بطلب جلسة خاصة لعرض ذلك.
لا تستخفوا ببعض المظاهر التي يمكنها أن تعيد صواب المشهد في ظل حرب مركبة تقودها إدارة واشنطن، التي شكرتها بعض أنظمة العرب في تعابير تنال من دم الشعب الفلسطيني.. بل تهين كل شهيد.
ملاحظة: موزعون أمريكيون قالوا إن مبيعات “الكوفية الفلسطينية” قفزت على نحو غير مسبوق منذ بدء حرب العدو الفاشي على قطاع غزة..رغم كل أساليب الترهيب التي مارسها الأمن الأمريكاني..تفاصيل صغيرة بس كتير ناطقة بقوة أن فلسطين عشق الحياة وسرمديتها الأبدية.
تنويه خاص: حكومة الفاشية اليهودية قررت عدم تجديد إقامة المنسقة الأممية لين هاستينجز، لأنها رفضت ترويج رواية المكذبة اللي خلقتها..هل تصمت المنظمة العالمية على هيك إهانة، أم تذهب لتعليق عضوية دولة تتصرف بأنها عصابة خارج التاريخ..هاي هي القصة!