كتب حسن عصفور/ سواء انتهت مفاوضات “كوبري القبة”، بمقر المخابرات العامة المصرية، حيث تجري بها المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى تحقيق النجاح، وهو ما يأمله الشعب الفلسطيني، ضمن حدود ثمنها المدفوع طويلا، او تعثرت بسبب موقف اسرائيلي يبحث عن العدوان خيارا مستديما، فما يثير حقا كثرة الأحاديث الاسرائيلية عن زج مسؤولية السلطة الوطنية فيما يخص مستقبل قطاع غزة..
وليس اكتشافا عبقريا، ان يقال عن غياب السلطة بمؤسساتها الشرعية عن الحضور في القطاع، منذ خطف حماس له في 14 يونيو ( حزيران) عام 2007، حتى أن الغياب تواصل بعد توقيع “اتفاق الشاطئ” في شهر ابريل من العام الجاري، مكتفية بتسمية 4 وزراء مقيمين في القطاع، ثم لاحقا قام الرئيس عباس بتسمية محافظين جدد، بدلا من السابقين، الذين تم التشكيك بولائهم للرئيس ضمن ما بات سائدا في فتح بحرب “التجنح”، لكن تلك الخطوات، تسمية وزراء ومحافظين على درجة من الثقة والولاء المطلق، لم يحدث أي تغيير حقيقي يشعر به الفلسطيني بأن السلطة الفلسطينية حاضرة، لا شكلا ولا مضمونا، ولا تزال حماس تتصرف بمسار الأمور هناك كما كانت سابقا، واكتفت فقط بسحب مسميات اسماعيل هنية وفريقه وأحالتهم الى لقب سابق، ودون ذلك لم يتحرك شيئا..
ولم يكن مجافيا للحقيقة اعتراف الرئيس عباس ووزيره الأول وبعض قيادات فتح، أن “الشرعية غائبة” عن قطاع غزة، ولم تحضر بعد، رغم توقيع الاتفاق المؤدي لتشكيل حكومة أسميت “حكومة التوافق”، ولذا لا يوجد اكتشافا في وصف المشهد السياسي لطبيعة الوضع القائم في قطاع غزة، وبالتأكيد لا توجد بعد ما يمكن الاشارة الى أنه “خطة عمل” او مسار محدد لعودة الشرعية الفلسطينية الى القطاع، حضورا حقيقيا كما كان يوما قبل الخطف، أو بل خلق نظام “إزدواجية السلطة” أو”ثنائية الحكم والحكومة”، التي سادت ما بعد الانتخابات في يناير 2006 وحتى الخطف في يونيو 2007..
ولكن ذلك الغياب الذي بات “اختياريا”، بعد توقيع “اتفاق الشاطئ”، لا يبرر مطلقا فتح باب “المزايدة” من الطرف الاسرائيلي، بحيث يقوم بربط قضايا يتم التفاوض عليها في محادثات “كوبري القبة” بالقاهرة، بعودة “السلطة الفلسطينية”، وهو ما يضعه وفد دولة الكيان، في كل بند يتعلق برفع الحصار وفتح المعابر أو المسألة الأمنية والرقابة التي تبحث عنها لاحقا..
تناول مسألة الشرعية الفلسطينية وحضورها في القطاع، لا يجب أن تكون جزءا من التناول التفاوضي، فمن يفاوض أولا، هو “وفد فلسطيني موحد” يمثل الشرعية الفلسطينية بكافة أركانها، وعله الوفد الأول الذي يجسد “الشرعية الفلسطينية فعلا وقولا”، وهي سابقة سياسية تاريخية في المشهد الفلسطيني، وثانيا لا يحق لدولة الكيان أن تتعامل بذلك الاستخفاف في الحديث عن السلطة، وكأنها هي صاحبة المصلحة بوجودها، فيما غيرها لا يقبلها، وهي قضية سياسية – نفسية تريد التلاعب والمساس بالشعور الوطني الفلسطيني..وثالثا، فحكومة نتنياهو وعبر وفدها تريد زراعة تلك المتناقضة بين حماس والشرعية الفلسطينية، وهو ما يجب للوفد الفلسطيني في مفاوضات “كوبري القبة” اليقظة له سياسيا ونفسيا، ومنع الحديث كليا عن التعامل مع السلطة ووجودها شرطا مسبقا في الاشارة لأي قضية من قضايا رفع الحصار وفتح المعابر..
ونعتقد، أنه يجب على “الوفد الموحد”، قطع الطريق اليوم على ذلك الاستخدام “الخبيث”، وأن يكون جاهزا باعتباره ممثلا للشرعية الوطنية، وان السلطة هي الفاعل والحاضر والممثل للشرعية الفلسطينية، ولذا على وفد الكيان أن يكف على لعبته بربط القضايا بحضور السلطة..
المسألة ليست بحثا عن “اشكالية تفاوضية” لكنها تصويب سياسي لا بد منه، كي لا تستمر مناورة اسرائيلية خبيثة ترمي لأهداف غير ما تقول..وليت الوفد يراجع كل تصريحات قادة الكيان ووزرائه ووفده ليكتشف أن وضع السلطة بطريقتهم يشكل “اهانة ومهانة” أكثر مما يظن اللاهون عن تلك الحقيقة.!
ملاحظة: دولة تركيا تقول أنه هناك اسطول بحري قادم لكسر الحصار عن قطاع غزة..اولا شكرا لتلك الهمة التي تأتي كمكافأة لفوز طيب رجب..لكن هل يكون بالتنسيق مع الكيان أم بالمواجهة الحربية..فلكل استعداد مختلف!
تنويه خاص: الخارجية الفلسطينية نفت وجود محمد رمضان جزءا من بعثة فلسطين الديبلوماسية..أحدهم عمم قائمة باعضاء البعثة المعتمدين في بكين محمد رمضان بينهم..ليش هيك يا خارجية..الكذب مش منيح!