كتب حسن عصفور/ بعد أن أسقط الشعب المصري حكم الجماعة الارهابية في مصر، دخلت حركة “حماس” بشكل موضوعي في “أزمة جديدة” لم تكن ضمن حساباتها الخاصة، ليس بسبب الاسقاط الشعبي المصري للحكم الاخواني، وما نتج عنه من تداعيات تخص الحركة الحمساوية الاخوانية، ولكن لما نتج عن ذلك الاسقاط من نتائج تتصل بعضها بشكل مباشر بحماس وجودا وحركة داخل مصر ومعها، وبعضها بشكل غير مباشر بحكم ارتباطها الإخواني الذي تفاخرت به عبر تظاهراتها المسلحة الاستفزازية لمصر بعد ثورتها، او عبر تلك التصريحات الساذجة لقادتها عن “عشقهم الاخواني”..
ردة فعل مصر الرسمية قد تكون اقل اثر من ردة فعل الشعب المصري ومزاجه العام، فهو بات يصدق كل معلومة يمكن أن تقال في الاعلام المصري عن حماس، ولا يدقق، بل هو غير معني اصلا بالتدقيق، في أي معلومة ضد حركة حماس ووصل الأمر أن بعض الأوساط السياسية بدأت في استغلال المزاج الشعبي بربط حماس بكل عمل ارهابي في مصر، صحيحا كان أم غير صحيح، وهو ما دعا تلك الأوساط بشن هجوم واسع ضد حكومة الببلاوي كونها لم تدرج حركة “حماس” كـ”حركة ارهابية” بعد ولم تطرد من لها بأرض مصر..
لا يهم كثيرا كل تلك التصريحات التي تصدرها قيادات حماس بأنها لم تتورط وليست متورطة في اي عمل ضد مصر، وكل التصريحات تسقط فورا أمام حفلة “التأييد المطلقة” للجماعة الإخوانية ومرشدها ضمن السمع والطاعة التي تكرسها الجماعة على فروعها، وحتما يصبح بعدها من الصعب جدا، بل قد يكون مستحيلا أن تقنع مواطنا مصريا بأن حماس يمكنها أن ترفض أمرا من المرشد لتدريب عناصر اخوانية على العمل العسكري سواء داخل مصر أو داخل معسكراتها في قطاع غزة، خصوصا خلال فترة الحكم الاخواني، ولم يكن يعتقد اي حمساوي أو إخواني أن أجلهم قادم بتلك السرعة الجنونية من شعب لا يثور الا كل عشرات السنين مرة واحدة..ولكن حدث ما لم يكن يظن “أهل الجماعة وعشيرتها” في مصر وغزة وتم إزاحتها من طريق شعب مصر ومستقبله السياسي..
تلك الحقيقة العامة التي لا تزال حماس تتجاهلها ولا تريد رؤيتها، لذا لجأت الى بعض “المناورات الخاصة”، فهي من جهة قامت بمحاولة كسب “ود عباس وحركته” من خلال تأييد مشعل للمفاوضات الدائرة بشكل غير مباشر، وتصريحات سامي خاطر لوكالة حمساوية كانت هي الدليل المباشر، دون ان ينسى بتوجيه الشكر له على موقفه من تقديم الوقود لقطاع غزة خلال أزمة اليسكا الشهيرة، وكلاهما موقفان لا يتفقان مطلقا مع موقف حماس داخل غزة، لكنه تم الصمت عليهما خلافا لمرات سابقة لستر عورتهم الكبرى نتيجة الكارثة التي لحقت بالجماعة الأم ومصيرهم في قطاع غزة..
بينما اتجهت “حماس غزة” الى محاولة اشاعة “اجواء تلطيفية” مع الفصائل المختلفة – عدا حركة فتح – علها تحدث اختراقا في الحصار السياسي عليها، بعد حصار مصر وعباس الذي يكاد يصل الى نقطة الخنق السياسي، سلسلة لقاءات وتصريحات بدأت من اسماعيل هنية بدعوته الفصائل لمشاركة حماس في إدارة الحكم “المخطوف” وهي دعوة لم تكن لتأت لولا اسقاط حكم الجماعة الارهابية في مصر، ولعل تصريحات محمود الزهار ضد فصائل منظمة التحرير واليسار بأنها لا تمثل وزنا يمكن أخذه بالحسبان وسخر منها أرقاما وأعدادا ومواقفا، واعتبرها فصائل بلا قيمة وهي ذيل لعباس وفتح، وتواصلت النفحات الحمساوية الايجابية نحو الفصائل، فأطلق قائد الحركة الفعلي في هذه الفترة – بعد خبو دور خالد مشعل وانحساره الى الحد الأدنى وغير المؤثر – اسماعيل هنية تصريحات، بعد لقاء بعض فصائل منظمة التحرير وتحديدا الجبهتان “الشعبية والديمقراطية” مع حركته، مفادها انهم مستعدين لبحث اجراء بعض اشكال الانتخابات في قطاع غزة، نقابية أو بلدية، مع تكراره لاستعدادهم على انهاء الانقسام والعمل فورا لتشكيل حكومة توافقية والاتفاق على الانتخابات العامة، متجاهلا “نداء حاوتمة” له بالاستقالة فورا..
ولكن هنية لم يقف عند هذه الحدود بل أعلن عن أن “مفاجأة كبرى” تنتظر الشعب الفلسطيني خلال الايام القادمة سيكون لها أثر هام من أجل المصالحة خلال الايام القادمة، ولأن أهل فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة سبق أن جربوا تلك “المفاجأت”، والتي لم تكن يوما سارة ولا مفرحة، فالتوجس يسيطر عليهم من تلك “المفاجأ’ة”، بل ربما لسان كثيرون منهم يقول “اللهم نجنا من مفاجآت هنية وحماسه”..ولكن لا يجب أن يكون “الشؤم أو التشاؤم” سيد الموقف، فلعل هنية وقيادة حماس توصلوا بعد كل سنوات الخطف وما حدث في مصر مؤخرا، أن كل ثرواتهم وسطواتهم التيي حصدوها قد تتبخر حتى لو كان ببطئ إن استمرت فيما هي عليه، لذا فالمفاجأة الكبرى قد تكون بادراك هنية واخوته أن لا مستقبل لحكمهم في غزة، وبالتالي في فلسطين، لذا قرروا التخلي عما لهم من “حكم خاص” ويسلكوا سلوك “حركة النهضة التونسية” التي أدركت أنها أمام خيارين: إما التنازل عن الحكم واللجوء للمشاركة به أو تنتظر تصفيتها شعبيا خلال فترة زمنية قد لاتكون بعيدة..خيار تونسي قد ينقذ حركة النهضة الاخوانية، وهي لم تعلن حتى تاريخه فخرها بتلك الرابطة كما حماس..
هل تلجأ حماس لخيار اخوان مصر “الحكم او الموت”، أم تلجأ لخيار “النهضة التونسية”، أن لا حكم ولكن مشاركة في الحكم كسبيل لإنقاذ ما يمكن انقاذه من وجود ومصير..هل تكون المفاجأة الحمساوية بلسان هنية هي الاعلان الرسمي عن “انهاء حكم حماس” في غزة وتسليم مكوناته الى قيادة هيئة العمل الوطني بقيادة عضو اللجنة التنفيذية زكريا الأغا وهو ايضا عضو مركزية حركة فتح، ليقوم بعدها بالاتصال بالرئيس عباس لاعادة “الأمانة المخطوفة” الى أهلها..
أم أن المفاجأة هي أن لا تكون هناك مفاجأة اصلا، ونسمع كلاما يثير الإشمئزاز أكثر.. فأي مفاجأة سيقدهما هنية لشعب فلسطين في “بقايا الوطن” وخارجه!
ملاحظة: هل اعاد د.صائب عريقات قراءة نص حواره مع الصحيفة السعودية وتأكد انه كلامه نصا وروحا” أو شحما ولحما” كما تحب حماس القول..لو كان صحيحا يصبح كل ما يقوم به من فعل تفاوضي “عار شخصي” سيلتصق به أبدا!
تنوه خاص: سقوط مرسي بدا بحربه ضد القضاء والاعلام..اردوغان بدأ بحرب ضد القضاء وبعض الاعلام وقريبا سيكون ضد الجيش الذي بدأ بابتزازه بخصوص محاكمات سابقة..طريق واحد ومصير لكل مخادع كاذب!