كتب حسن عصفور/ مع فجر يوم الأربعاء 24 مايو 2023، اقرت كنيست دولة الاحتلال موازنة عام 2023 بـ “131 مليار دولار” وعام 2024 بـ “139 مليار دولار”، بأغلبية أعضاء التحالف الحاكم (64 مقابل 55)، وسط موجة غضب شعبية سادت شوارع القدس وتل أبيب رفضا لها.
المعارضة الشعبية والرسمية لخصت موقفها من الموازنة بعبارة مكثفة جدا بأنها “سرقة أموال الدولة”، فيما اعتبرها رئيس المعارضة الرسمية في الكنيست رئيس الحكومة السابق لابيد، بـ”مدمرة”، لأنّها تمنح أموالاً لمؤسّسات يهودية متطرفة، وفضح البعض تخصيص أموال مضافة لدعم الاستيطان والنشاطات الاستيطانية الإرهابية في الضفة والقدس.
وبعيدا عن “موازنة الأجهزة الأمنية” جيشا ومؤسسات استخبارية، والتي يخصص قسم كبير منها ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته، فما يجب أن تقف “الرسمية الفلسطينية” أمامه، وتبدأ حملة واسعة بكل الأشكال واللغات الحية، ما جاء فيها من دعم “المنظمات اليهودية المتطرفة” وبينها جماعات دينية مرتبطة فكريا بأحد أبرز رموز الإرهاب “كاهانا حي”، مجموعة رفعت علمها وشعارها قبل أيام داخل ساحات الحرم القدسي والبراق، ومجموعات عنصرية قائمة على التطهير العرقي.
ما ورد من زيادة دعم “الاستيطان والنشاط الاستيطاني”، بما يتضمن دعما للمجموعات الإرهابية اليهودية، و”الموت للعرب”، التي تمارس يوميا عمليات قتل الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم وحرق بيوت ومزارع، نموذجا واضحا لطبيعة التحالف الحكومي في تل أبيب.
الرسالة السياسية من الموازنة الخاصة للنشاط الاستيطاني، بناء جديد وتوسع في المقام، ودعم “الأدوات الإرهابية” التي يقودها “الثلاثي” سموتريتش – بن غفير -غليك، هي أن الضفة والقدس جزء من “ارض اليهود”، وأن بناء “المشروع اليهودي” عليها مخطط مستمر ومتواصل.
الموازنة الجديدة لحكومة التحالف الفاشي، لخصت الموقف السياسي بتكثيف رقمي، دون شرح وتبرير لغوي، بأنه لا وجود كياني فلسطيني في الضفة والقدس، وأن التسوية السياسية التي يتم الحديث عنها، في سياق سكان بحقوق وليس مواطنين في دولة، وغيرها “هراء في هراء”.
تلخيص مكثف لرفض كل قرارات الشرعية الدولية، وقبلها القمة العربية الأخيرة، وبالتأكيد معارضة جوهرية لنص اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو)، الذي أسس للاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان، رغم أنها تهربت كليا من الالتزام به بعد فوز نتنياهو 1996، واغتيال رابين موقع الاتفاق، فيما تصر الرسمية الفلسطيني الاحتفاظ به ليس كورقة وثائقية بل كمرشد لها، كي لا تذهب لمشروع المواجهة وفك الارتباط، وخاصة الاعتراف المتبادل وإعلان دولة تحت الاحتلال.
موازنة دولة الكيان، سلاح سياسي – فكري – عملي لـ “الرسمية الفلسطينية” للانتقال من حالة التوسل السياسي السائد منذ زمن، والتباكي على بعض ما كان، والترجي بأن تتدخل تلك الدولة أو غيرها، وكل من تترجاهم موضوعيا مع حكومة الكيان، ولن تكون مع حكومة فلسطين سوى بأن يتم تغييرا جوهريا في أسس العلاقة مع دولة الاحتلال والفاشية اليهودية الحاكمة.
عندما تضع الحكومة الفلسطينية بندا في الموازنة العامة (التي بمجلها أقل مما يخصص لدعم المنظمات الدينية والمتطرفة والاستيطان في موازنة حكومة نتنياهو)، يتعلق برواتب شهداء التحرر الوطني وأسرى الحرية، وقوى لا تتبنى التسوية السياسية أو لا تعترف بالقرارات الدولية، تبدأ أمريكا والاتحاد الأوروبي وممثل الأمم المتحدة المتلعثم في معرفة قرارات المنظمة التي يمثلها، مع إعلام اليهود وتحالفه كونيا، وبعض عرب حربا سياسية شاملة، رفضا لتلك البنود التي لا تساوي مصاريف خاصة للإرهابي بن غفير بين حماية ومصاريف تنقل وأكل وسكن، وإقامة في غير سكنه بالمستوطنة، لكنها حرب هدفها كسر شوكة مفهوم الكفاح الوطني ضد الاحتلال.
أن تقر الكنيست الإسرائيلي موازنة لدعم “التحالف الفاشي” و”الإرهاب اليهودي” والنشاط الاستيطاني”، فتلك هي حرب حقيقية على الوجود الفلسطيني مشروعا وكيانا وهوية.
هل تبدأ “الرسمية الفلسطينية” حراكا سياسيا، لمواجهة موازنة “تهويد بقايا الوطن” ودعم “الإرهاب اليهودي”..لا وقت للترف الفكري ولا ومجال للتوسل الإنساني السياسي..هو وقت الغضب الوطني…دونه الى حتفكم المحتوم.
ملاحظة: االرفاق في “الجبهة والحزب” المتواجدين في اللجنة التنفيذية..تاريخكم يناديكم..كفاكم صمتا على ما يحدث مساسا بجوهر المشروع الوطني…أما أن تصرخوا بجد أو أن تتكروهم بجد..وبلاش حركة نص ونص اللي بتخدم مشروع نصه صار مش وطني!
تنويه خاص: حلو مشهد الانتخابات الطلابية في الضفة..وحلو أكتر تغزل تنظيم “أحفاد البنا” باللي بيصير..طيب يا “أحفاد حسن” ممكن مرة تغلطوا وتفرحوا أهل غزة بانتخابات مدرسة ابتدائي..معقول كله خوف من كشف تكاذبكم وحقيقة موقف الناس منكم..لو لا جربوها!