كتب حسن عصفور/ ساعات قبل يوم 8 ديسمبر 2024، حيث سقط نظام بشار الأسد، كان قادة الدولة الفارسية، ساسة وعسكر ومرجعيات دينية، تهدد وتتوعد بأن أي مساس بسوريا سيفتح نارا تشمل المنطقة بكاملها، كلام كان يعتبر جديا جدا، خاصة ولديها آلاف من القوات والخبراء وقواعد مغلقة لا يدخلها مواطن سوري منذ عام 2011، عندما بدأت حرب الإطاحة بالدولة السورية وفقا للمشروع الأمريكي لتشجيع الحركات الدينية إسلاموية وإرهابية.
خلال 13 عاما تحول الوجود الفارسي في سوريا إلى دولة داخل دولة، ليس عسكريا سياسيا فحسب، بل وأملاك اقتصادية ومقرات ثقافية، وبدأت وكأنها في محطات مختلفة صاحبة “القرار السياسي”، خاصة مع الاستفادة من أرض سوريا لتعزيز أدواتها الأخرى، تحديدا حزب الله في لبنان، وحركتي حماس والجهاد في فلسطين، إلى جانب الحدود مع العراق.
جاء سقوط النظام الأسدي (قبل شهر من اليوم) بسهولة ويسر غير مسبوقة، سقوط لم يجد أي شكل من اشكال المواجهة، خاصة في العاصمة دمشق، رغم وجود قوات الفرس العسكرية، بما بدأ فتح باب وجود “صفقة” متفق عليها بلاد الفرس أحد أطرافها، للخلاص من الأسد، بعدما فقد قدرته على المنفعة والبقاء بلا تكلفة سياسية.
بشكل مفاجئ، ساعات بعد السقوط الأسدي، خرج أحد ساسة بلاد الفرس، ليعلن أن النظام السوري لم يدافع عن ذاته، بل أن الرئيس بشار لم يستمع لـ “نصائح الإصلاح والحوار”، وأكملها علي خامنئي بأن الجيش السوري هرب من المعركة ولم يقاتل، وأن الأسد أبلغه بأن الجيش خذله، مضيفا أنهم غير مستعدين للقتال عنه، وإرسال قوت إضافية خاصة والشعب لا يفهم ذلك.
يبدو أن عملية “بيع” النظام الأسدي لم تقف عند حدود “التجزئة السياسية – المفرق”، بل ذهبت إلى البيع الشامل (بالجملة) عندما خرج بهروز إثباتي، أحد قادة الحرس الثوري الفارسي، خلال خطبة في أحد جوامع طهران، ليعلن أن “الفساد في البنية والانهيار الاقتصادي من الداخل كانا سبباً في انهيار حكومة بشار الأسد” وإن “الشعب السوري انتفض لإزالة نظام فاسد”.
ولولا أن تصريحات مسؤول الحرس الثوري لم تنشر في وسائل إعلام فارسية، لن يصدقها “عاقل سياسي”، بأن يصل أحد من كانوا يمجدون ذات النظام وذات الشخص، وبأنه من ركائز “المواجهة للمشروع الاستعماري”، وأن سوريا هي قاعدة المقاومة ضد الاستكبار، ولم يخرج وزير خارجية بلاد الفرس عراقجي لاعتبار سقوط النظام الأسدي جاء كحتمية لما أصابه ترهلا وجيشا ضعيفا لا يريد القتال.
مبدئيا، كل ما قيل من قادة الفرس ساسة وعسكر ومرجعية دينية، صحيح من حيث فساد النظام الذي لا مثيل له، وحكم ديكتاتوري وأيضا لا شبيه له عربيا، وجيش فقد روحه “القومية” منذ زمن، لانشغاله في معارك متعددة عدا المعركة المركزية مع العدو الاحتلالي، ولكن أن يسارعوا، وقبل أن تجف كلماتهم في الوصف الخارق لسوريا دولة ونظاما وقبلهما رئيسا، وخاصة في زيارته الأخيرة بلدهم، باعتبار سقوطه “انتفاضة شعب على نظام فاسد” فتلك تمثل “أعلى درجات الحقارة السياسية”.
وتفسيرا لذلك السقوط الكبير، هو ما قاله وزير خارجيتهم عباس عراقجي، بأن ما حدث في سوريا هو جرس انذار للنظام في طهران، موقف يعلن استباقا أنهم سكبوا اللبن الأسدي، عهد وانتهى، بل أن بلد الفرس بدأت في إصدار أوامرها إلى “ادواتها” في العراق بتسليم الأسلحة للدولة، وحل أجهزتها العسكرية وعدم إطلاق أي مسيرات أو صواريخ ضد القوات الأمريكية شمال سوريا أو ضد دولة الكيان، كمقدمة احتياطية لعدم فتح أمريكا والكيان حربا ضد مشروعهم النووي، خاصة بعدما فقدت سوريا وكذا أداتها الأساس في لبنان (حزب الله).
موضوعيا، من حق الفرس أن يبحثوا مصالحهم وحماية دولتهم، ولكن أن تذهب إلى تلك “المواقف الشاذة” فذلك ما يستحق قراءة جديدة من بعض “الأطراف الفلسطينية”، التي كانت جزءا من المحور الفارسي، وأن تدرك أنها لم تكن سوى أداة خدمية لمشروع فارسي وليس مشروعا قوميا أو وطنيا.
إعلان الفرس “البراءة السياسية” بطريقة انهزامية من “النظام الأسدي”، ومنح “البديل” مشروعية ما قام به يمثل “أعلى درجات الانحطاطية السياسية”.
ملاحظة: من طرائف بعض العرب..ما كشفته أول مرأة عربية تصير وزيرة خارجية.. الليبية نجلا المنقوش، في حكيها مع “قناة خديجة”..قالت انها شافت وزير خارجية الكيان “بالسر” واتفقت معه يبقى اللقاء “بالسر”.. ما لحقت تصل بلدها ولقت السر انسر…سر سرك يا شيخ..هو الهبل جيني..
تنويه خاص: متخيلين ان قبل شهر مثل اليوم بشار الأسد حمل حاله وطار عموسكو..ياااه 31 يوم شقلبت الدنيا..ولساتها مشقلبتها لانه سوريا اللي كانت مخنوقة لمدة 54 سنة كسرت الظلام صحيح بس لساته “النور” ما شق من بين جدرانها..آه صحيح يا “بيبي” السوري طلع حقك ريال فارسي..
لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص