كتب حسن عصفور/ ليس جديدا أبدا، اعتبار ما قاله رئيس حكومة “التحالف الفاشي” في إسرائيل نتنياهو، بأن “الاستيطان لا يمثل عقبة في طريق السلام”، فذلك موقفه منذ بدأ يبرز نجما لليمين المتطرف الإرهابي، بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ سبتمبر 1993 بين منظمة التحرير وحكومة إسرائيل، ليقود التحالف الذي قاد عملية اغتيال اسحق رابين نوفمبر 1995، كمقدمة لاغتيال أول عملية سلام حقيقية ممكنة، بين طرفي الصراع، مكملا ذلك بانتخابه مايو 1996 رئيسا لحكومة بدأت سريعا في “فك الارتباط” بالاتفاق، ولا زال حتى تاريخه.
ولكن نتنياهو قفز الى اختراع سياسي ربما لم يجرؤ عليه أي سياسي إسرائيلي قبله، أي كانت وقاحته أو تطرفه، عندما اعتبر أن معارضة “سكن اليهود في الضفة والقدس” (الاستيطان) هو العقبة الحقيقية أمام السلام.
من باب التذكير، ولن نستند الى قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، التي لم تعارضها أمريكا بحق النقض، وقرارات الاتحاد الأوروبي، بل لتنشيط ذاكرة نتنياهو المخزونة بالكراهية لكل سلام ولكل عربي وخاصة الفلسطيني، ان مسألة الاستيطان كعقبة أمام السلام هو مخترع أمريكي، بدأ عمليا صياغته بكلمات مختلفة، منذ مبادرة روجز الأولى 1969، والثانية 1970، ثم ما قبل كمب ديفيد عبر بريجنسكي، ولاحقا معاهدة كمب ديفيد بالحديث عن واقع الضفة وسكانها الفلسطينيين، وأن الاستيطان لم يذكر سوى بإشارات ثانوية، فيما كانت مبادرة ريغان 1982، اكثر تفصيلا في تحديد هوية الضفة الغربية، وأن المستوطنات لا تخدم ابدا الأمن والاستقرار والسلام، بل لا تخدم “أمن إسرائيل” ذاتها، حسب التفسير الأمريكي.
في اعلان المبادئ 1993، أكدت المادة الرابعة على الولاية الفلسطينية للضفة وقطاع غزة، وبأن المستوطنات (وليس الاستيطان والفرق جوهري بينهما) من بين قضايا التفاوض للحل الدائم الى جانب القدس (شرقها وغربها)، وكذا قضية اللاجئين والحدود، وتميز هذا الاتفاق أنه وقع بين الطرفين الفلسطيني (منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي للشعب) وحكومة إسرائيل، ما تكشف أن الاستيطان مع نتنياهو أخذ منحنى تهويدي شمولي للضفة الغربية والقدس.
وفقا لأحاديث نتنياهو، بات مطلوبا من العرب والفلسطينيين أن يدفعوا ثمن “السلام” مع دولة إسرائيل، بل ويقبلوا بجوهر الفكرة التهويدية والتي قد تعود بعد فترة ليست بعيدة، بشعار “أرض إسرائيل من النيل الى الفرات”، وعلى الجميع أن يعتبره تلك “حقيقية تاريخية”.
مقابلة نتنياهو يوم الجمعة 9 يونيو 2023، مع قناة عربية، درس من طراز خاص لفرق الانفتاح الشمولي على دولة الكيان، دون وضع قواعد سيطرة على النزعة الصهيونية الاستعمارية ليس ضد فلسطين فحسب، كما يحاولون بيعها بضاعة فاسدة، ولكنها رأس حربة تتسع كثيرا عن حدود فلسطين التاريخية، أرضا وسكانا، فالعنصرية منهج لا يميز بين عربي وعربي سوى بالرضوخ والهزيمة.
مقابلة نتنياهو، تستبدل جوهر عملية السلام، وأخرها ما جاء تأكيدا في “إعلان جدة” بعد القمة العربية، بالحديث عن “السلام الاستيطاني”، وجوهره قبول تهويد الضفة والقدس وتهجير ما يمكنهم تهجيره من الشعب الفلسطيني أي بـ (السلام التهويدي).
ولذا لم يكن مفاجئة ابدا، قيام عضو الكنيست عن حزب الليكود عاميت هاليفي (حزب نتنياهو) وليس من أتباع بن غفير وسموتريتش، بإعداد خطة لتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، ولتصبح قبة الصخرة مكانا لصلاتهم، وفقا لذات رؤية نتنياهو التهويدية.
أقوال نتنياهو بالسلام الاستيطاني مع تقسيم الأقصى وهدم قبة الصخرة لبناء “الهيكل” مكانها، هو جوهر مشروعهم لـ “السلام التهويدي”.
وبعد، لعل بعض من ساروا في مسار الإدارة الأمريكية، عربا وفلسطينيين” ضد موقف الخالد المؤسس ياسر عرفات برفضه المساس بسيادة البراق فوق الأرض وتحتها، ان يخرجوا ليعتذروا للأمة عامة وشعب فلسطين خاصة، وبأن ما قاله هو الصواب الوطني، ولا صواب غيره.
وتقرير مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية يوم 8 يونيو 2023، حول قيام حكومة نتنياهو بالضم الفعلي للضفة وطبعا القدس، يكشف أكثر حقيقة مشروع “السلام التهويدي” النتنياهوي وتحالفه الفاشي.
ملاحظة: إدارة النعسان بايدن تبحث عن تعيين سفير جديد لها بدولة الكيان العنصري…مع تدقيق في الأسماء المرشحة بتشوف انها كلها يهود..بس واحد مع “التهويد الخشن” والثاني مع “التهويد الإنساني”…هو صحيح ليش لازم سفيرهم يكون يهودي مش مسلم مثلا…وقال أمريكا بدها تحل..يحل وسطكم يا أغبياء القرن!
تنويه خاص: غيلا غمئيل، عملت فضيحة كبيرة في الكيان، ويمكن أول مرة في تاريخ كيانهم بعدما وقعت منصبها كـ” وزيرة الجيش” مش “وزيرة الاستخبارات”..فورا جاء التفسير بأن نتنياهو ناوي يلطش غالانت ومش ناسي له الإهانة..ولسه ياما في جرابك يا بيبي المهم ما تزعل سارة!