كتب حسن عصفور/ منذ أن نجح شعب مصر بالقضاء على الحكم الإخواني في مصر، وتم عزل محمد مرسي وارساله الى معتقل “برج العرب” و”الجماعة الاخوانية في فلسطين – حركة حماس” تعيش حالة من التخبط والعشوائية السياسية لم تعرفها منذ لحظة قرار الجماعة الاخوانية بتأسيس مجموعات للعمل العسكري في أواخر عام 1987، تخبط بكل المعاني السياسية.. فمع الأيام الأولى للثورة المصرية تصرفت القيادة الاخوانية في فلسطين – قيادة حماس، بأن ما حدث في مصر ليس سوى “خدعة تلفزيونية”، وعاشوا لحظات “الوهم الاخواني” بأن ذلك ليس سوى “صناعة تلفزية”، وأن “مرسي عائد الى القصر بعد العصر”، لذا تعاملت مع الثورة بموقف “عدائي شامل” سياسي واعلامي وكانت وسائل اعلامها المنتشرة بأموال قطر وايران تتصرف باعتبارها الناطق الرسمي باسم الجماعة والمعزول..
ولم تقف حدود “الغباوة – الغشاوة السياسية” للقيادة الإخوانية – الحمساوية عند حدود القول ونقل الصورة، بل فاقت من الحماقة حدودا لا صلة لها باي شكل من أشكال الحكمة عندما سمحت لقواتها العسكرية المسيطرة في القطاع، بعمل استعراض عسكري هو الأول منذ تأسيسها، رافعين صور المعزول وشعارات الإخوان، والشعار التركي البديل لشعار الأخوان التاريخي – شعار الأربعة -، معتقدة أن هذا الاستعراض العسكري على طريقة “الفتوة المدرسية”، سيرهب مصر وجيشها الذي يخوض حربا ضد القوى الارهابية، وبعضها صديق لحماس ، حركة صغيرة جدا أعلنت أن قيادة الاخوان الحمساوية وقعت في حفرة أعمق مما تصورت بعض قياداتهم المصابة بكمية من “الحول السياسي اللامحدود”..
وبعد أن “عدى النهار الثوري” في مصر وأصبح حقيقة لا عودة عنها، رغم كل محاولات الحلف الأسود بقيادة أمريكا – تركيا والبلدة قطر وأدواتها، عادت القيادة الاخوانية – الحمساوية في قطاع غزة، للحديث بلغة غير تلك اللغة الأولى، بدأت تدرك أن ثورة مصر أكبر مما ظن أهل ظن السوء بها، وأن الحرب على مصادر النهب المالي والتهريبي المعروفة بإسم الأنفاق “حرب حقيقية” وأن الثروة التي تراكمت بيد قيادات حمساوية وانصارهم لن تعرف تراكما مضافا للثروة على حساب أهل غزة..ولذا اتجهت القيادة الإخوانية الغزية في الحديث مع مصر اعلاميا بأن ترفع الحصار، عبارة تحمل كمية زيف سياسي نادر، لأن الحصار الفعلي اسرائيلي والتشدد المصري على حركة المعبر لأن اخوان غزة تصرفوا كقوة ثورة مضادة لمصر..
منذ أسابيع والقيادي الاخواني اسماعيل هنية يطالب برفع حصار غزة، وبالأمس وفي خطبة الجمعة وجه “نداء الى مصر” يطالبها بالا تكون طرفا في حصار قطاع غزة، ولا ينسى باضافة “حصار المقاومة” باعتبارها الخدعة الجديدة التي يعتقد هنية واخوانه أنها كافية لتحريك العالم للإنتفاضة من أجلهم، “نداء هنية الى مصر” حمل فيما حمل اصرار على البقاء في المربع الإخواني من الثورة المصرية باتهامه أنها “شريك في الحصار”، وهو هنا يقصد بأنها شريك لاسرائيل، ولأن المسألة اليوم ليس تبيان الكذب والخداع فيما قاله، ولكن بحثا عن صفة “المنادي” و”ماهية المنادى”، وهو ما يجب أن يبدأ هنية وجماعته التفكير به لاحقا..
ما هي صفة اسماعيل هنية اليوم التي يخاطب بها مصر، هل لا زال مصرا على مخاطبتها باعتباره “رئيس وزراء حالي”، اي رئيس “حكومة حماس” في قطاع غزة، فلو كان الأمر كذلك فلن تجد رسالته أو نداءه أو صرخاته اي صدى في مصر التي حسمت أمرها نهائيا أن “خطف قطاع غزة هو عمل انقسامي لن تتعامل معه” تحت أي مسمى، ولذا على القيادة الاخوانية في قطاع غزة أن تنسى نهائيا تلك الألقاب التي تمنحها لذاتها تحت شريعة الانقلاب، ولو أرادت أن تصل الرسائل يجب أن تبدأ بصفة تنظيمية وليس بأي صفة رسمية فلسطينية، ومن هنا تبدأ الخطوة التالية، لمن ترسل الرسائل في مصر وما هي صفة المرسل اليه، هل الحديث عن مصر وكأنها باتت بلدا مجهول الهوية، بلا مؤسسات شرعية، لا رئاسة ولا حكومة ولا يحزنون، فلو رغبت القيادة الاخوانية أن لا تقف رسائلهم عند حدود معبر رفح، عليها أن تعيد تعريف المنادى عليه أو المرسل له في مصر، كون عدم التحديد يؤكد أنها لا تزال ترتبط بقرار التنظيم الاخواني الدولي بعدم التعامل مع المؤسسة الرسمية المصرية باعتبارها “سلطة انقلاب وغير شرعية”..فلو كان ذلك “سيد موقف الاخوان الحمساويين” فالأفضل أن لا يُتعب هنية أحبال صوته كل خطبة جمعة مناديا..
العلاقة مع مصر يجب أن تكون واضحة جدا، علاقة حركة بدولة راعية للمصالحة والقضية ايضا، وأن “حماس” لا صلة لها بمنظومة الاخوان في تعريف المؤسسة المصرية، ولذا فهي تتعامل مع “الشرعية القائمة” وليس “الشرعية الوهمية”..بداية لا بد منها لو أرادت حماس أن تخفف بعضا من شروط التعامل معها، وبعدها عليها أن تفعل الكثير كي يمكن أن يصدقها الآخرون..وأن تؤمن أن “خرافة القرضاوي وجماعته بعودة مرسي الى القصر بعد العصر” ليس سوى شعوذة معاصرة!
ملاحظة: ما نشر اعلاميا عن “اللقاء البارد” بين عباس والسيسي لو صح، سيطرح تساؤلات عديدة، عن “اسباب ذلك البرود”..أهو بسبب تلك “المزحة غير الملائمة بنقل تحيات كيري”.. أم لسب فتحاوي – فتحاوي داخلي!
تنويه خاص: من عجائب “حماس” ان تحتفل بنصرها الرباني على العدو الصهيوني في حرب قبل عام، لكنها وسط الاحتفال تجاهلت كليا وثيقتها التي وقعتها مع العدو برعاية المعزول مرسي..الم يكن الاتفاق جزءا سياسيا من “النصر الرباني”..الكذب خيبة مش هيك!