أمد/ كتب حسن عصفور/ كان الاعتقاد أن تتمكن أميركا محاصرة “غضب” دولة الفاشية اليهودية” بعد “الهجمة الاستعراضية الإيرانية” ليلة 13 /14 أبريل 2024، دون أن تترك أثرا ولا ضررا بشريا أو مؤسساتيا، لكن ذلك لم يحدث بشكل كامل نظرا لـ “غطرسة التحالف الحاكم” والمعارضة كل بطريقته لعدم الصمت.
ومع الساعات الأولى لانتهاء “الاستعراض الإيراني” أظهر نتنياهو تجاوبا سريعا مع “نداء الرئيس بايدن” بالصمت والاكتفاء بـ “إعلان النصر”، وهو ما حدث عبر تغريدة كتبها لحظات بعد الطلب الرئاسي.
وفجأة، عادت نداءات ضرورة الرد “المشرف” داخل دولة الكيان، كي لا تنكسر “هيبة” لها ثمن إقليمي، وخاصة بعدما خرجت أصوات من بلاد فارس تتحدث عن “إيران دولة عظمى” وهي مع أمريكا فقط يمكنهما “حل القضايا الشائكة”، وذهب رئيسها رئيسي بالقول الى أن إيران لديها “قوة عسكرية” يمكن لدول المنطقة الاعتماد عليها.
الحديث الإيراني عن مكانة بلاد فارس ودورها كـ “دولة إقليمية عظمى” تبحث “شراكة التفاهم” مع الولايات المتحدة لحل قضايا المنطقة، يعيد التفكير جذريا بما أعلنه وزير خارجيتها عبد اللهيان بعد “الضربة الاستعراضية”، باعتبارها فعل “توبيخي” تم بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة عبر تركيا.
ومع الخروج الإسرائيلي عن “الأمر الرئاسي الأمريكي” بالذهاب الى تحضير عملية رد لم تحدد زمنا ولا طبيعة، خرج وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن بالحديث العلني والمباشر، وبعد “لعثمته بصفته اليهودية الصهيونية” حول عدم التدخل في شأن قرار تل أبيب، لكنه ذهب الى ما هو أكثر تدخلا، معتبرا أن الرد لن يكون في مصلحة أميركا ولا في مصلحة إسرائيل، مشددا على أن “يكونوا أذكياء، ويتصرفوا بشكل استراتيجي في حدود الإمكان”.
والحقيقة مثل تلك “النصيحة الذهبية” لم تخرج من إدارة أمريكية لدولة الفاشية اليهودية بشكل علني وبوضوح فيما يتعلق بإيران، ورغم أنه لم يحدد ما هي الأضرار الاستراتيجية لواشنطن لو حدث الرد الإسرائيلي على مصالح أميركا، وهي التي تملك قواعد عسكرية في المنطقة، في قطر وغيرها، وتحاف استعماري غربي واسع في البحر الأحمر، فيما قد يكون واضحا نسبيا ما هو على دولة الكيان.
“نصيحة بلينكن” لم تقف عند حدود الكلام فقط، بل حملت “تهديدا مبطنا” بقوله ” أن إيران سترد وسيكون من الصعب للغاية تكرار النجاح الهائل الذي تحقق في صد الهجوم يوم السبت، إذا حدث ذلك فأن إيران سوف تطلق مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار مرة أخرى والإسرائيليون يعرفون ذلك”.
رسالة لا تحمل أي التباس، بأن واشنطن لن تقبل أي خروج عن “النص الممكن” لرد يحمل بعضا من إعادة الاعتبار، دون أن يمس جوهريا كرامة الدولة الفارسية أيضا، وليكن ردا استعراضيا مماثلا، ردا برد محسوب ومنسق مسبقا.
لعل القيمة الاستراتيجية للحدث الإيراني أنه فتح باب التدقيق السياسي في الدور التشاركي بين أمريكا وبلاد الفرس، وفقا لتصريحات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حول دورها القادم مظلة عسكرية لدول المنطقة كمظهر جديد من مظاهر “الهيمنة السياسية”.
الرسائل المتبادلة علانية بين أمريكا وإيران، مؤشر نحو وجود معادلة “تقاسم وظيفي” تكميلي بينهما، بعدم أثبت نجاحا كبيرا في العراق، وكذا لبنان، حيث تم مصادر “الدولة المركزية” لصالح قوى طائفية.
“التقاسم الوظيفي” الأميركي الفارسي يمكن استخدامه على الجبهة الفلسطينية، وفقا لتلميحات بلينكن بأن “حماس ربما رفضت صفقة الرهائن لأنها اعتقدت أن الهجوم الإيراني على إسرائيل سيؤدي إلى حرب إقليمية، وإذا رأت حماس أن الوضع لم يتدهور إلى حرب إقليمية، فإنها ستتعرض لضغوط متجددة لدفع صفقة إطلاق سراح المختطفين”.
مفاعيل “الحدث الإيراني” لم تنته بعد، ويبدو أنها لن تقف عند حدود رد ورد مضاد بينها ودولة الكيان، لكنها تذهب لرسم ملامح وظيفية بأبعاد إقليمية، ما لم يحدث “غضب عربي” يكسر التحالف المتنامي”.
ملاحظة: يوم 17 أبريل 2007، انطلق في سماء الفضاء الإلكتروني، “أمد للإعلام”، كضوء جديد نحو رسالة جديدة، موقع حمل منذ الانطلاقة شعار “الاختلاف حق” و”العداء مرفوض”، كان له ثمن كبير..”أمد للإعلام” بدأ أكثر من موقع ..وأقل من صحيفة”، رافضا الذهاب للسبق الخادع والأخبار الجاذبة، نحو ترسيخ ثقافة الحقيقة السياسية الممكنة بعيدا عن الظلامية والانغلاقية الطائفية حزبا أو مذهبا. ..
لكل من وضع حرفا في التأسيس والبناء والاستمرار والدعم الذي لم يكن شرط تحية وتقدير…ولروح أحد مؤسسيه الصديق والصحفي الفلسطيني الكبير الراحل هاني حبيب سلاما خاصا.
نجدد التأكيد بأن “أمد للإعلام” لن ينكسر عن المسار والمسيرة أي كانت ظروف العمل.
ف”أمد للإعلام” وجد ليبقى وينتصر برسالته الخاصة.
لقراء المقالات للكاتب..تابعوا الموقع الشخصي