كتب حسن عصفور/ نشرت وسائل الإعلام تقريرا منسوبا إلى ‘اللجنة الدولية المعروفة باسم بالمر’ أكد فيه هذا التقرير أن ‘حصار إسرائيل لقطاع غزة شرعي وقانوني’، حكم يتناقض مع أحكام دولية وقانونية ودولية، ولعل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ستلاحق هذه القضية لتفضح زيفها وخداعها ‘القانوني’ وعليه سنترك لها حق المطاردة حيثما وجب ذلك، الإعلام بشكل عام اتجه للتعامل مع الفقرة ‘التركية’ بالقرار وردة فعل الحكومة التركية وطرد السفير وتخفيض مستوى العلاقات وغيرها، ورغم أهمية الموقف التركي الذي سيشكل خطوة سياسية في مسار ‘تطويق ‘الغطرسة الإسرائيلية، لكن الأخطر من فقرة ‘مرمرة’ هو ما منح دولة الاحتلال ‘قانونية’ الحصار والتطويق والتجويع لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، إلى جانب ما يحمله ذلك القرار من بعد سياسي، يمنح الدولة الاحتلالية ‘شرعية’ القتل والقصف وملاحقة كل ما تراه غير مناسب لحصارها.. ولكن تقرير النيوزلندي بالمر لا يريد ‘الاستخدام المفرط للقوة’ في عمليات القتل والموت.. يريده ‘موتا رحيما’ ..
التقرير خلق ردودا واسعة داخل المجتمع الفلسطيني، كونه سابقة خطيرة ، سياسية وقانونية، ولكن المفاجأة الكبرى هو الصمت المطبق الذي أصاب ‘الشرعية الفلسطينية’ بكل تكويناتها ( منظمة وسلطة وكياناتها الحكومية)، صمت كامل وكأنها في إجازة خاصة يمنع معها الحديث والكلام، وربما القراءة والاستماع لنشرات الأخبار، صمت يثير الاستغراب والاستهجان، كيف يمكن أن يكون هناك ‘حراك إقليمي’ بخصوص تقرير كهذا التقرير، سواء لجهة ‘شرعنة الحصار والقتل التجويع’ أو لتخفيف ملاحقة الجريمة بقتل متضامنين مع الشعب الفلسطيني فوق السفينة التركية، أي منطق يمكن لـ’الشرعية الفلسطينية’ أن تجده في سكوتها العجيب عن تقرير يشكل خطرا مسبقا لمعركة ‘أيلول – سبتمبر’ القادمة..
كيف يعقل أن لا تجد ‘كتيبة الناطقين’ و’المتحدثين’ والقادة ‘زمنا’ للرد على ما جاء بالتقرير، أليس هناك حق للشعب الفلسطيني أن يعرف أكثر عن موقف ممثله الشرعي – الوحيد وقيادته الشرعية وحكومته ‘الرشيدة’ من تقرير يشكل ‘اختراقا إسرائيليا خطيرا’ لمزيد من حصار قطاع غزة، لماذا لجأت الشرعية الفلسطينية إلى إدارة الظهر للتقرير المميت، وتعاملت معه وكأنه غير موجود، ألا ترى الأطر القيادية أنه كان يجب أن يكون هناك ‘موقف’ مما يجري، لا نطلب ‘حربا ولا معركة ولا قتالا’ فتوفير الطاقات والأسلحة إلى المعركة الأكبر في قادم الأيام ضرورة، ولا نريد أن نحرف مسار الكفاح العتيد عن ‘الاستحقاق الكبير’، لكن ألم يكن يستحق هذا التقرير بيانا من بعض كلمات تقول إنه تقرير ظالم ويشرع القتل والحصار.. بعض كلمات تؤكد أن ‘الشرعية’ لا تزال ترى أن وحدة بقايا الوطن في الضفة والقطاع قضية وطنية ولم تنسها مع ‘زمن الانقسام’ الطويل..
الوقت لم يهرب بعد لتقوم ‘الشرعية’ بكل مؤسساتها بالتعبير السياسي عن خطورة ما أورده ‘بالمر’، وأن تتعامل مع مواجهة التقرير كبروفة سياسية لما يقال إنه ‘مواجهة شعبية كبرى’ يتم تجهيزها لمعركة أيلول، يمكن للتقرير أن يكون خطوة مساعدة لتنشيط وتحفيز أدوات المواجهة لما سيكون، افتراضا أن كل ما يقال من كلام وتصريحات حول ‘المواجهة الشعبية’ لدعم التحرك الفلسطيني القادم حقيقة وليس شكلا من أشكال ‘التهدئة’ مع الشعب الفلسطيني.. حيث أضحت ‘التهدئات’ موضة سياسية لعهد الانقسام الكارثي.. الوقت ما زال للشرعية لتعلن موقفها من موقفها، خاصة بعد أن أعلنت حكومة الطغمة الفاشية في تل أبيب قبولها وترحيبها بالتقرير، أليس مفارقة أن ترحب دولة المحتل بتقرير دولي وهي التي ترفض كل ما تنتجه مؤسسات ‘الأمم المتحدة’ .. وذات المفارقة أن تصمت الشرعية الفلسطينية على تقرير يشكل تقييدا مسبقا لـ’خيارها السياسي’ نحو الأمم المتحدة كون شرعنة الحصار جاء على جزء من ‘الدولة’ التي يتحدث عنها ‘خيار الأمم المتحدة’ ما لم يكن هناك قرارا غير ذلك بأن القطاع له ‘مكانة سياسية’ أخرى..!!! الوقت لم ينته بعد ..بانتظار الموقف الرسمي كي لا تتراكم الشكوك بظنون مزعجة..بالمناسبة لاداعي لتبرير قد يلجأ له بعض ‘المتذاكين’ بأن التقرير الرسمي لم ينشر بعد..فذلك عيب مضاعف..
ملاحظة: الذكاء التركي تجسد خير تجسيد في موقف لطم إسرائيل بضربة سياسية.. في وقت ترضية استراتيجية للناتو بنشر ‘منظومة دفاعات صاروخية’ فوق أرضها.. هكذا يكون الفعل المحسوب..
تنويه خاص: ما زالت الألقاب تلاحق ‘العقيد’، فمن ‘ملك الملوك’ فترة الحكم إلى ‘المجاهد’ فترة المطاردة.. الفاتحة على روح المجاهد عمر المختار..
تاريخ : 3/9/2011م