كتب حسن عصفور/ بات واضحا، أن المسار التطبيعي بين العربية السعودية ودولة الكيان، يسير وفقا لثوابت تتعلق مركزيا بمصالح المملكة، وأن الارتهان بانعكاس ذلك على جوهر الصراع الخاص بالقضية الفلسطينية لن يخرج عما ألمح له الحاكم الفعلي الأمير محمد بن سلمان في اللقاء الشهير مع قناة أمريكية، حيث أشار الى أن السعي لتحسين “شروط” حياة الفلسطيني الاقتصادية، وليس الإصرار بشرطية دولة فلسطينية، وهو ما أكده الوزير الفرحان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر 2023.
وما تلى ذلك من أحاديث هنا أو هناك، لا يمثل حقيقة الموقف السعودي، والذي أبلغه بشكل كامل لوفد الرسمية الفلسطينية، رغم محاولاتها الغريبة لإخفاء المسألة وذهب للترويج لغيرها، اعتقادا أن قادة المملكة لن يكشفوا مواقفهم، التي لم تعد مجهولة أبدا.
كل من يعتقد بشرطية سعودية “دولة فلسطينية مقابل تطبيع كامل”، ليس سوى واهم بالحد الأدنى، وذلك ليس اتهاما بل وصفا لغياب القراءة السياسية للمسار المنطلق والى غير رجعة، وإن تعطل أو أبطأ الحراك، لكنه مستمر، ووضع فلسطين مسألة مركزية ضمنه لا مكانة لها في ظل الواقع القائم، خاصة المحيط العام.
الرسمية الفلسطينية حاولت الهروب من تحمل مسؤوليتها الكاملة بصفتها التمثيلية، وتحديد موقفها في مرحلة حساسة جدا، بل وربما الأخطر سياسيا في ظل النكبة الثالثة التي انطلقت يناير 2006، بدلا من انتظار الآخرين القيام بما عليها هي القيام به أولا، وليس الهروب نحو “أنفاق سياسية ظلامية جديدة”.
في خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر 2023، تجاهل تقديم المطالب الفلسطينية الرئيسية، وذهب لعرض فكرة عقد “مؤتمر دولي للسلام” حول قضية الصراع، وهو يدرك جيدا جدا، وقبل غيره، أنه مقترح هلامي لا قيمة له، ولن يرى النور مع حكومة الفاشية اليهودية، بل لن يراه مع أي حكومة يهودية في المدى المنظور، دون تغيير قواعد المشهد السياسي القائم بشكل حقيقي، والتخلي عن الرضوخ العقلي قبل السياسي للغرب الاستعماري وفي المقدمة منه أمريكا.
أنه وقت كسر كل ما سبق، لو حقا يريد لفلسطين، القضية والشعب خيرا سياسيا وليس استمراره في “ملهاة سوداء”، ينفذها طرفي المعادلة الانقسامية كل بما يستطيع خدمة مصالحية خاصة، بعيدا عن القضية الوطنية الكبرى.
وجب على الرئيس محمود عباس، أن يضع تصورا شاملا للمطلوب راهنا، مستغلا الرغبة الأمريكية الشديدة في اكمال عملية التطبيع السعودي مع دولة الاحتلال، بعدما وضعته جانبا لم تقدم له سوى صفعات متتالية منذ انتخابه يناير 2005، وهو الخيار الذي طالبوه بديلا للخالد المؤسس ياسر عرفات منذ ما بعد قمة كمب ديفيد يوليو 2000، لم يكتفوا بعدم المساعدة السياسية وفقا لمبادرة جورج بوش الابن يونيو 2002، بل صنعوا أخطر نكبة سياسية في الزمن الراهن، ما يعرف إعلاميا بـ “الانقسام” ولاحقا بـ الانفصال”، الذي نفذته حركة حماس بدعم كامل من واشنطن وتل أبيب وتمويل قطري.
وكي لا يبقى الرئيس عباس في دائرة “خداع الشعب السياسي” بما قدمه من عرض “مؤتمر الوهم الدولي”، عليه أن يذهب فورا، الى وضع قواعد الاتفاق الوطني العام موضع التنفيذ، دون أي ارتعاش، ويبدأ من النقاط التي يعرفها أطفال فلسطين:
*سحب الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان فورا.
*إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، بعاصمتها القدس الشرقية.
*اعتبار المجلس المركزي لمنظمة التحرير برلمان دولة فلسطين المؤقت الى حين اجراء انتخابات جديدة يتم سن قانونها خلال 6 أشهر من تاريخ الإعلان نحو إجراء انتخاب برلمان الدولة.
* اعتبار كل وجود لجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية وأداته الإرهابية الفرق الاستيطانية قوات عدو، حق كل فلسطيني مقاومتها بكل السبل المشروعة وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
*اعتبار كل الوجود الاستيطاني غير شرعي وعمل إرهابي.
*تقديم طلب كامل لمجلس الأمن لتشكيل قوات حماية دولية لدولة فلسطين وشعبها، وتقوم بدورالفصل الى حين انتهاء الانسحاب الإسرائيلي من أرض دولة فلسطين.
*وضع قواعد جديدة لأي اتصال مع دولة العدو عبر طرف ثالث، أو تشكيل لجنة أممية تضم فلسطين ودولة الكيان، أقرب للنموذج اللبناني.
*وضع نظام عمل جديد للأجهزة الأمنية بعيدا عن المرحلة الانتقالية، وخالية من مفهوم “التنسيق” السابق مع سلطة الاحتلال.
*العمل على تفعيل بند العلاقة بن دولتي الأردن وفلسطين حسب البيان المشترك الذي صدر نوفمبر 2012 في عمان.
*تقديم رؤية خاصة حول إنهاء الانقلاب في قطاع غزة وعودة الشرعية بالعمل المشترك مع مصر وجامعة الدول العربية.
*طلب تشكيل لجنة عربية رسمية بقيادة الجامعة العربية وتضم مصر، الأردن، رئيس القمة العربية الحالي والسابق الى جانب فلسطين يكون من مهامها:
دراسة مقترح عقد مؤتمر دولي لحل الصراع من كافة جوانبه، ويكون مواضيع البحث: ترسيم الحدود بين الدولتين، مستقبل القدس الغربية بعد الضم القسري لها عام 1948، بحث قضية عودة اللاجئين وفقا لقرار 194.
خطوات الضرورة السياسية لم يعد بالإمكان تأخيرها، لو حقا يراد حماية فلسطين، القضية، الهوية وبقايا وطن، وغيرها سيكون ترسيما لـ “دولة اليهود” فوق أرض فلسطين التاريخية مستثنى منها “النتوء الانفصالي في قطاع غزة”، وجزر منعزلة في الضفة ونهاية عهد القدس برمزيتها الوطنية والدينية.
ملاحظة: عندما تمنع قوات الاحتلال العنصري ممثلين دول أوروبية من زيارة المنطقة (ج) بالضفة الغربي، فهاي رسالة كبيرة للواهمين من الرسمية الفلسطينية الجالسين منتظرين “هدايا بابا نويل للتطبيع السعودي”..بيكفيكم هبل يا عرة الهبلان!
تنويه خاص: سؤال استعلامي ..ما يعرف باسم “تنفيذية منظمة التحرير” هل لا زالت على قيد الحياة أم أصابها “زهايمر” فتم الحجر عليها وعينولها مندوب حرس خاص.. معقول أعضاءها ما عندهم دم ولا إحساس وفاقدين كل ذرات الخجل..شو بيحكوا لأسرهم بلاش لجيرانهم عن همالتهم اللي مالهاش زي..نيلة تنيل كل واحد فيكوا من النهر الى البحر وقليل!