كتب حسن عصفور/ يبدو أن الإدارة الأمريكية باتت في عجلة من أمرها، ما يفوق عجلة حكومة دولة الاحتلال والفاشية بقيادة نتنياهو – غانتس، لطي ملف القضية الوطنية الفلسطينية، وفق مشروع خاص يعيد مظهر “الوصاية” بشكل معاصر، عبر قاطرة الحرب والتدمير في قطاع غزة، كرسالة مباشرة للضفة والقدس، باعتبار أن تحقيق نصرا لهم سيكون آلة “ردع تاريخية” للحركة الوطنية وقواها كافة، بعدم الذهاب بعيدا نحو الأهداف التي انطلقت من أجلها الثورة ومنظمة التحرير لبناء دولة فلسطين ذات السيادة الاستقلالية.
بمتوالية هندسية سياسية، أعلن وزير جيش دولة العدو غالانت يوم الجمعة 20 أكتوبر 2023، للمرة الأولى عن “أهداف الحرب العدوانية على قطاع غزة”، وبمفارقة متلاصقة كشفت وسائل إعلام أمريكية عن تنسيق مشترك بين واشنطن وتل أبيب للبحث في اليوم التالي لتحقيق غايتهم بالخلاص من نظام الحكم الحمساوي في قطاع غزة.
“توافقية زمنية” ليست مفاجئة ولا غرابة بها أبدا، بين ما أعلنه غالانت بأنهم يبحثون عن “إقامة نظام جديد” في قطاع غزة، وما كشفته وسائل الإعلام الأمريكية عن ذات المشترك السياسي نحو قيام “حكومة مؤقتة في غزة” بديلة لحكومة حماس، والتي كانت تنال دعما مباشرا من طرفي المؤامرة الراهنة لما قبل أيام من الحرب التي بدأت يوم 7 أكتوبر، هدف يؤكد أن الحقيقة الرامية لما بعد الحرب يخرج عن نطاق المسألة الأمنية، والقدرة العسكرية المتواجدة في قطاع غزة.
الهدف الأمريكي الإسرائيلي المشترك، لبناء “دولة فيتشي” الغزية رسالة مباشرة للرسمية الفلسطينية أولا، وللرسمية العربية ثانيا، بأن جوهر الحرب لا يقف عند حدود “البعد الأمني” مطلقا، بل يتجه مباشرة الى تغيير كلي للواقع السياسي في فلسطين، وتحديا مباشرا لكل قرارات الشرعية الدولية، التي أقرت قيام دولة فلسطين فوق أرضها المحتلة منذ العام 1967، الى جانب شطب التمثيل الفلسطيني وشرعيته المفترض أنها واقع معترف به، والى حين كان الرئيس عباس “مرغوبا أمريكيا وإسرائيليا”.
الحديث عن تشكيل “نظام سياسي جديد” دولة أو حكومة أو نتوء، رسالة غاية الوضوح بأن التمثيل الوطني الفلسطيني بات غير صلة بتقرير مصير ومسار الشعب الفلسطيني، وما له وعليه وفق الإقرار بما تنتجه الحرب التدميرية القائمة، ما يكشف الحقيقة السياسية، بأنها ليست حربا على “حماس” و”حكومة حماس”، وليست حربا على “الواقع العسكري القائم” بل خلق “واقع جديد انفصالي” بملامح كيانية خاصة، هو أشبه تماما بما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، عندما شكلت النازية حكومة فيتشي الخاصة بقيادة الجنرال بيتان خارج الدولة الفرنسية ليكون أداة تخدم هدف الفاشية الألمانية.
كشف الهدف السياسي الأمريكي – الإسرائيلي حول “إقامة نظام انفصالي كياني خاص في قطاع غزة”، يتوافق تماما مع ما أشار له الرئيس جو بايدن في لقاء مع قناة “سي بي إس” يوم 15 أكتوبر 2023، بحق إسرائيل القضاء على حماس، وأن “حل الدولتين لم يعد موجودا على جدول الأعمال”، ولذا لا يجوز الاستخفاف بما تم إعلانه من وزير حرب التحالف الفاشي في دولة العدو غالانت، وما نشرته وسائل إعلام أمريكية عما سيكون لاحقا.
وبعيدا عن الحقيقة التاريخية بأن رغبات الغزاة والمستعمرين ليست فرضا، لكن ما تم الإعلان عنه وبشكل رسمي من حكومة العدو والإدارة الأمريكية، لا يجب أن يمر دون تفكير فلسطيني جديد، والذهاب الى عملية استبدال “عقلية الانتظار” للخلاص من حماس اعتقادا أنه أسهل الطرق، بخلق “عقلية المواجهة الجمعية” لهزيمة “المشروع الفيتشي الجديد”، لأن انتصاره يعني إزالة “الرسمية الراهنة”، فهي ليست الخيار ولن تكون مالم تسقط كل ما عليها ملابسا وتسير عارية منتظرة ما سيمنح لها لستر بعض من عورة سياسية.
الحرب الراهنة هي حرب على الوطنية الفلسطينية ودولتها الخاصة، وليست حربا على فصيل أو حكومة فصيل…وعلى حركة فتح بصفتها ودورها التاريخي والتأسيسي أن تدرك ذلك قبل غيرها..وأن لا تقع بفخ انتظارية تسويق وهم سياسي مشوه ومشبوه..فما سيكون تصفية لها قبل غيرها..الصحوة الوطنية هي الخيار ولا سبيل غيره لو حقا يراد هزيمة مشروع العدو ونصرة مشروع الوطن.
ملاحظة: من بين مشاهد حرب الجريمة الكبرى في قطاع غزة، أن يخرج طفل يناشد منحه شعرة من رأس شقيقه الطفل الذي قصفته طائرات بايدن ونتنياهو، لتبقى ذكرى منه..تكثيف غير مسبوق لـ “إبداع الحزن” الذي ينتجه الفلسطيني في مسار البقاء نحو الانتصار..
تنويه خاص: مشهد غوتيريش من بوابة رفح، وهو يحاول التظاهر بالحزن والتأثر على ما يحدث جرائم حرب ضد أهل قطاع غزة، يثير الغثيان جدا، ويمكن الشفقة كمان..هيك شخصية قطعت كل هالشوط وهو ما عدنه لا حيل ولا قوة يدخل شاحنة دواء ..الأفضل يروح يشوف له شغله غير هالشغلة.. وبلا منك ولا جماعتك!