أمد/ كتب حسن عصفور/ سجلت كنيست دولة الفاشية اليهودية، اول سابقة في التاريخ المعاصر، عندما أقرت اعتبار وكالة “الأونروا” كمنظمة “إرهابية” يوم 22 يوليو 2024، رغم أنها أحد وكالات الأمم المتحدة ومرتبط وجودها بارتباط حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتطبيق قرار الجمعية العامة رقم 194 من العام 1948.
قرار كنيست دولة الفاشية اليهودية ضد الوكالة الأممية، لا يجب عزله عن قرارها ضد وجود دولة فلسطينية، باعتبارها “تمثل خطر وجودي” عليها، إلى جانب اعتبارها أرض يهودية، وكما قال رأس التحالف الإرهابي الحاكم نتنياهو بأنه لا يوجد “شعب يحتل أرضه”، ما يكثف النظرية التوراتية في الوعي السياسي للحكم القائم في الكيان الشاذ سياسيا.
الخيط الرابط بين القرارين يتمثل في العدائية المطلقة للفلسطيني بذاته، هوية ومشروع، أرضا وحقوق، وأن قضية اللاجئين لا مكان لها في المسار السياسي أي كانت منطلقاته، إعلان صريح بنفي كل حق وفقا لما جسدته قرارات الأمم المتحدة، وأيضا لما ورد في نص إعلان المبادئ (أوسلو) حول مواضيع الحل النهائي في قضية اللاجئين.
قرار الكنيست، رسالة سريعة على فشل السياسة الأمريكية بعد انطلاق الحرب العدوانية لمحاصرة وكالة “الأونروا”، استجابة لطلب التحالف الفاشي الحاكم في تل أبيب، بتقليص الدعم المالي على طريق تجفيفها، خاصة مع عودة دول ذات ثقل مالي سياسي في استئناف تقديم دعم موازنة الوكالة الأممية.
لم يعد مجهولا، إن الحرب على وكالة “الأونروا” عمل مشترك بين أمريكا ودولة الفاشية اليهودية، كمقدمة عملية لتصفية قضية اللاجئين، وتحويل الوكالة من مضمونها السياسي المرتبط بحق العودة إلى منظمة خدمات “إنسانية” بعيدا عن مضمون الارتباط بتطبيق قرار، ولكنها تصبح مرتبط بخدمات آنية تنتهي وفقا لما تراه غير متربط بقرار خاص، واعتبارها موازية لما يحدث مع قضايا كالسودان وبعض دولة أفريقية.
قيام كنيست دولة الكيان باعتبار وكالة “الأونروا” منظمة إرهابية، جاء بعد قياس رد الفعل على قرارها الخاص ضد دولة فلسطين، لتكتشف أن الأمر لم يتجاوز بعض بيانات غادرت المساحة الإخبارية بمجرد أن أعلن الرئيس الأمريكي انسحابه، فبات أخطر قرار فكري سياسي ضد فلسطين حدثا منسيا، لم تقم الرسمية الفلسطينية بأي خطوة عملية ضده، بل ودون مظاهرة شعبية في الضفة والقدس يمكنها أن تكون “رسالة غضب قادمة”، ونقل مساحة المواجهة بشكل جديد.
قرار الكنيست ضد وكالة “الأونروا”، يأتي في سياق الاستخفاف العام الذي مارسته ضد المنظمة الأممية وأمينها العام غوتيريش، ووصفته بأوصاف لا يمكن السماح بها لو كانت دولة غير دولة اليهود، بفضل الحماية الأمريكية المطلقة، مستخدمة السلطة المالية التي تقدمها، باعتبارها دولة المقر.
قرار كنيست دولة الفاشية اليهودية يرتبط بقضية خاصة بشعب فلسطين، لكنه موضوعيا ضد الأمم المتحدة وجمعيتها العامة، استكمالا لسياسة الاستهتار التي تمارسها برفض كل قراراتها منذ 1948 وحتى 2024، وهو تحدي غير مسبوق في التعامل مع منظمة رئيسية من أركانها، ما يفترض أن يكون الفعل على قرار “الشذوذ السياسي – القانوني” قرارا أمميا، كي يؤدي الى وضع عضوية تلك الدولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قائمة البحث، تبدأ بتعليق إلى حين طردها الكامل حتى تعود عما فعلت.
السؤال، هل تقود دولة فلسطين بصفتها الرسمية حركة تعليق عضوية دولة الفاشية اليهودية في الأمم المتحدة، على طريق طردها، أم تمارس هوايتها السائدة ببيان وتغريدة إلى أن يأت قرار جديد.
تمرير قرار كنيست دولة الفاشية اليهودية ضد وكالة “الأونروا” دون خطوة عملية من الرسمية الفلسطينية (لا تنتظروا مشاركة الرسمية العربية) هو مشاركة عملية في القرار، بعيدا عن كل ذرائع مملة.
ملاحظة: سيبقى يوم 23 يوليو 1952 تاريخا لن يتمكن كل أقزام الكون من المساس بجوهره التحرري، بوابة فتحت الباب لحرية شعوب من استعباد استعماري..فكانت المؤامرات اللاحقة لكسر مسارها بتحالف المال الأسود مع العدو الأسود..نجحت هنا وهناك ولكنها لن تزيل الحقيقة التي لن تزول.. الحرية والاستقلال والكرامة..
تنويه خاص: يبدو إن دولة العدو قررت توجيه رسالة بطريقتها للرسمية الفلسطينية ومقرها في “المقاطعة”.. لو برمتوا ضد اللي بيصير اللي جايكم حيكون زي ما صار في “المنتدى” بغزة..شكلهم فهموا الرسالة بسرعة رغم قلة فهمهم الوطنية..
لقراءة مقالات الكاتب..إضغط