كتب حسن عصفور/ في يوم 3 يونيو 2023، استعرضت صحيفة “جيروزاليم بوست” أحاديثا مطولة لرئيس الشاباك الإسرائيلي الأسبق كارمي غيلون، والذي كان مشرفا على الترتيبات الأمنية عشية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين 4 نوفمبر 1995، للخلاص من الاتفاقية التي اعتبرها “الإرهابيون اليهود وغلاة التطرف والكراهية لعملية السلام” بأنها قتلت جوهر مشروعهم التهويدي في الضفة والقدس، بتحالف “سري” مع بعض العرب.
غيلون، المتهم من أوساط أمنية وسياسية بأنه كان طرفا في مؤامرة اغتيال رابين، تحدث وبشكل مطول عن إمكانية اندلاع حرب أهلية في إسرائيل، ومعها عملية اغتيال سياسي، نتاج تسارع نمو القوى المتطرفة الدينية، وتغلغلها في مختلف مناحي الكيان، بل أنها موضوعيا صاحبة القرار المركزي لتسيير عمل الحكومة والتحالف ورئيسه نتنياهو.
حديث غليون، وربما يعلم أكثر من غيره بحكم ما لعبه من دور لتسهيل عملية اغتيال رابين، يقارب الحقيقة، بأن التوتر الحاد والأزمة الداخلية في إسرائيل ستقود الى تنفيذ عملية اغتيال أحد مراكز القوى المعارضة للمخطط الصهيوني الديني، وربما الأكثر خطورة شخصية لهم هو رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد، المفترق في الرؤية والأكثر هجوما حادا من الأطراف المركزية، ضد التحالف والحكومة ونتنياهو شخصيا، رغم أن غانتس ومعسكره الأكثر جاذبية في استطلاعات الرأي، لكنه أقل شراسة سياسية من لابيد.
الاغتيال لم يعد فزورة كما كان تناولها سابقا، بل أصبح الحديث عنها، وكأنه شي قادم لا محالة، وجزء من النقاش ليس رفضا للمبدأ بل لزمنه وشخصيته المختارة، وتلك تعكس عمق الأزمة السياسية التي تعيشها دولة الكيان، بين معسكري التحالف الفاشي القديم، مع بعض قوى التعايش والسلام الممكن مع الفلسطينيين، والأقل عنصرية، ومعسكر الفاشية اليهودية المكثفة بقيادة الأحزاب المتدينة، ومركزها سموتريتش رئيس حزب “الصهيونية الدينية” وبن غفير رئيس حزب “قوة يهودية”.
غيلون اعتبر وجودهما في الحكومة ومقررين لمسارها، بأنه رضوخ لـ “فاشية مسيانية عنصرية”، ما يمثل بوابة لـ “سحق المجتمع الإسرائيلي”، وذلك مؤشر جديد على إمكانية نشوب حرب أهلية، وأكد انه احتمال ممكن ما لم يحدث شيئا يقوده ساسة مختلفون.
عمليا، غيلون، ليس الأول، وحتما لن يكون الأخير، من يتناول تلك المسألتين، الاغتيال ونشوب حرب أهليه، فسبق لرئيس دولة الكيان أن أشار لهما، فيما تناولها مرارا ساسة وقادة أمنيون سابقون، أبرزهم يوفال ديسكن رئيس الشاباك الأسبق، محذرين أن استمرار حكومة “الديكتاتورية” ستؤدي الى حرب أهلية.
في ظل تلك الأزمة الداخلية العميقة، والتي لم تعرفها دولة الكيان منذ قيامها اغتصابا لأرض فلسطين 15 مايو 1948، يلهث نتنياهو في مسارات متعددة، محاولا كسر مسار المأزق الداخلي، مرة بالحديث عن اتفاقات التطبيع مع دول عربية، والعربية السعودية هدفه المركزي، فرغم بعض الإشارات التطبيعية، خاصة السماح لطيران الكيان العبور من الأجواء السعودية، لكنه صدم باتفاق بكين، ثم تطبيع العلاقات مع طهران، ولاحقا عودة الرياض الى باب العلاقة مع دمشق، وترتيبات إقليمية جديدة، أبرزها الأمن البحري في الخليج، واحتمالية تشكيل “تحالف” خارج الرعاية الأمريكية، بين إيران ودول خليجية.
المأزق الداخلي الحاد، والذي يطرق باب “حرب أهلية” واغتيالات سياسية، يضع حكومة “الديكتاتور” للذهاب نحو خيار مغامرة الانتحار العام، بديلا للانتحار الذاتي، وتحت شعار يجد “شعبية” داخل الكيان، فبدلا من “حرب أهلية داخلية يذهب نحو حرب إيرانية”، سواء وافقت أمريكا وسمحت له بذلك، وقدمت له غطاءا أمنيا خدماتيا أم رفضت دون أن تمنع.
هل يطرق “الديكتاتور” باب المغامرة الانتحارية أم يجد من يعرقل مخططه، باتفاق أمريكي وبعض مراكز التأثير في دولة الكيان، كي لا يقودها الى صراع إقليمي ينتج عنه، ترتيبات استراتيجية تتعاكس ومصالحها التاريخية في المنطقة، وخاصة دول الخليج، مع تنامي قوة الغطاء الصيني الروسي..سؤال يبقى قائما رغم “محدوديته” التنفيذية عمليا.
دولة الكيان تتراقص مترنحة بين حرب الداخل الأهلية التي تقترب كثيرا..وحرب خارجية علها تصنع مشهدا جديدا يمنح “تحالف الديكتاتور” عمرا مضافا..تلك هي القضية المركزية راهنا.
ملاحظة: انتهى مؤتمر المانحين بتقديم دعم لـ “الأونروا” بقيمة 800 مليون دولار…تخيلوا الرقم لا يساوي قيمة 3 لاعبين احترفوا بالدوري السعودي… وكسة حزيرانية جديدة في ذكرى نكسة يونيو 67..يا عجايب الصدف!
تنويه خاص: دولة الكيان الفاشي محتارة شو تنصف الجندي المصري اللي نفذ عملية فضحت منظومتها الأمنية..مرة عمل فردي مرة عمل جهادي مرة مش عارفين شو..طيب اقعدوا مع حالكم وخبرونا..بدل هلوستكم.!