أمد/كتب حسن عصفور/ ما قبل الحرب العدوانية على قطاع غزة، وفي شهر أبريل 2023، فتحت أبواب الإعلام العبري حملة مكثفة جدا ضد صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس، بعد اتهامه بالمسؤولية عن إطلاق عدة صواريخ من لبنان على منطقة الجليل، في أول عملية عسكرية صريحة لفصيل فلسطيني، رغم كل ما تحتمله من “حساسية خاصة جدا”.
الحرب الإعلامية العبرية ضد العاروري في حينه، أثارت الشكوك كثيرا، ليس لما يتمتع به من مكانة ودور فهي كلها معلومة، بل وربما كان الأقرب للتوجه الوحدوي في الحركة التي قادت أخطر انقسام وطني في تاريخ الشعب الفلسطيني منذ 2007، ساعد كثيرا مخططات العدو لتمرير مشروعه العام في الضفة والقدس، لكن الحملة في حينه ارتبطت بتطورات خاصة، تسبق ترتيبات سياسية لمشهد بدأ يطل برأسه لما عرف في حينه بمرحلة ما عباس.
وفي شهر سبتمبر 2023، كشفت أجهزة الأمن اللبناني شبكة تجسس خطيرة يقودها الفلسطيني الحمساوي نور أبو معزة تابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، ارتبط بعلاقات وثيقة جدا مع العاروري منذ دخوله الى لبنان 2021، وأقام معه داخل الضاحية لفترات زمنية، كشف أمني أثار ضجة سياسية، لكن السيطرة الأمنية المطلقة لحزب الله تمكن من فرض عملية تعتيم شاملة على تلك الخلية.
الكشف الأمني لخلية جاسوسية، ليس بالحدث المفاجئ، لكنه كان مؤشرا جدا للقادم، وأن العاروري هو الهدف الأول لجهاز دولة العدو، لأسباب مركبة ومتعددة الأهداف، خاصة وأنه كان الهدف المركزي الأول لأجهزة أمن دولة العدو، ما قبل حرب غزة، بدأت الحرب العلنية بطلب رسمي من تركيا بأن تنهي وجوده ومقاره ومهامه من أراضيها، وحققت لها ما طلبت، فكان الخيار بيروت مقرا، ولم تتركه الأجهزة الأمنية للعدو، فكان “أبو معزة” أداتهم التنفيذية للمطاردة الجديدة.
اغتيال صالح العاروري يوم 2 يناير 2024، ليس مفاجئا أبدا، وربما هو وكل من كان قريبا منه يدرك ذلك، لكن المفاجأة الحقيقية هي توقيت الاغتيال ومكانه في الضاحية الجنوبية حيث يعتبرها حزب الله “منطقة أمنية مغلقة”، يفوق سيطرتها عليها ما للمنطقة الخضراء في العاصمة العراقية من تدابير خاصة.
الاغتيال هدفا مباشرا لأمن دولة الكيان، خارج أي مهام لصالح العاروري، تلك هي القضية التي لا يجب الغرق بها، فهو معلوم جدا، وليست عملية استعراضية أمنية كما يحاول “البعض” ترداده بشكل غير ذكي، رابطا تلك بالحرب في قطاع غزة، وما يرونه أنه جيش دولة الكيان لم يحقق أهدافه، في ترداد ببغاوي نادر.
اغتيال العاروري يرتبط ارتباطا وثيقا بالمشهد بعد عباس، وبات الآن بالمشهد بعد حرب غزة، خاصة وأنه المتهم رقم واحد بقيادة “التيار الفارسي” في حركة حماس، وتحالفه السابق مع ما يعرف داخل الحركة بـ “تحالف العسكر” يحيى السنوار، المحور المحسوب بينهم على بلاد الفرس، كانت بعض مراكز القوى في حماس تتحدث عنه علانية، بل بعض من قيادات الحركة أعلنوا “البراءة” من ذلك المحور قبل أن تبدأ حرب غزة، لتختفي تلك الأصوات الرافضة لهم.
اغتيال العاروري، الخطوة الأولى العملية لما بات يعرف بـ”اليوم التالي” للحرب على قطاع غزة، وما يرتبط بها بترتيبات في الضفة الغربية، خاصة وأن دولة الكيان و “أطراف عربية” وبعض من حماس يرونه العامود الفقري للمشروع الفارسي في فلسطين، وتحديدا شمال بقايا الوطن، وحصاره مرتبط ارتباطا وثيقا بملامح “المشهد السياسي” الذي تستعد الأطراف ذات العلاقة، وخاصة الولايات المتحدة لبناء “كيانية مستحدثة”، أو ما تطلق عليه مسمى “سلطة فلسطينية بعد التأهيل –R P A”، دون أن تحدد مكوناتها، وأيضا دون أن تلغي إمكانية مشاركة بعض حماس غير المتهمين بالتيار الفارسي.
اغتيال العاروري، مقدمة دموية لمرحلة “اليوم التالي” لما بعد عباس وبعد حرب غزة، قبل أن يكون اغتيالا للمهام هو اغتيال للمكانة السياسية التي يمثل…وفتح طريق لتركيبة “سلطة ما بعد التأهيل الأمريكي”.
ملاحظة: دخول أمريكا على خط تبرير حرب دولة العدو على المشافي وخاصة الشفاء في قطاع غزة، هو دعم لا يقل عن السياسي والعسكري…ومقدمة استباقية لمحاصرة طلب جنوب أفريقيا للعدل الدولية..يا ريت يا ريت، رغم انها عمرها ما عمرت بيت، ..تصحو يا عرب!
تنويه خاص: بعد استقالة رئيسة جامعة هارفرد الأمريكانية كلودين غاي تحت وابل حملة العنصرية والكراهية بسب حرب غزة..كتير منيح لو تم تكريمها من مؤسسات عربية عريقة تمنحها طاقة حب بأن فلسطين تستحق بما فعلت وأن روح لوثر كينج فرحت..الانسانية عالم أوسع من قوى البغضاء والاستعمار الانحطاطي.