كتب حسن عصفور/ منذ انتشار اقتحام مجموعات من قطاع غزة، قوامها الأساسي قوات حماس العسكرية (كتائب القسام) يوم 7 أكتوبر 2023، وحتى مساء يوم 27 أكتوبر 2023، ما قبل قيام جيش العدو الاحلالي بحربه البرية داخل القطاع غزة، كان المشهد العالمي يعيش حالة صدمة مع ما صدر “أرقاما” حول ما حدث في بلدات إسرائيلية، دفعت بتعاطف سريع دون أي تدقيق أو تحقيق، سوى الاستسلام لرواية تحالف نتنياهو- بن غفير وسموتريتش.
“التعاطف العالمي” مع الرواية الرسمية الإسرائيلية قابله عدائية فريدة ضد الفلسطيني، الغزي بشكل أساس وتحديدا حركة حماس، دفعت الرئيس الفرنسي الى الدعوة لتشكيل “تحالف عالمي ضدها”، ما اعتبره البعض سذاجة سياسية وتسرع غير محسوب.
فيما قابله عربيا، تعاطفا واعجابا شعبيا وصل الى رسم ملامح لمعركة الخلاص من دولة العدو، أو القدرة على فرض حل ما ينصف الفلسطيني، وهي انفعالات عاطفية نتاج “لحظة الاقتحام” وما رافقها من مشاهد خاصة، منحت المشاهد العربي “نشوة اعتزاز” مرتبطة بحجم العداء المخزون لدولة الفاشية اليهودية، لم تجد لها أي فعل تجسيدي سوى “الإعجاب التلفزيوني”.
ولكن، بعد 27 أكتوبر 2023، عندما اقتحم جيش دولة العدو بريا قطاع غزة، وقيامه السريع جدا بارتكاب جرائم حرب، بدأت أنها كانت مخططا مسبقا وليس “رد فعل” كما حاولت حكومة الفاشيين الادعاء، وتساوقت معها الإدارة الأمريكية الشريك الأول بل المحرك الأول للحرب العدوانية على فلسطين وقطاع غزة، بدأ المشهد العالمي يتحرك قليلا من “التعاطف المطلق” مع دولة الكيان وروايتها الى “خفوت الصوت”، والتراجع عن فكرة “التحالف العالمي”، الى أن أوغلت حكومة الإرهاب اليهودي في حجم جرائم حربها وحصارها وما نتج عنه تشريدا ونزوحا، في مشاهد لم تعرفها فلسطين منذ عام 1948.
ومع كل يوم مضاف لمسار ارتكاب جرائم الحرب وعمليات “الإبادة الجماعية” ضد أهل قطاع غزة، ارتفعت حملات التضامن والتعاطف التفاعلي مع فلسطين عامة وأهل قطاع غزة ثانيا، وصلت الى مناطق لم يكن لها أن تتعاطف يوما مع شعب فلسطين ضد دولة العدو الفاشي، مراكز ووسائل بل وبعض حكومات، وأبرز المتغيرات جسدته “قانونا” محكمة العدل الدولية، وما حدث في مهرجان الأوسكار العالمي، حيث حضرت فلسطين وقطاع غزة بقوة فريدة، كانت خبرا تساوى وخبر الفائزين، منحها مكانة إعلامية بيان المخرج اليهودي الفائز بجائزة الأوسكار للمرة الأولى، بيان يجسد قيمة سياسية – فكرية، عندما اعتبر أن “إسرائيل تخطف اليهودية” لترتكب جرائم إبادة جماعية.
مع تنامي حركة التظاهر العالمي، التي وصلت الى قلب العواصم الغربية وأمريكا، تمثل رافعة لفلسطين ورفضا لجرائم الحرب المتواصلة منذ ما يقارب الشهر السادس، مع حركة تجويع وتشريد، كسرت جوهر “رواية المظلومية” التي اختبأت خلفها سنوات طويلة دولة الكيان الاحلالي، أشهر قدمت خدمة لجوهر القضية الفلسطينية بعدما أسقطت كثيرا من “مكياج الضحية” الذي عاشته إسرائيل منذ عام 1948.
ما يجب قراءته فيما حدث تحولا ومقدمة لانقلاب سياسي فكري عاطفي في الوعي الشعبي العالمي، يستبق كثيرا وبمسافات مواقف دول وأنظمة ترتبط بمصالح وحسابات خاصة لدور دولة الكيان في النفوذ الاستعماري والسيطرة الاستغلالية، تعاطف وتأييد ليس مماثلا لما كان في زمن نهوض الثورة الفلسطينية، مرتبطا بالنضال الكفاحي وقدرة الفعل والردع التي خلقت حالة “إعجاب” كان لها أثر كبير في جيل التفاعل التضامني.
فراهنا، جوهر التعاطف العالمي شعبيا مرتبط بفعل “الإبادة الجماعية”، التي تحدث لشعب فلسطين وأهل قطاع غزة، وتلك مسألة لا بد أن يدركها البعض الفلسطيني كي يتم التفاعل السياسي مع التفاعل التضامني بطريقة صحيحة، ولا يرتبط ذلك بما حدث يوم 7 أكتوبر بل عكسه تماما، الذي جلب إدانات عالمية لم تكن للكيان الفاشي، بل لحماس وتحالفها ممن نفذوا الحدث.
كي لا تذهب حركة “التفاعل الإنساني العالمي” ضد دولة العدو سريعا، ولا تبدو كحالة انفعالية تزول بزوال المشهد، وجب التفكير الفلسطيني العام بما يجب أن يكون لمواجهة مرحلة “إبادة سياسية” لمشروع وطني بدأت ملامحها تطل عبر قطاع غزة.
ملاحظة: صمت جهاز المخابرات الفلسطيني عن تصريحات وزير جرائم الحرب اليهودي غالانت، بأنهم يعملون مع مديرهم ماجد فرج لترتيبات “امنية” في قطاع غزة دون رد..يعني أنه الخبر مش “دش حكي”…لو صدق الكلام بيصير عليك العوض يا ضفة قبل غزة..والفهيم يفهم.
تنويه خاص: ليش ما يقوم إعلام الرسمية الفلسطينية بإعادة عرض المداخلات التي قدمها مندوبي الدول والمنظمات ضد دولة الفاشيين المعاصرين في محكمة العدل الدولية..شاشات عرض في كل الساحات تبث كل يوم كم كلمة…بتصدقوا انه مفيدة مليار مرة أكثر من كل برمكم ..برمة تبرمكم يمكن الناس تشوف الخير.