كتب حسن عصفور/ في خطوة يمكن اعبتارها “المفاجأة الكبرى” منذ استلام محمود عباس رئاسة سلطة الحكم الذاتي، بعد اغتيال الخالد ياسر عرفات، خرج علينا أحد أعضاء مركزية فتح، منسق الارتباط المدني، وصاحب الرسالات الأشهر لحصار قطاع غزة، باعلان عن “مرسوم عباسي” يفتح باب التجنيد أمام الشباب الفلسطيني للمؤسسة الأمنية الفلسطينية..
أن يخرج حسين الشيخ، بهذه الطريقة “المسرحية” ليعلن عن مرسوم بهده “الأهمية الوطنية”، ليس سوى تجسيد للخفة السياسية التي كرسها “العهد العباسي” خلال فترته منذ انتخابه يناير 2005، خاصة، وأن مثل هذا القرار الذي يعتبر الأول من نوعه، منذ تأسيس السلطة الوطنية عام 1994، بعد توقيع أوسلو، كان يفترض مناقشتة وطنيا، وفي أطر تمثيلية، سواء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، او مجلس الوزراء، أو حتى في إطار مركزية فتح..
الإعلان بهذه الطريقة، وبعد توقيع اتفاق التصالح، ليس سوى انعكاس للطريقة التي تدار بها الحياة السياسية في الضفة الغربية، كون قطاع غزة لازال خارج نطاق “التغطية الرسمية”، حتى ساعته، والطريقة بذاتها تكشف أن المسألة ليست بحثا عن عملية تطوير في مظاهر العمل للمؤسسة الأمنية، بقدرما هو بحث عن كيفية التصدي لما حدث في قطاع غزة خلال سنوات الإنقسام، ونمو حركة حماس العسكري..
“اعلان” التجنيد المسرحي، بدأ فاشلا حتى في الشكل الإخراجي له، وفضح كمية العورات التي أصابت المؤسسة الرسمية الحاكمة، وفقدانها التركيز والوعي المطلوب لإدارة “أزمتها” التي أصيبت بها بعد اتفاق التصالح، ولنبدأ بتناول المسألة عبر عدد من التساؤلات ، عن ذلك الاعلان المسرحي، رغم انه ليس “جادا”..
*هل هذا المرسوم تم نشره في الجريدة الرسمية، أم أنه لا زال طور الكلام داخل أروقة المقاطعة، حيث لا يمكن تسميته مرسومادون نشر..وإن لم ينشر وتم الاعلان عنه بهذا الشكل، تكون تلك سقطة من سقطات بلا حصر وبلا نهاية لهذا الفريق، الذي يعتقد أن الكلام هو الرد على الكارثة السياسية القائمة..
*هل هذا التجنيد، سيكون إجباريا كما التجنيد المعلوم في دول العالم كافة، للفئات الشبابية، لمدة محددة، أم أنه “تجنيد تطوعي” لمن يرغب به، مقابل راتب محدد..
*هل التجنيد، إجباريا أو تطوعيا، سيكون لكافة أبناء فلسطين داخل الضفة والقطاع والقدس، دون تصنيف حزبي، بمعني التجنيد للهوية الوطنية أم الهوية الحزبية، وعندها من هي الجهة الأمينة على تطبيق ذلك..
*هل التجنيد، إن لم يكن إجباريا، محدد بسن معينة أم هو مفتوح لمن يرغب، وفق قواعد أمنية خاصة، وبراتب محدد..
*هل تسمح قوات الاحتلال بعملية “التجنيد” في الضفة والقدس لمن يحملون هوية السلطة، وفتح معسكرات وتدريب، وهل تم التنسيق معها مسبقا على ذلك..
*هل يستمر التجنيد فقط لأبناء قطاع غزة لو رفضت اسرائيل ذلك في الضفة والقدس، وعندها هل يمكن تسميته “تجنبد وطني”، ام “تجنيد آخر”..
بالتأكيد ستخرج كثير من الأسئلة لو تم تناول هذا الموضوع للنقاش الوطني، قبل أن يصبح مرسوم، ولكن الأهم من ذلك، كيف لمثل هذا القرار الهام، أن يتم اعلانه بهذه الطريقة الساذجة، وكيف يمكن للأطر الرسمية الموافقة على ذلك..
الاعلان بذاته هو اعلان بعدم ايمان عباس بأي مؤسسة رسمية فلسطينية، حتى لجنته المركزية، التي لا تقول له لا في أي قضية أو مسألة..
ولكن، وبعيدا عن تلك الأسئلة، نقف أمام ما قاله مندوب التنسيق المدني مع سلطة الاحتلال، بأنه ” “نريد بناء عقيدة أمنية فلسطينية منسجمة، تحت قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية, والمؤسسة الأمنية حامية المشروع الوطني الفلسطيني واللعب فيها غير مسموح إطلاقاً”.
لم يوضح الشيخ، هل المؤسسة الأمنية المطلوبة ستبقى جزء من “آلية التنسيق الأمني” مع الاحتلال وامريكا، وتقدم لهم “خدمات أمنية” دون علم المؤسسة الرسمية الفلسطينية، بل في خلاف مع قرارها الرسمي، الذي أقره المجلس المركزي الفلسطيني، باعبتاره الإطار الأعلى في غياب المجلس الوطني، حيث قرر بشكل قاطع وقف التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال، وتحديد كل أشكال العلاقة معها منذ نهاية عام 2015..وهي القرارات التي أدار لها رئيس المؤسسات الأمنية كلها محمود عباس الظهر، واستمر في التنسيق وتقديم الخدمات الأمنية للأمريكان، واستحق عليها الشكر العلني من الرئيس الأمريكي ترامب، خاصة ما يتعلق بمعلومات أمنية حساسة عن دول عربية..
يبدو، ان العقيدة الأمنية التي يتحدث عنها الشيخ، هي عقيدة التنسيق الأمني، وعندها هل يصبح التجنيد خدمة لأهداف وطنية أم لأهداف تختلف كثيرا بل وتفترق عن “البعد الوطني”..
مواجهة “الإعلان المسرحي” ضرورة وطنية باعتباره تصد للعبثية السياسية التي تدار بها منظومة العمل، بكل ما تنتجه من مخاطر سياسية كبرى..
ملاحظة: الرئيس المصري السيسي اتصل بالملك الاردني لوضعه في صورة اتفاق القاهرة..الخطوة جيدة ولو تأخرت..كان الأولى كان يذهب عباس بشخصه الى الملك ويضعه في صورة تفاصيل الحدث..لكن الفهم زينة!
تنويه خاص: الفصائل الفلسطينية، عدا فتح، تطالب بالغاء اجراءات عباس ضد قطاع غزة، السؤال رفض عباس الاستماع الى غالبية الفصائل الا يمثل خروجا عن الغالبية الوطنية، لو أضفنا لها حماس والجهاد..عباس وفصيله على هيك اقلية متسلطة!