كتب حسن عصفور/ يبدو أن “عالم الفضائيات” يعيش زمن التسابق مع “عالم التوكتوك” بنشر ما يطلبه المستمعون، موقفا ورؤية وتقديرا، واختراع عالم ما يسمى النشطاء والمؤثرين، ما سمح لانتشار سذاجة سياسية بشكل سريع.
فضائيات تبحث عن سد فراغ زمني، بمسميات مضللة في غالبها، لتمرير ما تعتبره “سياسة إغراق العاطفة الشعبية”، في ظل واحدة من المعارك الكبرى التي يواجهها الشعب الفلسطيني، ضد حرب تقودها فاشية معاصرة تمايزت عن الفاشية الأولى بأنها اقتلاعية و احلالية، تريد اقتلاع شعب لزراعة شعب آخر، لبناء وهمها الكبير المعروف بمسمى “مملكة إسرائيل الكبرى”.
لعل أخطر ما تحاول تلك الوسائل الإعلامية نشره، ما يصدر عن غالبية المتحدثين، بأن دولة العدو لم تحقق أي “إنجاز” لها حتى الآن في حربها العدوانية على قطاع غزة، يتباهون بتردادها بمسميات، خبراء ومحللين واستراتيجيين، صفات يمنحها مذيع يريد “تفخيم” المستدعى للكلام، دون تدقيق لمعنى الكلمات والصفات.
دون الاهتمام لتلك “الألقاب” وغالبها وهمي بلا أصل، فالتسابق الاستنساخي، بتكرار تلك العبارة الغريبة والشاذة، بلا إنجاز للعدو بعد 43 يوما على حربه الشاملة على الشعب الفلسطيني وقاعدته النارية في قطاع غزة، ليس سوى احتقار مطلق لشهداء حرب الفاشية اليهودية، والذين يقدر عددهم حتى اليوم بشكل غير رسمي، بما يزيد عن العشرين الف شهيد ومفقود، وما يفوق ربع مليون جريح مصاب، وأكثر من مليون نازح يستقبله مليون آخر يتحمل نتاج النزوح، وتدمير ما يقارب 45 % من مبان قطاع غزة، وتقريبا مجمل البنية التحتية، وان يعيش عشرات آلاف في خيم نزوج ولجوء داخلي، بلا أي مقوم إنساني، تحت مطر كان فائدته الوحيدة راهنا، أن يكون مصدر ماء ليشربوا منها بدل شرب مياه البحر.
يعتقد البعض، الذي لا يعرف حقا ما هي أهداف العدو من حربه على قطاع غزة، بتكرار تلك العبارة الاحتقارية للثمن الأكبر المدفوع فلسطينيا في تاريخ صراعه مع المستعمرين والصهاينة، بأنه يبحث رفعا لروح الشعب المعنوية في المواجهة التي لا تتشكل أهدافها وفق مسارها العسكري، وليس وفقا لما تم كتابته ما قبل قرار الحرب في واشنطن وتل أبيب، بدأت تتضح بعضها بأنها انتقال المرحلة الانفصالية التي سادات جنوب فلسطين التاريخية منذ يونيو 2007، الى مرحلة جديدة تحت الوصاية اليهودية المباشرة وليس بالوكالة، لمنع القدرة على تأسيس دولة فلسطين، التي دقت أبواب التاريخ في مايو 1994.
بعد 43 يوميا، دفع الشعب الفلسطيني الثمن الأكبر في صراعه مع المستعمرين وأداتهم الحركة الصهيونية، كان لها زرع كيان اغتصابي عام 1948، وتريد الآن اقتلاع أي قدرة على ولادة الكيانية الفلسطينية في أرض فلسطين المقرة وفق الشرعية الدولية، مرتضية بأن تعترف بدولة الاغتصاب شرط الاعتراف بها، لكن ذلك لم يحدث، وجاءت الحرب على قطاع غزة لتعلن أنه لن يحدث بمسار “التصالح التفاعلي”، والذي انطلق في أوسلو أغسطس 1993، وتوقف عمليا في يونيو 1996.
هل تعتقد فرقة “النفخ السياسي” أن تحقيق العدو الفاشي للإنجازات مرتبط فقط بما يتصل بمحمد الضيف ويحيى السنوار، وما غيرهما لا يمثل إنجازا للعدو، وأن احتلال قطاع غزة، وما أصابه “نكبة إنسانية وسياسية”، لا يمثل ذلك الإنجاز المراد…؟!
هل تدرك فرقة “النفخ السياسي” بمقولتها الغبية تلك لا إنجاز لعدو، بأنها تطالب موضوعيا بتكثيف أدواته التدميرية والاغتيالية والاستمرار بها الى أن يحقق “الإنجاز” المراد”…مجموعة تنفخ في بوق “الإبادة الجماعية” تحت نقاب “الانتصار”.
كفاكم هراء لغوي…احتراما للثمن الأكبر الذي تم دفعه خلال سنوات الصراع منذ 1882 تاريخ بناء المستوطنة الأولى فوق أرض فلسطين، حتى أخر قذيفة أزالت أسرة من سجل الحياة…الوطنية لم تكون يوما إشاعة السذاجة السياسية ولن تكون!
ملاحظة: معركة البيت الأبيض ضد مالك “إكس” ماسك حول حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والتحريض الكوني ضده لأنه احترم الإنسان، تأكيد المؤكد أنها حرب أمريكا بأداة إسرائيلية لشطب ما تبقى من قضية فلسطين…مبروك لكم يا عرب “مصداقية راعيكم الأكبر”…كل لعنات الكون لا تكفيكم!
تنويه خاص: يبدو أن دولة العدو نقلت عمليات التدمير والتجريف والتخريب من قطاع غزة الى الضفة الغربية وخاصة مخيماتها…خلال 48 ساعة دمرت شوارع مخيمات جنين ونور شمس بطولكرم وبلاطة…وطبعا كالعادة سلطة الحكم الذاتي المقيد قاعدة بتحسب كم شيكل بدها تطلب تعويض…فعلا يا بخت اللي بالكم فيهم!