كتب حسن عصفور/ في نهاية شهر مايو /أيار 2023، اقرت الإدارة الأمريكية ما سمي بـ “استراتيجية لمكافحة معاداة السامية”، تتضمن أكثر من “100 إجراء جديد لزيادة الوعي بمعاداة السامية، خاصة في حرم الجامعات وعبر الإنترنت”، وتؤكد “التزام الولايات المتحدة الراسخ بحق إسرائيل في الوجود وشرعيتها وأمنها، وتوضح أنه عندما يتم تمييز إسرائيل بسبب الكراهية المعادية لليهود، فهذه معاداة السامية”.
الخطة الأمريكية الجديدة، تمثل في جوهرها أحدث أشكال مواجهة الحملات المتنامية في الولايات المتحدة، داخل الجامعات ومنظمات حقوقية، في مختلف الولايات ضد سياسة إسرائيل وجرائم الحرب التي ارتفعت مع بداية عام 2023، ومع تشكيل حكومة “التحالف الفاشي العنصري” بمشاركة قوى “إرهابية – عنصرية – استيطانية”، وصفتها قوى المعارضة في إسرائيل بأنها تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل كيانهم.
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، التي تعتبر أن انتقاد إسرائيل بمثابة “معادة السامية”، وشكلا من أشكال الكراهية لها، لم يحدد تعريفا واضحا، لجرائم الحرب التي تنفذها قوات جيش الاحتلال في الضفة والقدس وقطاع غزة، وآخرها اعدام الطفل محمد التميمي (عامين)، ونشاطات الفرق الإرهابية الاستيطانية، والتي تصنف بأنها خارج القانون.
الاستراتيجية الأمريكية حول معاداة السامية، وهي تعتبر أن “تمييز إسرائيل بسبب الموقف من اليهود شكلا له”ا، لم تقف مطلقا أمام أن حكوماتها المتتالية، وبالتحديد حكومة تحالف نتنياهو، تعتبر دولة إسرائيل دولة اليهود، والتعريف بذاته، يكشف عنصرية تفوق عنصرية جنوب أفريقيا في زمن الفصل العنصري، كونها تتجاهل كليا أن ما يقارب 23% من المواطنين فيها هم فلسطينيون عرب، لهم حقوق متساوية وفق للقانون الإنساني، فيما تواصل ذات الدولة احتلال أرض دولة عضو في الأمم المتحدة، وتصادر حق شعبها في الحرية التحرر.
وضع إدارة بايدن للاستراتيجية تلك، تمثل دعما ليس لدولة إسرائيل بل للعنصرية والكراهية والبعد الفاشي، والفرق الإرهابية التي يمثلها أطراف في التحالف الحكومة، وهي بذلك تجسد موضوعيا “معادة السامية” بشكل آخر، فدعم الإرهابيون والعنصريون ومرتكبي جرائم الحرب لا يمكنه أن يكون سوى كراهية للإنسانية، وضد القانون الإنساني العام.
المفارقة الكبرى، أن خطة الإدارة الأمريكية تزامنت في ظل أحد أكبر الأزمات التي تعيشها إسرائيل منذ قيامها اغتصابا لأرض فلسطين 1948، حيث تتواصل المظاهرات التي يشارك بها مئات الآلاف للأسبوع الـ 24 على التوالي، تطالب بوضع حد للديكتاتورية التي يمارسها التحالف الحكومي القائم، وتحذر قوى وأطراف مختلفة، من مخاطر نشوب حرب أهلية داخلية، واغتيالات سياسية تعيد للذاكرة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين، الذي اختار السلام طريقا بديلا للاحتلال والحرب، فتم اغتياله من يهود وليس غيرهم.
يوم 7 يونيو 2023، خرج وزير خارجية التحالف الفاشي الحاكم في تل أبيب كوهين، ليوجه صفعة سياسية نادرة من وزير إسرائيلي الى نائب رئيس أمريكي، عندما وصف هاريس نائب بايدن، بالجهل وعدم الوعي والإدراك، بعد ملاحظات أعلنتها، وهي تحتفي بدولة الكيان متجاهلة النكبة الفلسطينية، حول ما يسمى “الإصلاح القضائي”، فكان رده ساخرا ومهينا لإدارة أمريكية بكاملها، بعدما قال ساخرا، هل تعلم هاريس جملة واحدة من تلك الخطة التي تعارضها؟.
تصريحات كوهين، تكشف أن عمق كراهية الآخر أي آخر، ما دام لا يتفق مع جوهر الفكر العنصري، هو القاعدة وليس الاستثناء، ورغم انها صفعة سياسية مستحقة جدا، وفي وقتها المناسب، تذكيرا بأن خطة الإدارة الأمريكية حول “معاداة السامية” هي حماية لكوهين وكل فريقه الفكري – السياسي.
هل ستعتبر إدارة بايدن أن أي أمريكي يقوم بانتقاد أقوال كوهين، شكلا من اشكال معادة السامية، ام تجد لها مخرجا لغويا لتبرير العنصرية والكراهية، التي تضمنتها استراتيجيتها حول “معاداة السامية”.
ومن باب التذكير، تجاهلت الرسمية الفلسطينية كليا، أي موقف تجاه تلك الاستراتيجية التي تمثل حماية مطلقة لدولة الإرهاب والفاشية في إسرائيل، وآليات لمحاصرة حركة نمو التضامن مع فلسطين واتساع رقعتها، خاصة في الجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي، وقوة حركة المقاطعة التي بدأت بفرض حضورها على مؤسسات وشركات كبرى في أمريكا والعالم.
استراتيجية أمريكا الجديدة حول معاداة السامية، هي شكل من أشكال معاداة الفلسطنة والنضال الوطني الفلسطيني، ودعم كامل لـ “الإرهاب اليهودي” و”الفاشية اليهودية”، ما يجب أن يفرض حملة واسعة لمواجهتها، وكسر مخالبها مبكرا.
تشكيل “جبهة وطنية لمواجهة الاستراتيجية الأمريكية” حول “معاداة السامية”، ضرورة سياسية فكرية وكفاحية، حماية للتطورات المتسارعة لمواجهة عنصرية إسرائيل وجرائم حربها، في المجتمع الأمريكي وايضا في المؤسسات الدولية.
ملاحظة: اعتراف نائب رئيس فتح، بتدهور شعبية الحركة، يحمل قدرا كبيرا من الشجاعة، وهو جرس انذار سياسي لما هو قادم…فتح بدها صحوة وصحوة مش من اللي فوق أبدا..لأنهم فقدوا الرؤية والقدرة على التغيير..اصحوا قبل ما يصير الندم بلا نفع ولا منفعة!
تنويه خاص: الخبر الصحفي السعودي الرسمي عن لقاء بن سلمان وبلينكن، كشف أنه لقاء بارد جدا وخال من أي اتفاق على أي قضية مهمة..بيان عدد كلماته أقل من أوصاف الطرفين..يا سلام يا دنيا شوب يصير فيك…يا بلينكن شكلها “بلكنت” معاك!