أمد/ كتب حسن عصفور/ لم يكن هناك “متفاءل” سياسي، يرى ما حدث يوم 7 يوليو 2024 نتائجا لانتخابات الجولة الثانية في فرنسا، بعدما تمكن حزب الفاشية الحديثة (التجمع الوطني)، بقيادة شاب فرض ذاته على المشهد العام، من انحسار مفاجئ للقاطرة التي بدأت، وكل ما كان “أمنية” منع حصولهم أغلبية مطلقة في برلمان فرنسا النور.
ولكن جاءت ساعة الثامنة بالتوقيت الفرنسي لتعلن المفاجأة الكبرى عن كومونة فرنسا الحديثة، ليس هزيمة الفاشية المعاصرة وحزبها فقط، بل انحداره في الترتيب الهرمي الى المرتبة الثالثة، فيما قفز تحالف اليسار متعدد الهوية الفكرية – السياسية، في تحالف ولد كأسرع عملية تحت راية “الجبهة الشعبية الجديدة”، اشتقاقا من الاسم الذي قاد مقاومة بطولية ضد الفاشية الأم خلال الحرب العالمية الثانية.
بعيدا عن تعقيدات التشكل الحكومي القادم وفقا لتوزيع المقاعد البرلمانية في غياب الحسم المطلق، ومع انتهازية حزب ماكرون ويمينيته الغارقة في حرب أوكرانيا وأزمات اقتصادية، وتردده في وضع قاعدة علاقة مختلفة مع القوة الطاردة للفاشية، التي خطفت ربحا صاعقا اليسار الفرنسي، لكن الفوز بذاته يستحق قراءة خارج تلك المعادلة البرلمانية.
اعتبار الحدث شكلا من أشكال التمرد الثوري كما كان يوم 18 مارس 1871، ليس بالمعنى التحالف الطبقي والأهداف الثورية الكبرى التي حكمت أول ثورة عمالية ضد الظلم في أوروبا (كومونة باريس)، استمرت لشهرين، ولكن من حيث قدرتها المفاجئة على حماية فرنسا من مرحلة “ظلام فكري – سياسي” لو وصلت الفاشية للحكم، ما يعيد ملامح الانكسار الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.
نجاح “يسار فرنسا” المستحدث، المختلف عما كان في زمن ما قبل انهيار المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي، مع قوة الحركة الشيوعية أوروبيا خاصة في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، والصراع مع أحزاب اشتراكية مالت كثيرا نحو “الرأسمالية الحاكمة”، تحالف استنبط الجديد الفكري والسياسي وصاغ أحد “اعقد التحالفات” وأسرعها زمنا خلال 10 أيام يمكن القول أنه سبب هزة فرنسا الكبرى.
الدرس الأول من الكومونة الفرنسية المعاصرة، كانت وحدة “أداة المواجهة” بعيدا عن الغرق في “الذات الحزبية”، كون الخطر لن ينتظر لهو الوقت النقاشي، فكانت “الجبهة الشعبية الجديدة”، النقطة الأولى في سطر هزيمة الخطر القادم.
الدرس الثاني لخدمة الكومونة الانتخابية، التكتيك السريع جدا دون اتفاق مكتوب، وفور نتائج المرحلة الانتخابية الأولى، انسحاب كل مرشح ليس له “نصيب” لصالح من له فرصة، وبذلك توحدت قوة فعل التصويت شعبيا، دون حساسية إن الفائز من حزب انتهازي سياسة وفكرا وممارسة، تحالف ماكرون.
الدرس الثالث، النزول الفوري لقيادة حملة من أجل زيادة المشاركة الشعبية في الدورة الثانية من الانتخابات، وتجنيد المهددين من خطر فوز الفاشية، فكانت نسبة الحضور التصويتي رقما قياسيا قارب الـ 67% ما منح قوى اليسار وحزب ماكرون حضورا برلمانيا أفضل.
دورس 3 رئيسية، إلى جانب التفاصيل الكثيرة في أداء قادة الجبهة الشعبية الجديدة، الذين ذهبوا للمواطنين ولم ينتظروهم، كانت حاسمة في تحقيق الانتصار الكبير الذي سيكون “علامة فارقة” في تاريخ فرنسا الحديث بل ولكل أوروبا ومحيطها، دروس يمكنها أن تكون “قواعد وركائز” لكل من يريد العمل لمستقبل سياسي في زمن الخطر السياسي الذي يهدد مستقبل كيان أو قضية أو شعب.
قرار قوى “التحالف اليساري” بأن فرنسا أبية عصية فوق الذات الحزبية، كان مفتاح الحماية التاريخية لدولة أي كان حالها لا تزال تسمى بلد النور السياسي، فلو غرقت في هوامش “التفاصيل” لأغرقت فرنسا في ظلام قد يطول زمنه السياسي قبل أن تعود لو قدر لها أن تعود.
فوز التحالف اليساري في فرنسا يفرح عقل الإنسان فكرا وثقافة، قبل أن يفرح قلبه انحيازا لمستقبل دون سموم الكراهية التي طلت روائحها بحملة لم تخجل، كبشرة خير سياسي لمصير فاشية يهودية تحيط بفلسطين وطنا وشعبا.
ولكن، السؤال الأهم، هل تقف مكونات “الوطنية الفلسطينية” أمام قيمة الحدث الفرنسي علها تدرك مفاعليه التي قادت لهزيمة عدو وحماية وطن..تلك القضية الأبرز لمن يريد قراءة الربح السياسي الكبير.
ملاحظة: شاب عمره 28 سنة كان يمكن يصير رئيس وزراء فرنسا..او رئيسها قريبا.. تخيلوا “عواجيز” النكبة السياسية شو ممكن يحكوا لو فكر واحد في بلادنا يكون “منتخب” مش “وارث” ..أقلها هذا “ولد”.. نكبة تنكبكم قياما وقعودا يا شيخ!
تنويه خاص: تنفيذية منظمة التحرير رجعت عجلتها تشتغل..وهذا خبر منيح..بس الأمنح لو تخلي بيانتها بلغة مفهومة واضحة محددة مش عك حكي.. وانت وشطارتك افهم كانك بتفهم..صراحة بيانها للنسيان..مش غلط تستعينوا بـ “صديق”..!
لقراءة مقالات الكاتب كاملة على الموقع الخاص