23
أمد/ كتب حسن عصفور/ ساعات بعدما أنهت “القمة” العربية – الإسلامية الاستثنائية من أجل “دعم” فلسطين ووقف حرب غزة، بقراراتها الـ 31، خرج رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، ليعلن أنه لن “يسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة الى قطاع غزة”، لأن رئيسها لم يدن ما قامت به حماس يوم 7 أكتوبر، وخاطب الآخرين باستخفاف فريد، بأن مصالحهم تقتضي بالوقوف الى جانبه في “حربه ضد قطاع غزة”.
حديث نتنياهو حول دور السلطة في قطاع غزة، صفعة مبكرة جدا لرئيسها، الذي أدان، عكس الاتهام النتنياهوي، منذ اللحظات الأولى هجمة حماس، بل ذهب لتصريح أثار غضبا شعبيا أجبره على الطلب من وسائل إعلامه على تعديله، عندما وصفها بأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني في محاولة للبراءة الصريحة من عملية أكتوبر، وأيضا، جاء تصريح نتنياهو رسالة علنية بدون أي غموض للإدارة الأمريكية، بأن تكف حول طلبها بوجود دور للسلطة في اليوم التالي لاحتلال قطاع غزة.
نتنياهو، بلا أي ارتباك حدد مسبقا ملامح الحكم الذي يريده في قطاع غزة، عبر منظومة تكون خاضعة كليا للرؤية الأمنية لدولة الكيان، بعيدا عن المسميات التي يمكن استخدامها، ولعل التصريح الذي أكد على كل ما قاله، فتوقيته يضيف “أهمية” خاصة بعد قمة الرياض بكل ما كتبته في بيانها، وكأنه يدرك مسبقا بلا قيمة القرارات التي وصفت كل ما يجب وصفه حول القضية الفلسطينية، لكنها لم تحمل مؤشرا واحدا يمكن أن يضعه في موقع المتسائل لو ذهب بعيدا، ليس في حربه العدوانية فحسب بل في مخططه لرسم مستقبل سياسي للشعب الفلسطيني.
أن يكرر نتنياهو، موقفه بأنه سيكون صاحب القرار القادم في الحكم على قطاع غزة، أي كان المدير التنفيذي، فتلك رسالة ليس فقط متعلقة بالقطاع وما سيكون، بعيدا عن كل ما تعلنه الولايات المتحدة، بل هي رسالة أكثر وضوحا حول الواقع في الضفة الغربية والقدس، بعدم منح السلطة ورئيسها أي صلاحيات مضافة لما لها في الوقت الراهن.
نتنياهو، لا يحدد فقط ملامح الحكم في قطاع غزة، بل يؤكد بشكل قاطع أن مشروع التهويد والضم، الذي يشرف عليه الوزير الإرهابي المستوطن سموتريتش، هو القادم الذي سيكون قاعدة للتقاسم الوظيفي، وفقا للمشروع التوراتي التهويدي، ما يرسم واقع الكيانية الفلسطينية داخل مناطق بالضفة، خالية من أي مرور على الحدود مع الأردن، وفاقدة أي بعد سيادي أمني وجوي، وتجريدها من الحضور بالقدس، وربما يتمركز النقاش بين دولة الكيان والأردن حول “ساحة البراق والحرم القدسي”، وبما يراعي التقسيم الزماني والمكاني.
تصريح نتنياهو، أغلق الباب كليا أمام “المطلب الغريب” حول عقد مؤتمر دولي للسلام، ومعه قبر كليا مفهوم البعض حول تعبير “حل الدولتين”، وتجاوز كل الخطوط السابقة في بقايا اتفاقات موقعة بين منظمة التحرير ودولة الكيان، وبدأ في صياغة مشروع حل الحاقي وتبعي في الضفة وقطاع غزة، دون حسابات لأي غضب من إدارة بايدن، مستندا الى القيمة الكبرى لحربه على قطاع غزة في خدمة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ومواجهة “تمرد البعض العربي” و “تمدد النفوذ الصيني والعودة الروسية”.
هل تدرك “الرسمية الفلسطينية” و”الرسمية العربية”، بأن الحرب على قطاع غزة ليست ردا على عملية 7 أكتوبر، أي كان التقييم لها، ما بين بطولة مطلقة أو حماقة مطلقة، فتلك ليست القضية راهنا، بل جوهر الحرب وصناعيها، بأنها حرب على المشروع الفلسطيني بكامله، والأساس في الضفة والقدس قبل القطاع.
هل تدرك “الرسمية الفلسطينية”، بأن كل ما حدث ليس حربا للخلاص من حماس وحكمها السياسي والعسكري، وأن بقائها على قارعة الطريق تنتظر ما سيكون ليس سوى وهما كامل الأركان، وسيزيدها عزلة وحصارا وفقدان لأي أثر وتأثير، وتدفع للتفكير لطي صفحتها باعتبارها غير ذي صلة، ولا خيار لها سوى أن تتذكر بأنها ممثل شعب منحها سلطة التعبير عنه وليس سلطة مصادرة حقه.
الرهان على قمة الرياض وقراراتها الـ 31 لتغيير مسار الحرب العدوانية، وهم مضاف كونها قرارات خالية من “الأسنان”، تجد مكانها في مراكز أبحاث ودراسات أكاديمية وليس لمنع جرائم حرب ووقف عدوان ومنع تصفية قضية ومشروع وطني..قرارات للذكرى السياسية وليس للفائدة السياسية.
ملاحظة: الرئيس عباس وخطابه في قمة الرياض تم تلخيصه في “بدي مصاري” وبدي تساعدوني أحكم..باختصار كان “متسولا ماليا ومتوسلا سياسيا” فخرج من القمة بلا حمص ولا فلافل!
تنويه خاص: كم هو مفرح جدا أن يخرج أكثر من الـ 300 ألف مواطن في بريطانيا ليكسروا راس رئيس حكومتها المستعمر سوناك قبل أن تذل نتنياهو، رفعت صوتها بأن هتلر يخجل منك يا بيبي دون أن تصاب بخوف وهلع..وكم هو محزن أن يحسب البعض العربي كل حرف كي لا يخدش شعور ذاك الفاشي…فلسطين كتير اعمق بحضورها في الوجدان الإنساني مما يتخيل “المارون في الكلمات العابرة”..!