أمد/ كتب حسن عصفور/ في 13 نوفمبر 2023، عاد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون الى منصب وزير خارجية في حكومة سوناك، بعد أزمة وزير داخلية ضد متظاهرين مؤيدين لفلسطين ورفضهم لحرب الإبادة ضد قطاع غزة، التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية.
ولم يمر التعيين كما غيره من مناصب طالتها الحكومة البريطانية، حيث اعتبرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية تلك الخطوة بالعودة المفاجئة، دون أي إشارة للأسماء الأخرى في التشكيل الجديد، والذي فتح الباب لاجتهادات متفرقة، توقيتا ومضمونا.
ولم يترك الوزير البريطاني كاميرون مساحة من الوقت للأسئلة، حيث كشف مبكرا أن جوهر حركته القادمة سيكون الشرق الأوسط وتحديدا القضية الفلسطينية والحرب على قطاع غزة، باعتبارها النقطة النارية في المنطقة، ومنها تبدأ حركة التغيير القادمة.
كاميرون، تحرك سريعا وبدأ يعيد صياغة قواعد التعامل السائدة، تجاه المنطقة التي كانت “إمبراطورية للمستعمر البريطاني” في زمن ما قبل الحرب العالمية الثانية، وقبل الغزو الاستعماري الحديث الذي قادته الولايات المتحدة، منطلقا من جوهر الصراع فلسطين.
وبشكل بدأ وكأنه “انقلاب سياسي” وضع كاميرون جملته التي أصبحت عنوانا عاما لما سيأتي لاحقا، ضرورة التفكير بالاعتراف بـ “دولة فلسطينية” من أجل الدفع بحل الدولتين، ما اعتبره الكثيرون “تطورا نوعيا في التفكير السياسي، وصياغة جديدة للمعادلة الأمريكية السائدة دوليا، بل وعربيا “حل الدولتين”، منذ يونيو 2002 عندما تقدم بها الرئيس الأمريكي فما عرف بـ “رؤية بوش”.
الصياغة الكاميرونية الجديدة، أو التعديل الصياغي للشعار الأمريكي، وجد تجاوبا سريعا، بل ويمكن اعتباره برقيا في عالم السياسة المحافظة لدول تقيس موقفها مع دولة الفاشية اليهودية بميزان سياسي خاص، صنع لها وحدها لا يستخدم لغيرها، أي كانت ظروف الحراك.
وكان لافتا، أن الخارجية الأمريكية أعادت توضيح موقفها (الذي غاب سنوات طويلة) حول الدولة الفلسطينية، بعد انطلاقة كاميرون المستحدثة، بأنها تدرس خيارات “الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، في سياق المستجدات لما بعد حرب غزة نحو ولادة “استقرار سياسي ” في المنطقة.
خطة كاميرون أو معادلته السياسية المشتقة من الرؤية الأمريكية، دولة فلسطينية مقابل تجريم حماس سياسيا وعسكريا تبدأ من قطاع غزة، بل وتشترط طرد ما يمكن طرده من قادتها وكادرها الحيوي الى خارج القطاع، تجاوب معها دول متعددة، ربما هو التجاوب الأسرع لموقف سياسي منذ سنوات طويلة.
المعادلة الجديدة، دولة مقابل رأس حماس السياسي – العسكري، تعيد شرطية بوش الابن عام 2002، في زمن ترتكب به دولة الكيان حرب إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، وفي مشهد إزاحي للمكان والسكان داخل قطاع غزة لم يسبق له مثيلا، فبات تسميته بـ “أم النكبات” حقيقة واقعية، ما يعتقد البعض أن ذلك سيكون القاطرة التي ستدفع نحو الذهاب للتعامل الإيجابي مع الخطة الكاميرونية ومعادلته بطرق مختلفة.
خطة كاميرون ومعادلته حول القضية الفلسطينية هي الأكثر حيوية في المشهد السياسي العام، خاصة وأنها تتزامن مع تطور عسكري – سياسي خرج عن نطاق حرب غزة، فيما بدأ يتم تعريفه بـ “مخطط بايدن” لشرق أوسط مختلف في ظل حرب متعددة الرؤوس بسوريا والعراق والبحر الأحمر، تهدف لصياغة “إقليمية جديدة” استباقا لتغييرات دولية شاملة في المنطقة وحولها.
معادلة كاميرون حول دولة فلسطينية مشروطة، تصبح سريعا جدا، قاعدة انطلاق للمشهد القادم الذي ينتظر مآل خطة بايدن الإقليمية، وأثرها على النظام السياسي في دولة الكيان، والقدرة على تغيير التحالف الفاشي القائم بتحالف يتساوق وجوهر الصفقة البريطانية – الأمريكية الجديدة، والذي بدأ التمهيد له عبر حملات إعلامية مكثفة في داخل الكيان وخارجه، لتكون النهاية موازية لـ “الصفقة البايدينة” مع إيران في لبنان والعراق والبحر الأحمر، ولملامح “تطبيع موسع” قلبه النابض العربية السعودية.
التفاعل الإيجابي السريع مع “خطة كاميرون”، وخاصة من الرسمية الفلسطينية يتطلب تفكيرا أكثر عمقاـ كي لا يتكرر ما كان عام 2002- 2003، ووضع قواعد واضحة وأسئلة محددة تنطلق من جوهر قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، وأن لا يكون طبيعة النظام السياسي الفلسطينية رهنا بشرطية استعمارية حديثة.
“وعد كاميرون يحمل كثيرا من “سموم سياسية” ما يتطلب “التطعيم السياسي المسبق”، والاستفادة من الاندفاعة المشروطة كي لا تؤدي الى نفق متاهي جديد، يعيد ملامح “وعد بلفور” القديم.
ملاحظة: ارتباك موقف حركة حماس من الرد على مقترحات “لقاء باريس” بات عنصر ضغط سلبي فوق ما الحالة الغزية كلها صارت سلبي..وكل التبريرات لتبرير الحالة مش مبررة خالص…التذاكي مش دايما فعل ذكي..تيقنوا من هيك!
تنويه خاص: رغم نفي البيت الأبيض “كلام عيب خالص” قاله الرئيس المنعوس بايدن عن نتنياهو مش صادق ابدا..هي بداية حملة جوا ويره بتقول لنتنياهو بأنه خلاص قرفتنا حالنا ولازم تحل أو بتنحل..غضب الكبار مش سهل مرات يا أدوات..انتبهوا!