كتب حسن عصفور/ بعد فضيحة “تسريبات كيريعن تفهم الرئيس محمود عباس لأسباب حكومة نتنياهو لعدم ايقافها الاستيطان”، وانتهاء حملة “المؤسسة الأمنية وراوفدها” للتغطية على تلك الحقيقة السياسية، وتصريح وزير خارجية فلسطين بعدم “دقة ما نشر” دون أن يقول ما هي التصريحات الدقيقة”، لم يجد “فريق التفاوض” سوى البحث عن طريق آخر، عله يكون أكثر جدوى من “حرب دينكشوتية” ضد فضيحة “التسريبات الكيرية”، فكانت لغة التهديد التي تعود عليها شعب فلسطين، مع كل “زنقة سياسية” لفريق “خيار المفاوضات بلا ثمن”..
فبعض “اركان القيادة السياسية” عاد للتهديد بالتصعيد في حال لم تتوقف اسرائيل عن نشاطها الاستيطاني، ولم يتم الاتفاق بعد على موقف موحد لذلك التهديد، فكل يقول ما يعتقد أنه سيكون “تهديدا مؤثرا”، فالبعض يتحدث عن امكانية الذهاب الى المحاكم الدولية لملاحقة الاستيطان باعتباره جريمة، فيما يرى آخرون أن العودة الى الأمم المتحدة خيارا مفتوحا ضد النشاط الاستيطاني، وآخر تلك التهديدات غير المحددة أو الواضحة، هي الحديث عن اللجوء الى كل “الوسائل الديبلوماسية” لحماية الأرض الفلسطينية..
أما التهديد الكوميدي الابرز جاء من خلال “تسريبات” قام بها فريق التفاوض بالحديث عن تقديم استقالته من اكمال المفاوضات احتجاجا على سير المفاوضات “العبثية”، تسريب كوميدي لا أكثر، لأنه جاء من خلال قناة اسرائيلية، ولم يكن عبر وسيلة اعلام فلسطينية بصوت جهوري، او وكالة اعلام عالمية يمكن الاعتداد بخبرها، لكن اعتماد وسيلة اسرائيلية لتسريب ذلك ليس سوى محاولة للتلاعب بالرأي العام، ورسالة استجداء خاصة، للراعي العام بأن يفعل ما يمكنه من أجل حفظ ماء وجه الفريق المفاوض..
نلاحظ من كل التهديدات أنها تجنب الحديث عن العودة للشعب الفلسطيني باعتباره صاحب الولاية على القرار الوطني، وان طريق المواجهة الشعبية جزء من “خيارات الفريق التفاوضي”، قبل الحديث عن “تصعيد كلامي”، ومع تغيبب قيمة الموقف الشعبي للرد على أخطر مشروع استيطاني – تهودي في الضفة والقدس، نرى أن تلك “التهديدات” ليس سوى جزءا من حملة علاقات عامة، هدفها الرئيسي التغطية على الفضيحة الكبرى التي كشفها الوزير الأميركي بالتفهم الرسمي الفلسطيني لاستمرار الاستيطان، والثمن المقبول لصفقة العودة لطاولة التفاوض، واستجداء للراعي الأميركي بأن يتدخل قبل أن يحدث ما لا يحسب عقباه، من انتفاضة شعبية تخرج عن كل الحسابات، رغم السيطرة الأمنية المشتركة، والقبضة الحديدية التي تسود في الضفة الغربية، ويمكن قراءة مقال رئيس الشاباك السابق التي تتحدث عن “ربيع فلسطيني قادم” كمؤشر على ما قد يكون..
“تهديدات” فريق التفاوض بالتصعيد أو الاستقالة، لا يمكن اعتبارها امكانية فعلية، فمن يريد الفعل لا يهدد ابدا، خاصة بعد أن كشفت حكومة نتنياهو عن مخططها الأخير لبناء ما يقارب الـ4000 وحدة سكنية استيطانية في الضفة والقدس، وضم اراض مقدسية الى مستوطناتها كمقدمة لاعادة العمل في المشروع الاستيطاني المعروف باسم مشروع (إي 1 – E1)، الى جانب ما كشفته مؤسسة الأقصى من تحضيرات يهودية لتقسيم “الحرم القدسي الشريف” كما “الحرم الابراهمي” بين وقت للمسلمين وآخر لليهود..مشاريع لن تتوقف والسلطة تعرفها، كما قال نتنياهو ردا على كلمة “عباس” بأن “الاستيطان باطل”..
لو أرادت السلطة ان يصدقها الشعب الفلسطيني فعليها المسارعة فورا بتعليق الجولات التفاوضية المقبلة، ثم تدعو الى لقاء وطني عام بحضور الفصائل كافة، بما فيها حركتي حماس والجهاد، لبحث المستقبل في ضوء التصعيد الخطير ضد الأرض والمقدسات، وأن تستعد لصياغة موقف واضح لتسليمه للوزير الأميركي جون كيري في زيارته المقبلة، بأنه لا يمكن العودة للمفاوضات في ظل استمرار هذا الخطر المهدد للأرض والمقدسات، موقف لا يهمل المواجهة الشعبية والمواجهة السياسية باعتبارها المعادلة التي يمكنها أن تشكل عناصر الرد العملي على مشروع دولة الاحتلال..
أما الاكتفاء بلغة الكلام التهديدي، أو بعثرة التسريبات عن استقالة فريق تفاوضي، دون أن ترتبط بقوة فعل سياسي ضمن رؤية وطنية عامة، والابتعاد عن سياسة “الانكفاء الفتحاوية” لادارة العملية السياسية الراهنة، فتلك لن تكون سوى “لعبة مخادعة لاستمرار التفاوض السقيم”..البداية من بيان واضح وصريح من القيادة تحدد الخيارات دون غموض أو مناورات تهديدية فارغة..فالطريق للرد معلوم جدا لو أن الرد العملي هو جزء من “خيارات فريق المفاضات الى الأبد”..
وللفريق المفاوض، من يريد الاستقالة لا يلجأ لوسيلة اعلامية اسرائيلية، فطريق الاستقالة واضح جدا..مؤتمر صحفي تعلن به الاستقالة الفردية مسببة وبلغة يفهما كل فلسطيني.. ولكن طريق التسريبات تلك ليس سوى محاولة لـ”إستغباء الناس” في “بقايا الوطن”، وهم أكثر ذكاء وعلما مما تعلمون..والأيام القادمة ستريكم رد فعل على من “يستغبي شعب لن يسمح باستغبائه مهما طال الزمن”..
ملاحظة: يبدو أن دولة الاحتلال لجأت للقيام بعمليات تسلية خاصة..ترسل قواتها الى داخل قطاع غزة لتكتشف أن هناك قوة “قسامية” في الانتظار ويحدث ما يحدث..ولكن هل حقا حماس واسرائيل يبحثان عن “مواجهة” ..قادم الأيام سيكشف الحق من الباطل..
تنويه خاص: من العيب السياسي والاخلاقي أن تسارع مالية السلطة لسداد ديون الوقود الى اسرائيل كي لا تقطع عنها الوقود..بينما تقف متفرجة على قطع الوقود لكهرباء غزة..عيب جدا وبعض الخجل لو كان للوطنية مكان!