أمد/ كتب حسن عصفور/ قد يبدو أن الأمر “مصادفة زمنية”، أو “مصادفة سياسية”، أن تفتح أجهزة الولايات المتحدة أبوابها لتتحدث عن قضايا مرتبطة بشكل مباشر بجرائم حرب ارتكبها جيش دولة الفاشية اليهودية على الهواء، وأمام العالم بأجمعه، نشرت غالبية وسائل الإعلام الأمريكية مشاهد منه، وتقارير وصفتها تلك الوسائل، بأنها حرب إبادة لا مثيل له في سابق العصور والحروب.
الإدارة الأمريكية، التي يقودها الرئيس الصهيوني بايدن، ووزير الخارجية اليهودي الصهيوني بلينكن، وبشكل مثير جدا، أعلنت عبر مسول مخابراتي “كبير”، بأن حركة حماس استخدمت مستشفى الشفاء في قطاع غزة كمقر لقيادة عملياتها “العسكرية”، وكذا لاحتجاز الرهائن، فيما خرجت الخارجية الأمريكية يوم 3 يناير 2024 بتقرير مفاجئ، يشير الى عدم وجود أدلة بقيام الجيش الإسرائيلي بارتكاب أعمال إبادة جماعية خلال عملياته العسكرية داخل القطاع.
ربما، يعتقد البعض، أن بيان المسؤول الأمني والسياسي الأمريكي يأتي في سياق “التقليد” الدفاعي عن جرائم دولة الكيان المتلاحقة، لكن الواقع يشير بأن ذلك يمثل “مقدمة عملية” لشن حرب واسعة بدون ضجيج، حول الدعوة التي رفعتها جنوب أفريقيا في ديسمبر 2023 إلى محكمة العدل الدولية، حول ضرورة معاقبة دولة الكيان لقيامها بارتكاب عمليات “إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة.
أمريكا، والتي لم تجد “قوة فعل عربية” للطلب الجنوب أفريقي، ستعمل بكل سبلها لمنع استمرار بحث العدل الدولية فيما تقدمت به، وبأن تنهي الأمر قبل انطلاقه، وخاصة وأن الشواهد المتوفرة تشكل أدلة إثبات قطعية لقيام حكومة التحالف الفاشي بارتكاب جرائم حرب جماعية، وقيامها بارتكاب عمليات إبادة جماعية، وفقا لأدلة موثقة، وشهادات وسائل إعلام، وتقارير منظمات حقوقية دولية، ومنها أمريكية، الى جانب مسؤولي الأمم المتحدة المختصين بحقوق الإنسان.
الولايات المتحدة، تدرك يقينا أن ما يوجد من تقارير حول جرائم الحرب والإبادة الجماعية، تفوق جدا كل ما يمكن أن يطلب للمحكمة من أدلة وشواهد، وهي أضعاف مضاعفة لما كان في عام 2008 الحرب التي أدت لتقرير غولدستون عام 2009، حيث أكد بشكل قطاع قيام تل أبيب بارتكاب جرائم حرب في حينه.
تدمير ما يقارب من 80 % من مباني قطاع غزة بشكل كلي أو جزئي، وتشريد ما يقارب من مليوني من سكان القطاع الى مناطق “عراء” وغير آمنة بمسمى أماكن الإيواء، وقيام جيش حكومة الفاشية بعمليات قصف لمربعات سكنية، أدت لقتل المئات في لحظات، ومجمل من سقط معلوما يقارب الـ 23 ألف مواطن، مع مفقودين يفوق الرقم، عمليات حدها الأدنى جرائم حرب بدائية، فما بالنا وهناك عمليات استئصال لمربعات سكانية بشكل كامل.
في شهر ديسمبر 2023، خرج مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووصف الدمار واسع النطاق الذي سببه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بالدمار الذي لحق بالمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، قائلا إنه قد يكون “أكثر كثافة”، و”حملة القصف في القطاع كانت بالفعل واحدة من أكثر الحملات كثافة في التاريخ”.
شهادة شخصية حملت لواء الدفاع عن دولة الكيان طولا وعرضا، ولكنه لم يحتمل أن يغمض عينيه عن جرائم العصر، خلافا لبني صهيون في البيت الأبيض، وتلك شهادة سبقت جرائم إبادة علنية في مربع الشجاعية والنصيرات، عندما تم إزالة مربعات سكنية بمن فيها.
في 22 ديسمبر 2023، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، والمدافعة جدا تاريخيا عن كل ما قامت به دولة الاغتصاب والجريمة، تقريرا شاملا استند الى تحليل صور الأقمار الصناعية، وصفت الدمار في غزة بأنه يفوق كل الصراعات الأخرى..ويرسم صور مؤلمة للحياة الإنسانية، مع نشرها وقائع تعتبر في علم بدائيات القانون الإنساني جرائم حرب، أقلها ما وصفته بـ “التهجير القسري” الداخلي الفاقد لأبسط مقومات الحياة.
واستباقا لقدوم بلينكن، ومحاولته الضغط على دول عربية وبالتأكيد على الرسمية الفلسطينية، يجب التحرك السريع لدعم الطلب الجنوب أفريقي لاستمرار محكمة العدل الدولية في عملها، وخاصة بعدما حددت جلسة نقاش لذلك يوم 11 يناير الجاري، وخاصة أنه لم يلمس “زخم عربي رسمي”، بل هناك عملية صمت تثير الريبة السياسية من الموقف العربي والجامعة العربية حول طلب جنوب أفريقيا.
الشواهد على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية في قطاع غزة، لا تحتاج “شهادة بني صهيون في البيت الأبيض”، لكنها تحتاج قوة ردع مقابلة للحرب الأمريكية الناعمة ضد دعوى جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية.
ملاحظة: قضية أموال المقاصة ستكون “بيضة القبان” اللي حيستخدمها الصهيوني بلينكن في حديثه مع “فرقة المقاطعة”…يعني “مال موهوم مقابل صمت معلوم”..وبعدين بيطلع واحد منهم بيقلك ممثل ووحيد وبلاش حدا ينساهم… لمتى “البين” حيضل ناسيكم.. لو يستعجل بيعمل خير لفلسطين.
تنويه خاص: معلقة ممثل الفرس في لبنان بعد اغتيال العاروري تشير وكأنه خلص من “هم” كان ممكن يصير لو استمر صالح حيا..خاصة بعد الحديث عن “طوفان الأقصى في لبنان” وفتح مكاتب ومحلات جمع مصاري…لهيك قالك أجت منهم وخلصنا..خبثهم نادر يا نوادر القرن في الانخداع!