كتب حسن عصفور/ هرب “فريق محمود عباس” من كشف الحقيقة السياسية، وما طلبه الرئيس الأمريكي منه في اللقاء الأخير في مدينة بيت لحم، بوقف رواتب الأسرى والشهداء وأن تلك قضية “جوهرية” للإدارة الأمريكية في خطتها التي بدأت ترسم ملامحها، ومع أن عباس وفريقه أعرب عن عدم القدرة على القيام بهذه الخطوة “حاليا”، كونها ستفجر “انتفاضة شعبية” لن يستطيع السيطرة عليها..
لكن عباس، رغم الرفض الأولي، فإنه بدأ يدرس “خيارات عملية” للتوفيق بين الطلب الأمريكي، وعدم تفجير الموقف بما قد يطيح به وبمشروعهم المشترك، ومن بين تلك “الخيارات” التي يدرسها في سرية خاصة، تحويل رواتب الأسرى والشهداء الى هيئة “ضمان إجتماعي” لتبدو وكأنها “مساعدات انسانية واجتماعية لأسر محتاجة” وليس “رواتب شهرية لأسر مناضلة”، كانت سببا من اسباب استمرار الثورة والمنظمة، وقيام أول سلطة فلسطينية في التاريخ السياسي الفلسطيني..جاءت به رئيسا خارج كل “أحلامه الخاصة والعامة”!
محاولة عباس وفريقه الخاص، هو “التكيف” مع ما تقدم به ترامب الذي تبنى كليا “الرواية الاسرائيلية” حول الموقف من رواتب الأسرى والشهداء، تحت بند “التحريض”، ووضعت “خطة شاملة” للوصول الى هدفها المنشود.
في الاسبوع الماضي، خصصت “لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي”، وهي لجنة ذات تأثير كبير على القرارات الخارجية والأمنية، نقاشا مطولا لموضوع “التحريض في السلطة الفلسطينية”، مسلطة الضوء على قضية تخصيص الرواتب الشهرية من قبل السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين، وعرضت اللجنة معطيات تشير إلى أن السلطة تنقل ما يقارب 1.15 مليار شيكل لهذا الغرض الذي تعتبره إسرائيل “محفزا للإرهاب”.
وجاء في المعطيات التي عرضتها اللجنة أن المبلغ السنوي الذي تنقله السلطة لجيوب الأسرى يشكل 7% من ميزانيتها، و20% من أموال الدعم الدولي التي تصل إلى خزينة السلطة.. وكشف دوري جولد، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، خلال تلك الجلسة، إن “الكونغرس الأمريكي بدأ يتحرك باتجاه صد هذه القنوات”، مشيرا إلى أن” الأمريكيين لم يعودوا يقبلون أن تصل أموالهم إلى من تورطوا بالقتل والإرهاب”.
أرقام قد يراها البعض أرقاما “صامتة” لكنها في الواقع هي لغة تخاطب الغرب وأمريكا، خاصة وهي تصف الأسرى والشهداء بـ”قتلة”، وقد بدأت تجد لها صدى ليس بين دول كالنرويج وبلجيكا والدنمارك وقبلها أمريكا فحسب، بل وصل الأمر الى الأمم المتحدة، بعد أن أعلن أمينها العام غوتيريش وقف تقديم أي دعم لمركز الشهيدة “دلال المغربي”، وبالتالي أي مؤسسة تحمل اسما لشهيد أو اسير، وهي خطوة غير مسبوقة منذ ما قبل تأسيس السلطة وبعدها..خطوة في سياق تكريس أن “حرب حكومة الاحتلال على الأسرى والشهداء هي حرب شرعية ضد التحريض والقتل”..
ولأن الضعف والهوان باتت سمات فريق عباس، غابت أي “خطة وطنية” لمواجهة الخطة الاسرائيلية، وبدلآ من جعل المواجهة حركة شعبية تكون رافعة لصد حرب الإرهاب الاسرائيلية، لجأ ذلك الفريق الى أسوأ سيناريو يمكن أن يتوقعه وطني فلسطيني، فلجأ الى محاولة “التكيف الممكن” مع تلك الحرب على “أشرف من في الشعب شهداء واسرى”، مقابل فتح حرب مع غالبية الشعب الفلسطيني، سواء ما فضحته وسائل الاعلام من طلبهم من سلطة الاحتلال أن تشاركه الحرب على قطاع غزة، أو الحرب على كل معارض للمشروع الأمريكي – الاسرائيلي، الموافق عليه عباسيا، باشكال متعددة..
ربما يقدم عباس وفريقه “مساومة ما” أو “جائزة ترضة” لأمريكا وحكومة الاحتلال وتصبح عائلات الشهداء والأسرى في “زمن عباس” ضمن “عائلات محتاجة” يقدم لها “مساعدات إجتماعية”، وقد يتم لاحقا عملية تصنيف بين تلك العائلات ايضا حسب “الولاء السياسي أو الشخصي”، بحيث تنتقل حرب عباس على المعارضين والقطاع الى حرب على “عائلات الأسرى والشهداء”..
ما يثير الاستهجان المطلق، هو صمت قوى وفصائل وشخصيات كان صوتها يسمع من جهات الأرض معارضة للخالد ياسر عرفات الذي حمل راية الثورة والمشروع الوطني، لكن الخرس أصابها كليا على حامل “معول هدم المشروع الوطني”، بل تشويهه بالقدر الممكن، الى أن يصل الى عملية ارضاء الأمريكان وسلطة الاحتلال..فحربه ليست الخلاص من المحتل بل من مشروع قاوم المحتل!
حرب أمريكا والكيان ومعهم عباس وفريقه ضد حق الأسرى والشهداء سيفتح باب جنهم حقا وليس قولا، وسيرون طاقة كفاحية تفجرت مع أول قرار عباسي تساوقا مع عدو ومحتل..وليتذكر صغار الشعب في مواقع اغتصاب القرار الوطني، أن الانتفاضة الوطنية الكبرى عام 87 اندلعت شرارتها بفعل أقل بقيمته مما سيفعلون..
يعتقد فريق “الهوان الوطني” أن “شعب الجبارين” استكان تماما، تحت ضربات قوات أمن الاحتلال وأمن السلطة وأمن حماس، وحرب عباس المالية، ويعيشون في “وهم النصر المريح”، لكنهم جهلة لا يعلمون بأن الإنفجار “صبر ساعة”..!
ملاحظة: “تسهيلات” سلطة الاحتلال لسلطة عباس الأخيرة، جاءت رسالة كم أن دولة الاحتلال تستهين بهذا الفريق، وأكملتها برفض طلبه القيام بدور أداة الحرب الاقتصادية على قطاع غزة..معقول حتى العيب الانساني والسياسي لم يعد جزءا منهم..ياااااااه من زمن العار!
تنويه خاص: استمراراعتقال الكاتب عبد الله أبو شرخ لرفضه قيام قيادي حمساوي بتحقير أهل القطاع صورة مكملة لتحقير فريق عباس لغالبية الشعب..طرفي العار متوافقان في كل شي الا مصلحة الوطن!