أمد/ كتب حسن عصفور/ بعدما “فرغت” بلاد فارس “غضبها” عبر عملية عسكرية ستبقى مثارا للقيل والقال في كشف علاقتها براعي العدوانية العالمية أمريكا، وانحدار جوهر الشعارات التي تسللت عبرها لتسويق ذاتها بأنها تقف في محور مواجهة دولة الكيان، تغطية لدورها التكاملي مع واشنطن في تدمير العراق وفرض النظام الطائفي بديلا للنظام العلماني النسبي فيه.
العملية الإيرانية بكل ما بها، فتحت مسألة كثيرا ما تمر مرورا دون تدقيق من النظام الرسمي العربي، وبعض محلليه ووسائل إعلامه، بفرض مفهوم “الفعل ورد الفعل” في سياق الدفاع “المشروع” بعيدا عن جوهر القضية وجذورها الحقيقية، ما أنتج “فلسفة” شرعنة العدوانية والغزو الذي يأخذ أشكالا مختلفة.
مع تمرير معلومة الرد الإيراني الى واشنطن، ودول استعمارية أخرى، أخذت كل الاحتياطات الضرورية لمنع تحقيق أي “منجز ميداني” يمس بدولة الكيان، عدا “مكذبة النيل من هيبة المكانة العسكرية”، والتي لها مفاعيل أخرى، بدأت تلك الدول وفي المقدمة الإدارة الأمريكية والأقرب لها بريطانيا، على تمرير مفهوم “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، متجاهلة بشكل مثير للأعصاب، ان بلاد الفرس تعرضت الى أكثر من عدوان مباشر ليس فقط ضد القنصلية في دمشق واغتيال قيادات مركزية بالحرس الثوري، منذ زمن وفي الداخل الإيراني ولم تذهب الى الرد أبدا.
الحديث عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، بالتجاهل المطلق لجذر العدوانية التي حدثت، وأن إيران للمرة الأولى منذ اسقاط شاه إيران 1978 تقوم بقصف إسرائيل (بعيدا عن المعادلة الأمنية الخاصة مع أمريكا)، والاستنفار العالمي لمحاولة تأكيد “الحق” هو الفلسفة السياسية الأخطر التي أظهرتها عملية يوم 13/ 14 أبريل 2023.
وبالقياس لذات الفلسفة السياسية تجاهل الأصل بأن الفعل العدواني ينطلق دوما من دولة الكيان، منذ قيامها اغتصابا لفلسطين عام 1948، وحتى يومنا الراهن، عبر حربها في قطاع غزة، واحتلالها للضفة والقدس، ما يشمل ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وممارسة أعلى أشكال الإرهاب بتحالف المؤسسة الأمنية مع فرق المستوطنين الإرهابيين.
قاعدة الموقف الأمريكي ومعه غالبية دولة الاستعمار الغربي “وفلكه من دول تائهة”، تخلوا كليا من اعتبار دولة الكيان تحتل أرض دولة فلسطين كما عرفته قرارات الشرعية الدولية منذ قرار التقسيم 181 لعام 1947، الى جانب أنها ضربت بعضها عندما ذهبت الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، في خرق فاضح للشرعية الدولية، وترسيخ مطلق للغزو والعدوانية، وهي ذات الفلسفة التي يتم تناولها أمام ممارسات المؤسسة الأمنية وفرق الإرهاب الاستيطاني في القدس والضفة.
وتذكيرا، في يوم 7 أكتوبر 2023، وبعيدا عن رفض أي سلوك خارج “أخلاق الشعب الفلسطيني” في التعامل الإنساني، وأبعاد العملية الذاتية، لكن الحدث جاء ضمن تعبيرا عن مظاهر مخزون الغضب والرفض لجوهر الاحتلال وممارسات دولته، وفرض حصار فريد على قطاع غزة وشن حروب متلاحقة، دون التوقف أمام الفائدة الفكرية – السياسية للمشروع التهويدي جراء وجود الانفصالية في قطاع غزة، فيما سارعت أمريكا وأعضاء الإدارة اليهودية والصهاينة فيها بشكل فوري بقيادة حملة قد تكون هي الأسرع في التاريخ لفرض حرب ضد جزء من شعب، تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”، وهي الكذبة الكبرى السائدة.
ترويج أمريكا وتحالفها الاستعماري لنظرية “الدفاع عن النفس” فيما يتعلق بدولة الكيان، يهدف جوهريا لتزوير الحقيقة السياسية وأصل الصراع في المنطقة، بين دولة تقوم على الغزو والاحتلال، دون أن تجد عقابا وردعا، مقابل وضع كل أشكال الحماية لها لو قام طرف بالرد على ما تقوم به أفعالا تصفها كل الشرائع القانونية بأنها جرائم حرب وإبادة وغزو مدان.
المسألة الرئيسية في “الحدث الفارسي” ومفاعليه، أنه أعاد الاعتبار لضرورة أن تقوم دولة فلسطين بالعمل مع الجامعة العربية وبعض مؤسسات قانونية ذات مصداقية لإعادة مفهوم الحماية الدولية ومن الذي يستحقه، هل دولة الفاشية اليهودية التي تحتل أرض دولة عضو في الأمم المتحدة، ، أم ضحايا تلك الدولة التي لا تترك فسحة زمنية للقيام بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسان والأرض في الضفة والقدس وقطاع غزة، وبصياغة رؤية تستفيد من الحملة العالمية التي فتحت بابها الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري، بعد 7 أكتوبر، تحت نظرية “الدفاع عن النفس”، تترافق ومسار محكمتي العدل والجنائية الدولية.
الرسمية الفلسطينية، وخاصة اللجنة التنفيذية التي تعيش في “سبات سياسي طويل”، هي من عليه أن يعيد الاعتبار لبعض المفاهيم التي كانت لا تحتاج شرحا، لكن حركة التضليل الواسعة بقيادة أمريكا فرضت ذلك، فبالقياس، من المهم القيام بتوجيه مذكرة خاصة لدول التحالف الغربي حول تعريفها للاحتلال وآلية مواجهته، وفي أي من أشكال الدفاع يمكن تحديده، وما هو الخيط الفاصل لذلك.
قد يقال إن تلك مسألة بديهية، لكن الواقع يقول غير ذلك تماما، وللدلالة من يستمع الى خطابات بعض الدول الغربية وفي المقدمة أمريكا في المؤسسات الدولية يدرك أن تغييب جوهر البعد الاحتلالي بات قاعدة مطلقة لهم، ما يفرض العمل التصويبي لمسار التضليل العام.
ملاحظة: يوم 16 أبريل 1988 أقدمت يد دولة الفاشية باغتيال أحد رموز العمل الوطني والثورة الفلسطينية المعاصرة خليل الوزير أبو جهاد في تونس..اغتيال كان اعتقاد الفاشيين أنه سينال من قوة الانتفاضة الوطنية الكبرى…فكان جسده ودمه طريقا لتأسيس الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين..أبو جهاد عالم ثوري بذاته باق حيث بقاء شعب طائر الفنيق..لكن روحه تنادي فتح وفصائل الثورة ليش غايبين عن شعبكم..اصحوا قبل فوات الآوان يا ناس.
تنويه خاص: اذا رئيس المعارضة في دولة الفاشيين لابيد يرى نتنياهو خطر وجودي عليهم..فما بالكم شو خطره على غير اليهود..هيك تصريح لازم كل عضو بالرسمية الفلسطينية والفصائل يكون افتتاح كلامهم لو قرروا يتخلصوا من لعثمتهم غير المفهومة لا وطنيا ولا شعبيا.
لقراءة المقالات تابعوا الموقع الشخصي للكاتب