كتب حسن عصفور/ منحت وسيلة “إخبارية” سعودية منصتها لمقابلة مطولة مع وزير خارجية حكومة “التحالف الفاشي” في دولة الكيان إيلي كوهين، تتوافق زمنيا مع ما يتم نشره في وسائل الإعلام العبرية والأمريكية، حول “صفقة بايدن” للتطبيع بين الرياض وتل أبيب، وأسسها، والثمن المطلوب لتحقيقها من طرفيها.
وتدقيق في مسار مقابلة أحد أركان “الفاشية اليهودية”، أن جوهرها يكرس ما يثيره دوما رئيس حكومة المستوطنين الإرهابيين نتنياهو، بأن “التطبيع مع دول عربية” ممكن بدون حل قضية فلسطين، في دعوة صريحة لتدمير آخر قواعد مبادرة السعودية التي أصبحت عربية في قمة بيروت مارس 2002.
موضوعيا، تمكنت دولة العدو الاحلالي من تحقيق اختراق كبير بتوقيع اتفاقات “إبراهيم” زمن ترامب، مع الإمارات والبحرين والمغرب، وتسهيلات خاصة مع عُمان والعربية السعودية، الى جانب ما لها في مصر والأردن وقطر، وتم تشكيل “منتدى النقب”، وبدأت حركة انفتاحية واسعة بين البعض منها وتل أبيب، وكأنه لا مكانة لفلسطين القضية والشعب.
لتذكير كوهين، أن دول اتفاقات التطبيع الأخيرة، عدا المغرب أقدمت على خطوات تكشف أن فلسطين أي كان حال ممثلها الرسمي حاضرة بقوة في الذهن الرسمي قبل الشعبي العربي، فمثلا تم إلغاء زيارة نتنياهو الى الإمارات، وأجلت البحرين زيارته هو شخصيا، وتم تعليق عقد منتدى النقب الى أجل غير معلوم، وخطوات الإدانة السياسية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي لعبت الإمارات بحكم رئاستها دورا هاما، ما أصاب حكومة الفاشية بصدمة، اعتبرها مندوبهم أنها جلسات محاكمة لكيانهم.
اتفاقات التطبيع، ما قبل الحديثة وما بعدها، ربما أضعفت الفعل العربي نسبيا ضد حصار دولة الاحتلال، لكنها بالقطع لم تقف عائقا في مشاركة تلك الدول في الحملة السياسية الفاضحة لجرائم حرب حكومة الثلاثي الإرهابي، ولم تمر جريمة دون صدى في تلك الدول، وخاصة وسائل إعلامها التي لا تقف “محايدة” بين الجريمة وفاعلها وأهل فلسطين.
بالتأكيد، أن الاختراق التطبيعي شكل “طعنة” لفلسطين، ولكنه لم يشكل قيدا على وضع دولة الاحتلال تحت المطاردة الفلسطينية، وما تعيشه الأرض المحتلة، من عمليات ومواجهة وعدد قتلى الغزاة، جندا ومستوطنين، والذي يعتبر الأعلى منذ سنوات، وانتشار العمليات الفدائية المسلحة في مدينة القدس، التي يطلق عليها “العمليات الفردية”، وعودة الفعل الكفاحي الى قلب الكيان وعاصمته تل أبيب، مؤشر أن اليد الفلسطينية لا تزال قادرة على العمل المتطور.
ما يحدث من مواجهات شعبية ضد الوجود الاحتلالي وفرق المستوطنين الإرهابية، وارتفاع جرائم الحرب التي تنفذها سلطات العدو، مؤشرات أن الحديث عن تجاهل القضية الفلسطينية كلام لا قيمة له، ولا زالت تحتل جانبا مركزيا في المشهد السياسي والإعلامي، وتلك مسألة تصل مباشر الى شعوب العرب من المحيط الى المحيط، دون استئذان من حكومة أو مسؤول.
ولكن، وزير خارجية حكومة التحالف الفاشي، تجاهل الانقسام العامودي الذي تشهده دولة الكيان، لا سابق له منذ عام 1948، ما أدى لأن يصرخ غالبية يهود العالم، وكبرى وسائل الإعلام الأميركي بدعوة الرئيس بايدن التدخل لإنقاذ إسرائيل من “خراب جديد” ينتظرها مع حكومة لا تمثل اليهود، بل تقودهم الى حرب أهلية لم تعد بعيدة.
كوهين، الذي حاول الاستعراض مع الوسيلة الإعلامية السعودية، تغافل كليا عن دلالات أن تشهد دولة الكيان، وللمرة الأولى، هجرة عقول معاكسة، من خيرة الأطباء والعلماء، هجرة من كيان نحو الغرب وبلاد العرب، تشير أن مستقبل الكيان لم يعد مشرقا وأن السواد والديكتاتورية هي القادم.
قضية الصراع في فلسطين لا تقوم على عنصر التطبيع وحده، فإن تم حله تنتهي المسألة، تلك رؤية ساذجة بلا حدود، وبديهة الأمر التي لا تزول سوى بزوال مسببه الحقيقي، الاحتلال، ولا غيره، وشواهد الحاضر هي الرد على مغافلات حكومة الفاشيين الجدد في تل أبيب.
محاولة كوهين، كما نتنياهو، لصياغة معادلة “تطبيع بلا فلسطين”، في ظروف دولة الكيان الراهنة ليست سوى “غباء سياسي محصنة بوهم سياسي.
ملاحظة: حكومة ثلاثي الجريمة في تل أبيب، تحاول تزوير مسار المشهد بقرار أسمته تجميد ديون السلطة الفلسطينية مع انها هي اللي لها مصاري على حكومة اليهود…صمت الحكم في رام الله على المكذبة النتنياهوية لإرضاء الأمركان جريمة.
تنويه خاص: اعدام جيش الاحتلال ثلاثة شبان بينهم طفل على قاعدة “النوايا”..وثيقة تأكيد مضافة للجنائية الدولية…يا ناس اللي مفروض انكم ممثلي الشعب هزوا حالكم أكثر ولاحقوهم..في ايدكم كنوز من سلاح الحق الوطني لا تلثموها بخوفكم!