أمد/ كتب حسن عصفور/ أثارت المكالمة الهاتفية بين ولي عهد العربية السعودية محمد بن سلمان، مع الرئيس الأمريكي العائد دونالد ترامب، اهتماما إعلاميا خاصا، لما تضمنته من إشارات حول العلاقة الثنائية المفترضة، وبالتحديد الرقم الاستثماري المرتقب، ما يقارب الـ 600 مليار دولار، مع متفرقات قد تصاحبه ما يزيد من حجم الأصفار المرافقة.
المكالمة بذاتها توقيتا، عكست “القيمة الاستراتيجية” للمملكة في الرؤية الأمريكية الجديدة، ودورها المركزي فيما يمكن اعتباره أحد “روافد الإنقاذ” لاقتصاد أمريكي يعيش أزمة خانقة، بدأت تتضح ملامحه، ولذا لم يكن مصادفة أبدا، أن يتوسل ترامب علانية “دعما سعوديا” بالاسم والرقم، دون غيرها من دول العالم، ما يؤكد أن التعاون المستقبلي لن يكون كما كان في زمن وفق “مفهوم التبعية السياسية”، أو “الأمر السياسي”.
بعيدا عن “الشكل الهزلي” الذي تعامل به ترامب مع “الرقم الاستثماري” السعودي الذي كشفه بن سلمان، وبأنه يبحث زيادته، فهو تأكيد على “حاجة ملحة إنقاذيه”، للأزمة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي، وبأنها أرقام لن تكون “هبة” أو “خاوة أمنية”، بل ضمن تعديل جوهري في العلاقات “التاريخية” بينهما، ووفقا لمعادلات توازن دولي وإقليمي جديد، وتعزيزا لسياسة سعودية انطلاقا من الوزن والمكانة.
مكالمة الرقم 600 مليار الاستثمارية التاريخية، تفتح أسئلة تترافق معها، خاصة وأنه لا اقتصاد بلا هدف سياسي، وكل حديث عن “مال مقابل مال” خدعة لا أكثر، فالمال أي كان استخدامه مرتبط بأهداف، خاصة مع دول وكيانات.
كان شائعا سياسيا، ومنذ ما قبل حرب النكبة الكبرى، التي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023، ان مسار التطبيع مع العربية السعودية بدأ يشق طريقه، وبعض ملامحه فتحت بابه لاستكمال “التطبيع المجاني” لدول عربية في سبتمبر 2020، متنازلين عن مبادرة السلام العربية، رغم الضجيج الكلامي حولها، فبدأت طائرات دولة الفاشية في استخدام الأجواء السعودية، وفك “المنع الأخلاقي السياسي” بلقاء ممثلين للكيان الاقتلاعي، وغيرها مما شكل مظاهر تطبيعية هامسة.
ولكن، ورغم “حفيف” تلك الخطوات، لكن الرياض ربطت الاستكمال التطبيعي بضرورة الالتزام بمسار يؤدي إلى قيام دولة فلسطين، ما وضع عراقيل أمام التقدم، وكان له أثر “ضاغط” ليس في “الحلم الصهيوني”، بل وفي “الحلم السياسي الأمريكي” لخلق واقع “سياسي مختلف” بمشاركة إسرائيلية مباشرة، بعيدا عن الضبابية القديمة، لتصبح أحد أركان “النظام الإقليمي الجديد”.
ودون التذكير بجوهر مبادة السلام العربية في قمة بيروت مارس 2002، وبأنها مشروع سعودي بالأصل، فالمستجدات خلال 22 عاما تفرض قراءة المشهد العام من زوايا متعددة ومختلفة، خاصة بعد “الاختراق التطبيعي الكبير” والمجاني سبتمبر 2020، قد يكون من الضرورة وضع المسار السياسي المفترض سعوديا بالترابط مع المسار الاستثماري في الولايات المتحدة، كونه المفصل المركزي للتأثير على موقف دولة الكيان وحكومتها الفاشية اليهودية.
وتذكيرا، بأن نقاش المسألة ليست “خدمة سياسية” انطلاقا من “مقولة فلسطين قضية العرب المركزية”، فتلك مقولة قد قبرت منذ زمن اغتيال الخالد ياسر عرفات وسط فرجة عربية عامة، بل وربما مباركة البعض منها، ولكنها تنطلق ببعد مصلحي يرتبط بدور السعودية الإقليمي، في ظل التطورات العاصفة بعد سقوط نظام الأسد وكسر المحور الفارسي في لبنان وسوريا، بالتزامن مع صفقة الدوحة لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
عندما احتضنت الرياض أول لقاء لـ “سداسي وزاري عربي” في فبراير 2024، كان الاعتقاد أن يمثل “قاطرة فرض سياسي عربي” للمشهد الإقليمي العام، وتعزز ذلك مع بلورة ملامح خطة لحل إقليمي مارس 2024 لمناقشتها مع الولايات المتحدة، لكنها لم تكتمل لرفض واشطن، ونزق البعض العربي.
راهنا، وانطلاقا من الرؤية السعودية لتعزيز الدور الإقليمي، يمكن صياغة “صفقة القرن السياسية مقابل صفقة القرن الاستثمارية“، تقوم على أسس واضحة، تنطلق جوهريا من الشرعية الدولية:
- إعادة بحث الرؤية العربية للسلام انطلاقا من بوابة الاعتراف بدولة فلسطين.
- تشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر دولي لحل الصراع، رؤية وآلية وتوقيتا.
- دفع الرسمية الفلسطينية لإعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال.
- قيام مجلس الأمن بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأم المتحدة مايو 2024، حول مكانة دولة فلسطين كعضو كامل.
عناصر أساس لخطة عمل تشمل تطورات المشهد في قطاع غزة وتتطلب تشكيل آلية تنفيذية من التكوين الفلسطيني، بما يتوافق وجوهر مشروع إعادة اعمار قطاع غزة ارتباطا بدولة فلسطين.
رسالة مفتوحة، دون مجاملة سياسية أو نقاب سياسي لولي عهد العربية السعودية محمد بن سلمان، كونه يملك مفتاح التأثير الواقعي، وليس العاطفي، في بناء مسار مرتبط بمصلحة المملكة الإقليمي، لكنه يخدم فلسطين القضية والكيان.
ملاحظة: كم هو محزن أن تستقبل اسرى الحرية من سجن القهر والفاشية إلى حيث لا وطنهم ولا سكنهم…ابعاد لخارج الأرض..سابقة كانت دارجة قبل أن توقفها اتفاقات أوسلو…الحرية أكيد ضرورة لكن يا ريت البعض ما يبعبع كتير حولها لآنه الابعاد جريمة كمان..فبلاش فنجرة فاضية..واضح يا مجعرين..
تنويه خاص: انتشرت نداءات “النقل الكريم” لسكان قطاع غزة اللي نزحوا من بيوتهم جنوبا خلال حرب النكبة..تعبير بمثل قمة المهزلة لانه أي كريم وأي حنون وهم مارين من تحت باب تفتيشي بيعريك قياما وقعودا..هي بطولاتكم” مش حتخلص غير ما تخلصوا على آخر غزاوي..يخلص الناس منكم يا شيخ..
لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص