كتب حسن عصفور/ لم يترك رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في دولة الكيان العنصري نتنياهو مجالا لكي يقف الانسان أمام مساحة تفكير بأن هناك “أمل منتظر” لبعض العابثين والمستهترين، في “سلام ممكن أو شبه ممكن، الذين اشاعوا، ومنذ اشهر عدة، بأن امريكا رئيسا ووزيرا تلعب دورا ايجابيا وتبذل الجهد الكبير كي تصل الى “حل سياسي” للصراع في المنطقة، “اكاذيب وتزوير للحقائق” حاولت الفئة الضآلة أن تنشرها كي تغطي كل عوراتها السياسية – التنازلية، في “الممر التفاوضي المملوء بمياه الصرف الصحي”..
راهنت تلك “الفئة الشيطانية” على آخر مناورة تلعبها، عندما اشاعت أن أوباما يستعد لتهديد نتنياهو كما لم يتم من قبل، واستندت الى تقرير لصحفيين يهودين، حول ما سيقوله الرئيس الأميركي لنتنياهو ووضعت نصا كاملا لما سيقول من التحذير الى الوعيد الى التهديد..وكان ما لم يكن بحسبان فئة الضلال والتضليل، فخرج نتنياهو من “عش الغرام” بالبيت الأبيض منتشيا الى حد الغطرسة، وكان خطابه أمام المنظمة الصهيونية – الايباك – درسا قاسيا للمراهنين على وهم وسراب، تحدث بكل ما يملك من غطرسة وزهو كديك رومي، تغزل في أمريكا قائلا بأنّ “التحالف مع الولايات المتحدة في ذروته، ولا يوجد دولة على وجه الأرض مناصرة لأمريكا أكثر من إسرائيل. بخلاف السنوات الماضية”.. وتكذيبا لكل ما اشيع عن موقف غير ودي من الوزير كيري اعتبره بيبي أنه “الرجل المناسب للمهمّة”..مضيفا “ليس قديمًا وليست لديه أكياسًا تحت عينيه تُثبت ذلك”..
وسنهمل كل ما قاله عن العرب، و”بربريتهم” مقابل “انسانية دولته”، كلمات واقوال كان يمكنها أن تحدث ثورة شعبية من المحيط الى الخليج، لو كانت “مدرسة الكرامة العربية” لا تزال تعمل ولم يتم اغلاقها تنتظر “الكبير الغائب” ليعيد لها حضورها واشراقها..وحتما سيأتي وليس ببعيد، لكن الاهانة السياسية المباشرة للطرف الفلسطيني والرئيس محمود عباس تتلخص فيما تحدث به نتنياهو، بطلبه من الرئيس عباس أن يصارح شعبه ليزيل ” الأوهام التي يعتقد بها”..مثل هذه اللغة من شخص “مطلوب للعدالة” الى رئيس شعب يتسم بالروح الثورية والكفاحية، ما كان يمكن أن يكون لو أن نتنياهو كانت له “حسبة سياسية” تردع مثل هذا النمط من القول والتفكير..
الا أن المصيبة الكبرى التي تنتظر الرئيس محمود عباس ستكون في البيت الأبيض، فبعد اعلان مسؤول أميركي ان الرئيس أوباما سيمارس ضغطا مباشرا على “ابو مازن” من أجل تقديم “تنازلات متبادلة” مقابل “تنازلات اسرائيلية” كي يتم التوصل الى الاتفاق..ومن يقرأ هذا الكلام يدرك جيدا أن واشنطن بدأت تستعد جيدا لأن تعتبر مسؤولية الفشل على الاتفاق سيكون مسؤولية فلسطينية، وبالتالي ستبدأ رحلة التهديد والوعيد، لو لم يقدم عباس ما يجب تقديمه من “تنازلات متبادلة”..
ولأن التصريح استبق رحلة عباس بفترة زمنية يمكن أن يعيد الرئيس عباس بعضا من “حساباته السياسية” وأن يعيد النظر لقراءة المشهد من “زاويا مختلفة”، خاصة وأن الرسالة الأميركية له رسالة مباشرة وواضحة أيضا، وهي فرصة لاعادة ترتيب اوراقه بلا اي أوهام تقدمها له “الفئة الضآلة”، والتي يعرفها معرفة كاملة، شخوصا ومواقف، الرسالة الأميركية تفرض على “ابو مازن” ان يقوم بنفض بعض الغبار الذي تراكم على “حقائب العمل”..
“رسالة واشنطن” التهديدية لعباس تتطلب أن يعود الرئيس الى “الداخل الوطني” من أجل الاستعداد الحقيقي لليوم التالي لفشل رحلته القادمة، والاستعداد لمواجهة تحميله مسؤولية فشل التفاوض الوهمي، أو انه يتحمل مسؤولية إفشال خطة كيري..فالتهديد المبكر فرصة لم تتح للزعيم الخالد قبل الذهاب الى كمب ديفيد عام 2000، رغم أنه كان يدركها بحسه التاريخي كزعيم، لكنها جاءت لأبو مازن قبل ان يحمل حقائبه ومرافقيه الى البيت الأبيض، عليه أن يعقد فورا اجتماعا للقيادة الفلسطينية ويتناول معهم كل الممكنات السياسية لليوم التالي بعد العودة من واشنطن، أن يصارح شعبه بعيدا عن أوهام أو غموض نحو أمريكا سياسية وجهدا، أن يدرك أن عدوه المباشر والوحيد هم أمريكا ومشروعها التصفوي ودولة الكيان وقيادتها الفاشية، وأن المؤامرة عليه منهم وليس من غيرهم، ومن يزرع له أوهاما غير هذه ليس سوى أداة تريد أن تعريه من كل مقومات القوة أمام واشنطن وتل أبيب..مطلوب من الرئيس أن يتحزم بشعبه، بكل قواه الوطنية كي يواجه أحد أخطر المعارك السياسية التي تنتظره..
مطلوب من الرئيس عباس أن يعود للأطر الشرعية كي يحمي القضية الوطنية من الخطف، وأن يتحصن بها سياجا واقيا أمام مخطط انهاكه وانهاءه..عليه أن يستعد للمعركة المقبلة كما لم يستعد من قبل، فهي ستكون معركة على المستقبل الوطني حضورا ودورا وحلا أيضا..ليستعد وكأنه يذهب الى “أم المعارك” حقا وليس كلاما..استعداد يتطلب معايير عمل غير التي عليه الآن مع القوى والحلفاء عربا واصدقاء..وأن يقطع الطريق على الانجراف نحو “صغائر سياسية تنتظيمية” ستأكل من “جدار المواجهة” قبل أي أثر آخر!
ملاحظة: تساؤل طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان الاردني السابق والشخصية العامة، عن دور الاردن في المفاوضات الجارية رسالة الى الرئيس محمود عباس..ليته يعيد قراءتها فهي تستحق!
تنويه خاص: مسلسل بوتين للعبث بهيبة أمريكا مستمر..ليت بعض الأذناب يدركون!