كتب حسن عصفور/ على وقع مظاهرات الغضب الدائرة منذ 28 أسبوعا، أظهر استطلاع للقناة 12 العبرية، أن 67٪ من أفراد العينة يخشون اندلاع حرب أهلية في إسرائيل، رقم يكشف أن التطورات الجارية لا تشبه كل ما سبق أن شهدته دولة الكيان، فللمرة الأولى تصل تلك النسبة منذ 75 عاما بعد قيامها اغتصابا على أرض فلسطين التاريخية.
مع بداية شرارة رفض “تعديلات حكومة نتنياهو القضائية”، والهادفة الى بناء قانوني خاص يمثل جدارا واقيا للفاشية اليهودية المستحدثة، عبر تحالف إرهابي فريد يقوده المستوطنين سموتريتش وبن غفير، أصبح الحديث الأبرز ليس “المفاخرة” بديمقراطية خادعة “جوهرها عنصري”، بل التنبيه المتلاحق من “الديكتاتور” “الديكتاتورية” “الحرب الأهلية” الكارثة القادمة، “ضياع الحلم”.
تعابير لم يكن لها مكانا سوى من بعض يسار كان يمتلك وعيا مبكرا ومتقدما في رؤية مخاطر تنتجها طبيعة تلك الدولة التي قامت على حساب شعب آخر، ورفضت بالمقابل أي فرصة للتعايش المشترك، ليس بين فلسطيني الضفة والقدس وقطاع غزة، بل مع نسبة 22.5 من سكانها فلسطيني الداخل، فمارست كل ما يجسد التمييز العرقي – العنصري، كمظاهر “أبرتهايدية معاصرة”، الى جانب اغتيالها اتفاق إعلان المبادئ – أوسلو 1993، ومن قام بتوقيعه (رابين والخالد عرفات)، اغتيال الفرصة الأبرز تاريخيا لصناعة سلام يؤدي الى حالة استقرار في المنطقة، وربما لن ترى نورا سياسيا قريبا يماثلها.
الحديث عن “الفاشية اليهودية”، وما يمكنها أن تقوده خرابا ليس على الفلسطيني بل على “اليهودي داخل الكيان، وخارجه، وتلك مسألة تحدث عنها شخصيات يهودية، رغم الحساسية الكبيرة من التعبير نفسيا لهم، لكن الخطر الداهم من “تركيبة حكومة نتنياهو” دفعهم للمقارنة أن “النازية جاءت أيضا عبر صندوق الانتخابات”.
وربما لم يتأثر التحالف الحاكم كثيرا بتلك المظاهرات والانتقادات المتنامية، ونتائج الاستطلاعات، ولكن برز عنصر جديد خارج حسابات “أهل الحكم”، بانضمام عناصر من الجيش الإسرائيلي الاحتياط الى “ثورة الغضب”، والاعلان بأنهم لن يلبوا أي دعوات للتدريب في ظل الإصرار على اجراء التعديلات “القضائية، كان آخرهم طيارون حاول رئيس الحكومة الفاشية السخرية منهم، بقوله أن “الدولة يمكنها أن تسير بلا أسراب طائرات..لكنها لا يمكن أن تسير بلا حكومة”..تعبير زاد الغضب غضبا.
ويبدو، أن التمرد العسكري الذي بدأ يتسع ويشمل قطاعات مختلفة، وما قد يكون نتاج “سخرية نتنياهو” من إعلان الطيارين رفضهم، فرض ذاته على قيادة الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية بكامل أركانها، حيث التقى وزير الجيش يوآف غالانت وقادة الجيش لبحث انعكاس “تمرد قوى الاحتياط” على وحدة الجيش أولا، وكفاءته ثانيا، وبدا واضحا أن التقييم بمخاطر الأحداث يفوق كثيرا سخرية نتنياهو من “التمرد المتصاعد”.
تطورات المشهد الأمني في إسرائيل تتسارع لتفرض مسارها، خاصة وأن غالبية قادة تلك المؤسسة السابقين يقفون معارضين لمسار حكومة التحالف الفاشي، بل أنهم الأكثر تطرفا في معارضتهم من الأحزاب المعارضة، وهم من حفر تعابير كان الحديث عنها من “المحرمات السياسية” كـ “خطر الحرب الأهلية”، والديكتاتورية” التي تقترب من الفاشية.
ربما تحتمل دولة الكيان مظاهرات واحتجاجات مدنية، ورفضا واسعا، ولكنها لا تستطيع أن تقف متفرجة أمام أول تمرد عسكري صريح يمس “وحدة الجيش وكفاءته المهنية”، ما يعرض مستقبلهم الى الخطر الكبير.
وهنا يبرز السؤال الكبير، هل بدأت “المؤسسة العسكرية” في البحث عن طريقة لإنقاذ المشهد السياسي كمقدمة لحماية المشهد الأمني..هل دخل غالانت وزير الجيش مسار التغيير الانقلابي الناعم تحت مسمى حماية المؤسسة العسكرية، وخاصة أن “راعيها الرسمي أمريكا” تقف صراحة في جبهة ثورة الغضب، بل أن الرئيس بايدن تحدث بلغة مفاجئة بوصفه حكومة نتنياهو بأنها الأخطر على إسرائيل.
إسرائيل ترتعش..فملامح المشهد العام بداخلها تقترب من لحظة حسم خاصة، ربما لن تكون عبر صناديق الانتخابات للمرة الأولى، بل ستمر عبر أقدام المتظاهرين وصوت الرافضين العسكريين.
ملاحظة: “شركة الفصائل” في قطاع غزة ارتكبت جريمة استخفاف نادرة بالعقل تستحق عليها لعنة ابدية..حاولت تغطية فضيحة حكومة حماس في كارثة الكهربا باتهام غضب الناس الغلابة بأنه عمل مسيس.. الصراحة العار صار يخجل منكم يا بلهاء.
تنويه خاص: الشي المنيح أنه 52 % من شباب دولة الكيان حابيين يهاجروا..زمان كانت العكس اليهود حابيين ييجوا..هاي طلع في فوائد للفاشيين الجدد بقيادة “الثلاثي المهلوس”.