كتب حسن عصفور/ لا نظن أن هناك واقعة في التاريخ القديم أو المعاصر تماثل ما تقوم به القناة القطرية”الجزيرة”، فوفقا لتقرير “واشنطن بوست” الأميركية فإن المحطة القطرية باتت تشكل راعيا ماليا لاستضافة ما أسمته الصحيفة بـ”مجتمع الهاربين” من تحالف الجماعة الإخوانية، قيادات واقارب وعوائل القيادات والأنصار..التقرير يشكل ادانة فريدة لتلك المحطة التي باتت تشكل مقرا لقوى “الثورة المضادة” في المنطقة العربية..
تقرير “واشنطن بوست” يلقي الضوء على الحياة الخاصة للهاربين من مصر، ويصف طبيعة حياة الرفاهية التي يعيشها من هرب بعد أن قام بعضهم بدفع رشاوي ضخمة – علما بأن الراشي والمرتشي الى النار وفقا للعقيدة الاسلامية، لكن الاسلامويين الهاربين يتناسون ذلك حسب المصلحة – وتصف الصحيفة ما اسمته بـ”مجتمع الهاربين” بأنه “صغير وغير منظم ومتنوع إيديولوجيا، ويتراوح ما بين سياسيين إسلاميين معتدلين إلى سلفيين متشددين”.
وتابع التقرير أن “هناك قيادة تتشكل لهؤلاء ‘الهاربين’، بعضهم يعيش بشكل مؤقت فى أجنحة فنادق تدفع رسومها قناة ‘الجزيرة’، وفى أجنحة وأروقة هذه الفنادق ربما يصاغ مستقبل الإخوان، وربما إستراتيجية وإيديولوجية الإسلام السياسى فى البلاد”.
الفضيحة لا تكمن ، فقط بسرعة البحث عن مأمن في قطر – عاصمة القواعد الأميركية – بل في أن تكون الرعاية لفئة “الهاربين” قناة اعلامية، وليس جهة رسمية كالخارجية أو المخابرات أو ديوان الأمير، والعبرة الهامة التي يمكن الاستدلال بها من هذه “الاهانة القطرية” للفئة الهاربة أنهم يبدون كمتسولين باي طريقة تخلو من الاحترام الطبيعي في حال قبول دولة ما أن تستقبل من ترى أنهم “حلفاء لها” في معركتها الخاصة..وقبول تلك الشخصيات التي فضلت “رعاية الجزيرة المالية” ليس سوى تأكيد لأن المعركة بالنسبة لهم هو بحث عن ملاذ آمن بأي طريقة واسلوب حتى لو تخلوا عن كرامتهم السياسية والانسانية..
لكن قبول تلك الفئة بالاهانة القطرية مسألة شخصية أو خاصة، وما يهم معرفته هو كيف يمكن لقناة المفترض أنها “اعلامية” تقدم الخبر والتقرير أن تتحول فجأة الى راعي لاقامة مجموعة هاربة دون غطاء او ستر لتبرير فعلتها، هل يمكننا أن نجد مثيلا لما تقوم به المحطة القطرية، بالتأكيد لا سابق تاريخية لذلك، وقبل أن يسارع البعض في اعتبار أن الاستضافة هي جزء من عمل “مهني واعلامي” باستضافة ضيوف القناة والاستفادة من “خبراتهم ورؤياهم” لتحليل الأحداث الجارية في مصر، وقد يكون ذلك صحيحا لو أن الاستضافة تقتصر على مدة معينة، يوم أو اسبوع أو شهر، اما أن تتحول لاقادمة دائمة مدفوعة الأجر، وغالب من هم مشمولين بالضيافة لا مكان لهم على شاشة القناة الا نادرا، ما يعني أن كلفة الكلمة لتلك الفئة الهاربة الاف الدولارات..
هل يحتاج المرء للتفكير والبحث عن دور المحطة القطرية في مغزى الاستضافة للفرقة الإخوانية الهاربة، لا نظن فالمسألة باتت غاية بالوضوح في دور القناة والتي منذ انطلاقتها وهي تعمل على نشر “الفتنة السياسية” والنيل من رموز الأمة العربية دولا وشخصيات، وخاصة البعد القومي العروبي ومحاولة استقدام بديله الاسلاموي ضمن مشروع “الفتنة السياسية الكبرى المعاصرة”، او ما بات يعرف بمشروع أمريكا المعاصر للمنطقة باعادة تقسيمها ضمن خرائط تضمن نفوذها لزمن بعيد..المحطة القطرية نشأت في سياق الاستعداد الأميركي للتقسيم الاستعماري، وتواصل “حربها” وايضا مع الاعلام الاستعماري علها تحد قدر الممكن من آثار الهزيمة التي أصابت مشروعهم الاستعماري وكنس اداته التنفيذية التي تمثل الجماعة الاخوانية المنبوذة رأس حربته..
استضافة القناة القطرية لفئة الهاربين، محاولة ضعيفة في معركتها الخاسرة، لكنها كشفت بعمق أكبر طبيعة دورها الذي لم يعد خافيا في المنطقة، وأنها القناة التي جاءت لتكون ناطقة للمشروع الاستعماري الجديد..وعل انصار “مجتمع الهاربين” يبحثون عن غطاء مناسب لستر عورتهم التي كشفتها تلك الاستضافة المهينة لمن يستخدمون “الدين ستارا”..كيف لهم أن يقبلوا بضيافة قناة اعلامية لو أنهم حقا اصحاب موقف وقضية، ويعاملوا كأنهم مرتزقة يبحثون عن تسديد فاتورة حسابهم بأي طريقة واسلوب، وبلا كرامة انسانية..كان أشرف لهم أن يكونوا حيث من يشاركونهم الرأي بدلا من اقامة كمرتزقة اعلام يبحثون عن “غطاء للعورة” بأي ثمن!
ملاحظة: من عجائب الزمن أن كيري يحذر من “انتفاضة ثالثة” وقادة دولة الاحتلال يطمئنوه بأن ذلك لن يحدث..يا ترى شو سبب هالاطمئنان الاحتلالي..يا ريت نفكر منيح بهالحكي ونكذبه بالفعل مش بالكلام!
تنويه خاص: لا نحتاج لمن يقول لنا ان الزعيم الخالد مات مسموما وأن اسرائيل هي المتهم الأول..الناس بدها خطوات فعلية لملاحقة القاتل..يعني خريطة واضحة من الألف الى الياء وبس!