كتب حسن عصفور/ لعل من المفيد أن يعود أهل فلسطين، وهم يستعدون لاحياء الذكرى التاريخية لـ”يوم الأرض”، الى قراءة كيفية نشر الوكالة الرسمية للسلطة الوطنية وحكومتها، بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والتي هي ولا غيرها، وفقا للقانون صاحبة اليد العليا في الهرم السياسي الفلسطيني والقياده التنفيذية، وهي التي تمثل المرجعية الوطنية، الوكالة الرسمية حذفت من بيان “المرجعية السياسية” ما يتعلق برفض اللجنة التنفيذية لتمديد المفاوضات، بعد أن انتهت المهلة الزمنية لاطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، ودون أن تفي امريكا بتسديد ما تم دفع ثمنه مسبقا من رصيد القضية الوطنية، تأخيرا وخسارة بلا مقابل حقيقي..وأكدت كل ما قيل عن أن قيادة فتح ووفدها الخاص اشترت الوهم السياسي بعد أن اعطت ما لا يجب أن تعطي دون ضمان حقيقي والزامي وبتعهد دولي واضح..
الوكالة الرسمية، لا تسطيع عدم تنشر ما نص على تمديد المفاوضات، دون تعلميات عليا فوق المرجعية العليا، ودون أن تبرر لشعبها أولا وللقارئ المتابع ثانيا لماذا تبرعت الوكالة بحذف تلك العبارة من بيان القيادة الشرعية، وهل يحق لها وهي مجرد أداة اعلامية مرتبطة بالقيادة الرسمية، أم انها تحولت بمرجعيتها للقيادة الوطنية، الى من هو مجهول يملك القدرة الكفيلة بشطب ما يحلو له من بيان نشرته كل الوسائل الاعلامية الأخرى بنصه الأصلي، ولو اعتبر “الشاطب” لعبارة عدم تمديد المفاوضات من بيان التنفيذية لاعتبار أن ذلك لم يكن مقرا بشكل رسمي، فهل ما يحدث من عبث وهزل واستخفاف بين “وفد لا يمثل منظمة التحرير” ودولة الكيان عبر الوسيط الأميركي له مرجعية وطنية؟..
عملية شطب العبارة الرافضة لتمديد المفاوضات يكشف أن المسألة المركزية للوفد التفاوضي لم تعد الالتزام بقرارات المرجعية الوطنية، ولا الالتزام بما أعلنه الرئيس محمود عباس و”كبير المفاوضيين الفتحاويين” صائب عريقات، أن لا دقيقة واحدة لتمديد المفاوضات، وأن عدم الافراج عن الدفعة الرابعة في الموعد المحدد سينهي كل “الوعود التي منحت لواشنطن” بعدم الذهاب الى الأمم المتحدة واستكمال المسيرة المتوقفة لتعزيز فلسطين، دولة وقضية، في كل المحطات الدولية..بل أن هناك من ذهب لاعتبار ذلك سيفجر المنطقة برمتها، وان باب جهنم ستفتح على دولة الكيان..ورغم عدم أخذ المتابعين لتلك التصريحات بالجدية الكافية، الا أنها تصريحات أكدت حجم المصيبة التي يعيشها الوفد المأزوم..
انتهت المهلة الزمنية، ولم يتم الافراج عن ما تم دفع ثمنه مسبقا، اي ان ما سيكون لا يحتاج لأن يدفع الرئيس عباس ووفده وحركته له ثمنا مضافا، وأن اي تغيير في “قواعد اللعبة” التي تحدث عنها هزيمة سياسية مدوية، قد تسمح لأي طرف فلسطيني أن يتنصل من طبيعة التمثيل الوطني، وهناك من يتربص لها وبها، ولا داعي لذكرها الآن، الا أن رضوخ فتح ورئاستها للشروط الأميركية سيكون نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة، ورغم حالة “الكسل السياسي العام” في الساحة الفلسطينية، الا أن خطوة التلاعب بالزمن التفاوضي لن يمر مرورا هادئا، وستمنح حركة “حماس” قبلة حياة لتعزيز انفصالها وتصليب “مشيختها” تحت راية مواجهة “الخنوع والاستسلام الفتحاوي”..
لقد وعد الرئيس عباس شعبه وحركته قبل ايام أنه “لن يخون”، واقسم على ذلك “ثلاثا وأربعة” وكررها حتى اصبحت مادة الزامية عليه وعلى فريقه، ولكي يصدق القول مع الفعل عليه اليوم، وليس الغد، أن يخرج ليصارح شعبه ويطلب منه الإعتذار السياسي على ارتكابه “معصية سياسية”، عندما ارتهن لوعد أميركي أكدت الأحداث أنه كاذب وخادع، وأن هذا الاعتراف بالحق هو الخطوة الأولى للتراجع عن تلك “الخطيئة”، وأن القادم سيكون عودة للالتزام بما تم الاتفاق عليه وطنيا، واغلاق ملف “التفاوض” نهائيا، والبدء بانطلاق رحلة القطار الفلسطيني لتعزيز مكانة دولة فلسطين عالميا، والدعوة لاجتماع مجلس مركزي ثم قيادة وطنية موحدة لدراسة مقترحات الخروج من المأزق الراهن، ورسم الاستراتيجية المقبلة، للخلاص من تبعيات “المرحلة الانتقالية” التي دامت عشرين عاما بدل من 5 سنوات..
تلك البداية للوفاء بالعهد والوعد، وغيرها سيكون لكل حادث حديث، لكنه قطعا لن يكون موائما للخارجين عن الإلتزام بالشرعية الوطنية وقراراتها، بل وبمن يخالف “وعد الرئيس وعهده” قبل ايام..فلا عهد لمن أخلف ولا قسم لمن كذب!
ملاحظة: قيادات فتح محتارة وحائرة..البعض أقسم أن “امس” كان اليوم الأخير للرد على ممطالة الافراج..وآخرون يعملون لأن تكون كل الأيام زي بعض..لا فرق بين اليوم وغدا وبعد غد..الكلام مالوش رباط!
تنويه خاص: يبدو أن حكرة حماس بدأت الاستعداد لليوم التالي بعد اكمال الرئيس ووفده المفاوضات لتعلن قطيعتها عن كل شيء..والغطاء متوفرجدا!