كتب حسن عصفور/ قبل أيام عاد وفد الرئيس محمود عباس من واشنطن الى رام الله، بعد “جلسات استماع أمريكية للوفد العباسي”، قدم خلالها “موقفا أوليا” للموقف السياسي انتظارا لتقديم “تفاصيله” خلال لقاء الرئيس عباس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثالث من مايو (أيار)..
ولأن “المؤسسة الرسمية الفلسطينية” لم تعد قائمة عمليا، وتم حصر القرار في مكتب الرئيس ولجنة فتح المركزية للتشاور وليس للتحديد، يصبح السؤال من هو الذي سيحدد جوهر الرؤية الفلسطينية القادمة مع الإدارة الأمريكية..وهل يمكن اعتبار ما سيكون يجسد الموقف الوطني الفلسطيني العام..
المسألة هنا، ليست “شكلية” كما يعتقد “أنصار الرئيس عباس” من فصيله أو من بعض “مريديه” لأسباب غير سياسية، بل هي قضية تمثل “رافعة” العمل السياسي في المرحلة المقبلة، باعتبار القادم السياسي سيكون متربطا بمستقبل القضية الوطنية..
السلوك الرسمي للرئيس محمود عباس منذ أشهر، هو قطع “أواصر الشراكة السياسية” مع كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، خاصة شركاء منظمة التحرير، والغى عمليا “الإطار التمثيلي” للقيادة اليومية – اللجنة التنفيذية”، ولم يعد هناك أي إطار مشترك مصغر أو موسع مع غيره وبعض من فصيله، ولذا فالقرار بات “حكرا خالصا” لمكتب الرئيس عباس لا غيره..
الذهاب الى أمريكا، لعرض “مشروع سياسي” أو “رؤية سياسية” دون اتفاق وطني، سيعرض أي نتيجة لـ”هزة ارتدادية” قد تكون أكثر شدة وأثرا ممن تعتقد “تقديرات الأجهزة الأمنية الرئاسية”، وكذا أجهزة أمن الاحتلال، خاصة وعملية الاستهتار بالآخرين وصلت الى منطقة فاصلة..
حسنا فعل الرئيس عباس بالتشاور مع الأشقاء في مصر والأردن، وتنسيق ما يمكن تنسيقه، لكن الأهم هو التنسيق الوطني فيما سيكون، فلا يجوز مطلقا ان تترك “القيادة السياسية”، التي ترددها أوساط عباس ليل نهار، بجهلها فيما كان من لقاءات وفد عباس وفيما سيكون من لقاء الرئيس نفسه، فهذا سلوك خارج كليا عن “التقليد الوطني”، ونسفا رسميا لـ”مبدأ الشراكة” الذي تم ترسيخه منذ إعادة بناء منظمة التحرير بعد انطلاقة الثورة المعاصرة عام 1968، دون التوقف عند “تفاصيل الشراكة”..
أن يدير الرئيس عباس ظهره لشركاء الوطن، ويتصرف وحيدا في رسم “مشروع سياسي مستقبلي”، لن يقود الى خلق قاعدة شعبية لحماية أي توافق سيكون، بل ولن يجد الرئيس عباس مع يسانده لاحقا لو بحث عن “سند” له من غير فصيله، فمن يستخف بالآخر أي آخر، لن يجد قبولا..
لن يخسر الرئيس عباس ، لو أنه عقد لقاء وطنيا لبحث ما سيكون في رحلته القادمة، بل ربما يزداد قوة وحصانة ومناعة سياسية أمام الإدارة الأمريكية، وترتفع قيمته في مواجهة دولة الكيان، بل وسيرى أن الشعب الفلسطيني قد يتجاهل “حربه المنظمة” ضد قطاع غزة، كراهية وتجريما بذريعة وجود حماس، رغم انه وأجهزته يعلمون يقينا أن حماس قادة وكادرا هم آخر من يمكن أن تؤثر عليهم قرارات عباس الأخيرة..
الطريق الى البيت الأبيض يجب أن يمر أولا من ممر”البيت الفلسطيني”، ودون ذلك فالطريق سيكون غير سالك سياسيا ووطنيا وشعبيا، وسيكون “وعرا ذهابا وعودة”، ولو قال ممن أحاط بالرئيس أن لا قيمة ولا وزن لكل “هؤلاء”، وأن الرضا الأمريكي كاف لمنحك “الحصانة” فتلك هي “الجريمة الكبرى”..
ربما تعتقد فرقة الرئيس أن “سلاح المال” سيردع البعض عن قول ما يجب قوله في ممارسة التفرد والانفراد التي باتت الحاضر الأبرز للقرارات والمواقف، لكن ذلك قد لا يكون “كافيا” لخلق جدار واق لرفض سياسية قد تنتج “مصائب” سياسية..
اعادة النظر بالسلوك الخاطئ دليل قوة..والاستمرار به دليل ضعف ..ولكل “خيار سيكون خيارا وطنيا وشعبيا”..ومجددا “الشرعية التمثيلية ليست صراخا”!
ملاحظة: لو صدقت تقارير تراجع حماس عن تنفيذ حكم الاعدام ضد من أسمتهم “عملاء” دون محاكمة فتلك خطوة مرحب بها..لكن الأهم هو التراجع الكلي عن ثفاقة “العصابة” التي انتشرت في القطاع!
تنويه خاص: الى عمال فلسطين والعالم في عيدهم الذي لن تخبو ناره يوما مهما انتشر الظلم والظلام تحية..والى كل من استشهد في سبيل حرية وطن وقضية تحية!