كتب حسن عصفور/ في ظل الأزمة السياسية التي عصفت بالأوهام التي طالت تفكير “البعض” المفاوض في “بقايا الوطن”، دعا الرئيس محمود عباس الى اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية، على المستوى الوزاري، – نأمل ان يحضر اكبر عدد ممكن من الوزراء -، كأحد “الأسلحة” التي يلجأ لها عندما يبحث عن “حائط صد” في تلك المسيرة التي لم تحقق فعلا مشهودا يمكن الاعتداد به، مهما حاولت “الفئة المضللة” قول غير ذلك، بل أنها ألحقت الأذى الأكبر بالقضية الوطنية، واللجوء الى الجامعة العربية قد يبدو أنه لا يشكل اضافة في مسرح المواجهة الضرورية مع دولة الكيان الاحتلالي ومشروعها المكشوف بحصار وترويض السلطة الفلسطينية قيادة ومؤسسات، لكنه لجوء يساعد في اظهار أن الطرف الفلسطيني الرسمي لا زال يجد “دعما رسميا عربيا” في ظل “الغياب الشعبي الكبير” لأسباب معلومة جدا..
وإن أريد للقاء العربي المرتقب أن لا يكون استكمالا لحملة “استماع لخطاب الرئيس عباس”، كما جرت اللقاءات السابقة، ثم اصدار بيان يؤكد على مساندة الموقف الفلسطيني، والقاء التهمة على الجانب الاسرائيلي، وكيل قصائد المديح للرئيس الأميركي وادارته ووزيره لجهودهم في المفاوضات، يجب أن يحمل “رؤية شاملة” للخطة المراد القيام بها بشكل محدد ضمن “برنامج واضح”، يبدأ بالاعلان الرسمي أن المفاوضات مع دولة الكيان قد فشلت، وعليه لم يعد بالامكان الاستمرار في لعبة اضاعة الوقت وتآكل الموقف الفلسطيني، والسماح بمواصلة المشروع الاحتلالي، تهويدا واستيطانا.
تلك نقطة البداية التي يجب أن ينطلق منها الموقف العربي كي يكون هناك مصداقية حقيقية لأي مواقف تالية، ودون هذه البداية يصبح أي موقف “تحذيري” أو “تهديدي” ليس سوى “لغو كلامي” ولا قيمة له، ولن يمثل “ردعا” للمشروع الاحتلالي، بل قد يكون عاملا مساعدا لاستمرار دولة الكيان في تنفيذ ما تقوم به من دحر المشروع الوطني الفلسطيني، وغطاءا موضوعيا لتعزيز مشروع الاحتلال، ولذا فالمسؤولية الأولى في “اللقاء المرتقب” ستكون على عاتق الوفد الفلسطيني والرئيس محمود عباس، إذ عليهم تقديم “بديلهم” عن الفشل الذي أصبح حقيقة، ولم يعد بالامكان الحديث عن تلك الأكاذيب بأن هناك لا زال “أمل” وأن “الفشل” لم يطرق باب المتفاوضين بعد..
الوضع العام لم يعد يسمح بسياسة “الباب الدوار”، وبأي مراوغة فلسطينية رسمية في اللقاء العربي، ولا خيار عن تقديم “البديل الوطني” و”خطة المواجهة” التي تحدثت عنها غالبية القيادات الرسمية، سواء ما يتصل بالعودة لاستئناف “الهجوم السياسي العام”، والذهاب الى الأمم المتحدة بكل مراحلها، والتفكير الجاد بانهاء مكون السلطة لمصلحة “دولة فلسطين”، والتحضير المترافق معها لسبل المقاومة الشعبية، بعد أن أثبتت حركة “فتح” أنها تسطيع الحضور الميداني عندما تقرر قيادتها ذلك، ويمكنها الحشد والمواجهة الشعبية مع قوى الاحتلال، إن هي حسمت أمرها وقطعت “الحبل السري” الذي يربطها بالأوهام التفاوضية، وهي تمتلك القدرة والامكانية أن تنهي حالة السلبية السائدة في المزاج الشعبي نتيجة سلوكها السياسي المرتبك..
وعلى الرئيس عباس أن يضع الاجتماع العربي أمام خيار لا غيره، ويغلق كل الاحتمالات المشتقة من المفاوضات، وأن يحدد خياراته المقبلة بكل صراحة، وأن يكون المشروع الفلسطيني المقبل مشروع “مواجهة سياسية” لتعزيز المكانة العالمية لدولة فلسطين والهوية الوطنية، مترافقا مع مشروع المواجهة الشعبية، لا خيار ولا بديل عن اعادة روح الكفاح للمشروع الوطني، وأن يتم ربط “الخطة السياسية” بـ”خطة مواجهة شعبية”، لكي يضع الحالة الرسمية العربية أمام “رؤية واضحة” بعيدة عن الانتظار لموقف أميركي..فالمشهد العربي سيكون غاية في السعادة لو استمرت القيادة الفلسطينية بالارتهان لإختراق تفاوضي عبر “الراعي الأميركي”، وتغييب “البديل السياسي المواجه”، وسيجد التردد أو الغموض غير البناء من الطرف الفلسطيني كل دعم رسمي عربي، وسيتقدمون بأحر التقدير والشكر و”التأييد” للرئيس عباس ومواقفه، ولن يبخلوا بكيل كل “الشتائم اللغوية ضد دولة الكيان”، وتنتهي ببيان يطالب أمريكا بالاستمرار في “جهودها البناءة”..وهنا ستبدأ رحلة “التيه الجديد”، بل وستدخل الحالة الفلسطينية مسارا معتما – ظلاميا يفوق ما يحل بقطاع غزة من “كارثة انسانية – سياسية”..
مطلوب من القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني أن تبادر لنقل اللقاء الى مرحلة يدرك معها شعب فلسطين أن قضيته أعادت الروح للمشهد العربي، وأن رحلة حصار دولة الكيان دقت ساعتها من القاهرة، وليكن شهر أبريل الذي يحمل ذكرى أكثر من مجرزة وجريمة ارتكبتها دولة الكيان، من مجزرة دير ياسين، التي يصادف ذكراها في 9 ابريل يوم اللقاء ذاته، مرورا باغتيال القادة الثلاث في بيروت وأمير الشهداء ابو جهاد، وعشرات من ايام ذكرى مجازر لا حصر لها، بداية لتغيير قواعد اللعبة قولا وفعلا..الفرصة بيد الرئيس عباس وليس بيد غيره..هو وحده من يملك المفتاح لو أراد فعلا “قلب الطاولة” كما تصرح قيادات فتح ليل نهار منذ أيام..وليته يدرك أن ذلك هو خير رد على تهديدات قادة الكيان له ولغيره..بل أنه أقصر الطرق لانهاء الانقسام، الدجاجة التي تبيض ذهبا لدولة الكيان..
الشعب ينتظر أي مسار سيختار الرئيس!
ملاحظة: موقف قيادات فتحاوية من أحداث “المية المية” كشف عورة سياسية في حسابات ضيقة، وانتهازية..الأجدر أن تقف فتح لصيانة الدم الفلسطيني وليس البحث عن ذرائع اتهامية..بالمناسبة تصرف هنية القيادي الحمساوي كان اكثر “نضجا” أو “خبثا سياسيا”!
تنويه خاص: ليت “حماس” تدرك أن الزعيم ياسر عرفات ليس مادة للإبتزاز..مؤسسة عرفات هي الأحق بمقتنياته، ولا صلة لخدعة “التوافق الوطني” في هذه المسألة..عيب !