كتب حسن عصفور/ تاريخ لا يمكن لأي كان أن يطمسه من \”الذاكرة الجمعية الفلسطينية\”، يوم اغتصاب فلسطين في 15 مايو( ايار)، حيث اعلان دولة الكيان على غالبية اراضي فلسطين التاريخية، بما تجاوز الـ78%، وبات ذلك اليوم معروفا باسم \”النكبة\”، وهو التعريف الذي يشكل \”صداعا فكريا وسياسيا\” للحركة الصهيونية ودولة الكيان، تسمية تلخص ما حدث عام 1948 بشكل مكثف، تختزل الكارثة التي حلت بأرض وشعب، وفتحت بابا لمرحلة من \”الانكسار التاريخي\” للحركة الوطنية الفلسطينية، تستوجب تاريخيا مواصلة الفعل الشامل لاعادة تصويب ذلك الانكسار..
ذكرى النكبة تحل على فلسطين، وهي تعيش مشهدا سياسيا غاية في الالتباس، اقليميا ووطنيا، حيث لاتزال خريطة التحرك العام في المنطقة لم تتحد بعد بشكل يمكن اعتباره \”قاطرة لتصويب الانكسار التاريخي\”، رغم أن الآمال كانت مترافقة مع انطلاقته الأولى، لكن ما حدث من تشوهات وعمليات قنص سياسي وفكري للحركة الشعبية في المنطقة ادت لغير ما اشتهت الأمة وشعوبها، فبدلا من قطف ثمار الحراك لخدمة المشروع التحرري العام، أجبرت شعوب الأمة للعمل على استعادة المخطوف الكفاحي، ولتصويب مسار الفعل لقطع الطريق على ترسيخ مشروع استعماري تقسيمي جديد، يضاف لرحلة الانكسار التاريخية، وتحققت البداية في مصر باستعادة روحها العروبية، على طريق الدرب القادم..
المشهد الإقليمي العام استعاد بعضا من عافيته، فمثل قوة دفع للمشروع الوطني الفلسطيني العام، ساهم في رفع شأنه وتقدمه كي يبدأ رحلة تصويب \”مرحلة الانكسار التاريخي\”، خاصة بعد أن أجبرت حركة \”حماس\” أن تعيد صياغة بعض مشروعها الانقسامي، نتيجة هزيمة تاريخية لمشروع جماعتها الأم، ودخولها في مرحلة الاحتضار الفكري – السياسي، فكانت موافقتها على بداية مختلفة لاتفاقات المصالحة، والاستعداد لخوض رحلة جديدة من \”التعايش السياسي\” مع حركة فتح، في ظل بحث لكيفية \”التقاسم الوظيفي\” بينهما لمكونات الكيانية الفلسطينية القائمة..
موافقة لها أن تمنح الرئيس محمود عباس \”مناعة سياسية\” من أجل استعادة مشوار مواجهة \”النكبة\” بمشروع تكريس رحلة التحرر والاستقلال الوطني، بعد الانتصار التاريخي لفلسطين في الأمم المتحدة وقبولها \”دولة عضو مراقب\” ما يشكل بداية تصحيح لـ\”خطأ تاريخي\” ارتكبته الأمم المتحدة وقوى دولية واقليمية، وكان الاعتقاد أن هناك مرحلة كيانية فلسطينية ستأخذ حضورها في \”فلسطين\” وفي المنظومة السياسية – القانونية الدولية، مع ذلك الانتصار، بعد ان شكلت الشرعية الدولية غطاءا قانونيا وأداة فعلية لترسيخ \”الكيانية الفلسطينية\” بما تستحق في المرحلة الدولية الراهنة لكن ذلك لم يكن..
فجأة توقفت \”الانطلاقة الفلسطينية\” بقرار خرج عن التوافق والاجماع الوطني، بقبول الرئيس محمود عباس العودة للمفاوضات استجابة لطلب أميركي، دون اي ضمان سياسي، وفقط مقابل اطلاق سراح اسرى، لم تكتمل، ورغم كل محاولات \”تسويق تلك الصفقة المهينة شعبيا ووطنيا\”، الا أن طرفها الفلسطيني تعهد في أكثر من مناسب، مع القسم بأغلظ الأقسام أنه لن يمدد ساعة واحدة لتلك المفاوضات بعد أن تنتهي فترتها المسموحة والمحددة بالتسعة أشهر..وانتهت الاشهر ولم تنته الصفقة المهينة بعد، بل هناك اصرار عجيب عليها..رغم ما حدث من \”تقارب فتحاوي حمساوي\” بعد توقيع \”اتفاق غزة\”..كان الاعتقاد أن يشكل قوة دفعة لانهاء تلك الصفقة العبثية، ووضع حد لاستمرارها، خاصة بعد \”الاهانة السياسية والشخصية\” لفريق التفاوض الخاص التي وجهتها دولة الكيان له، بوقف اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى المفدوعة الثمن..اهانة مرت مرور الكرام وكأن شيئا لم يكن.
ولأن المسألة ليست تسجيلا لعثرات فريق مصر على نهجه رغم كل ما ظهر وبان، فيمكن لذلك الفريق أن يخرج من ثوب المهانة السياسية، خاصة بعد سد ثغرة استغلال انقلاب حماس في غزة، ليبدأ ردا عمليا على النكبة، برد تاريخي وليس ردا احتفاليا يبدأ بمسيرة وينتهي بخطاب، فما لدى فلسطين الآن من أوراق قوة وضغط سياسي يمكنها أن تجعل من يوم النكبة، مناسبة عملية لتجسيد وتطوير الكيانية الفلسطينية بكل مكوناتها السياسية والكفاحية والقانونية..
بامكان الرئيس محمود عباس أن يستعد من الآن لخطاب يوم ذكرى النكبة في الخامس عشر من مايو – ايار، ليعلن للعالم ولأمته العربية ولشعب فلسطين ما يلي:
*** اليوم الخامس عشر من مايو – ايار بدأ تجسيد \”دولة فلسطين\” وعاصمتها القدس الشرقية، على أرض الواقع تطبيقا لقرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012..
***الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير ودولة الكيان أنتهى مفعولها الزمني والسياسي..
*** التعامل سيكون من الآن بين دولتي فلسطين والكيان في اطار الشرعية الدولية، وضمن احترام مواثيقها ومعاهداتها الدولية..
*** تعلن دولة فلسطين أنها ستبدأ استكمال نيل حقوقها كافة، والانخراط بكل المؤسسات الدولية التي يحق لها الانضمام اليها، ويقوم بالتوقيع على الهواء على معاهدة روما كي يحق لفلسطين أن تصبح عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، ويترك لها لاحقا كيفية الاستفادة من تلك العضوية..
*** مطالبة دول العالم التي اعترفت بفلسطين كدولة، ان تعيد الاعتبار لذلك الاعتراف، وتبدأ مرحلة التعامل معها ضمن هذا المستحدث السياسي – القانوني..
*** يطلب الرئيس محمود عباس في خطابه، من جامعة الدولة العربية عقد \”قمة عربية طارئة\” لدعم الموقف الفلسطيني في المعركة السياسية القادمة لتجسيد الدولة وترسيخها..
**اعتبار قوات دولة الكيان فوق ارض فلسطين قوات احتلال يجب على الأمم المتحدة ان تعمل على انهائها فورا، وفقا لميثاق الأمم المتحدة..
*** أن يعلن الرئيس محمود عباس الغاء كل ما يتعارض مع ذلك القرار من اتفاقيات..
تلك بعض خطوات لو فعلها الرئيس عباس يكون قد بدأ فعليا في بداية لإزالة \”آثار النكبة\”..ننتظر ذلك بروح اجواء المصالحة الملتبسة!
ملاحظة: لا نعتقد أن حديث الصديق \”عمرو موسى\” عن ضرورة اعتراف حماس بالمبادرة العربية له ما يبرره الآن..المبادرة لا قيمة لها الآن يا ابو حازم..!
تنويه خاص: لو صدق تقدير المناضل هشام ساق الله أن فوز شبيبة فتح بانتخابات بير زيت بسبب حرق وزير، لكانت تلك نكبة لفريق التفاوض ايضا!