كتب حسن عصفور/ خلال زيارته الأخيرة الى القاهرة، أثار الرئيس محمود عباس بعضا ما يستحق الانتباه، فقد طالب بلقاء المشير عبد الفتاح السيسي، المرشح الرئاسي، وقد تم ذلك بأن ذهب عباس الى السيسي، رغم ان الأول رئيسا لـ”دولة فلسطين” والثاني لايمتلك منصبا رسميا، ولكنه يحمل “منصبا محتملا”، لذا فالرئيس عباس كسر كل أشكال البروتوكول من أجل “عيون المشير”، وقد يكون سبب ذلك التصرف “غير التقليدي ما نسب لأحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح بالتطاول على المشير ومصر واتهامهم بكلام مسيء ومهين لمصر ودورها، بما أدى لرفع قضية ضد ذلك القيادي الفتحاوي في مصر لمنعه دخولها أو اعتقاله، لذا يمكن اعتبارها زيارة اعتذارية بديلا لمحاسبة قائل الأقوال المعيبة..
وبالطبع يمكن اعتبار التصرف هذا، ايضا، ادراكا خاصا بأن السيسي هو الرئيس وليس الرئيس المحتمل، فيما استقبل الرئيس محمود عباس المرشح الرئاسي حمدين صباحي في مقر الضيافة، وهنا تصرف الرئيس بصفته التي يحملها، فيما تصرف صباحي بأنه مرشح للرئاسة وليس أكثر من ذلك..مظاهر كشف بعضا من تقدير الرئيس عباس لما سيكون عليه مستقبل الرئاسة المصرية، وهو يتوافق مع ما ذكره للكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري، خلال لقائه مع اعلاميين مصريين، بأنه أخبر أوباما أن المشير السيسي سيكون الرئيس القادم لمصر نظرا لشعبيته الكبيرة..
لكن الأهم فيما كشفه الرئيس عباس لبكري، ليس حالة “التنبؤ” بل ما دار بينه وبين أوباما من حوار عن الاخوان في مصر، حوار لم يتحدث به الرئيس عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح، في خطابه الذي دخل وخرج تاركا بعضا من المصائب الفضائحية وكشف أنه لم يكن حاضرا في محطات سياسية سابقة بما يكفي لسردها – لا علينا من خطاب معيب -، ولم يتحدث به أيضا أمام اجتماع فلسطيني، بل اختص به اعلاميين مصريين، رغم أهمية ما جاء في الحوار..حيث اعتبر الرئيس عباس أن جماعة الاخوان “حركة ارهابية”، وأنهم “اصل الارهاب” وأشد خطرا على المنطقة من حركة “طالبان”..
هذا الكلام الهام وقد يكون “التاريخي”، لم يتم التعليق عليه من أي مسؤول من الرئاسة الفلسطينية، رغم انهم لا يملون الكلام، لا يحمل قيمة سياسية لمصر وحدها، بل يفتح بابا واسعا لكيفية التعامل مع جماعة الإخوان ومنتجاتهم في فلسطين، وبالمقدمة منها حركة “حماس”، والتي قبل ايام فقط ادعى كبير مفاوضي وفد فتح بأنها ليست حركة ارهابية ولن تكون..لذا لن يمر كلام الرئيس عباس لاوباما باعتبار الإخوان “أصل الارهاب” في المنطقة مرورا عابرا، ولن يقف حدود الكلام عند اعتباره كلاما “خاصا” ويدخل في باب الرأي والرأي الآخر..
اعتبار الرئيس عباس الجماعة الإخوانية “اصل الارهاب والعنف” في المنطقة تحول تاريخي في موقف الرئاسة الفلسطينية، بل في موقف أي مؤسسة فلسطينية، ورغم أن الرئيس عباس سبق له أن اعتبر حماس تماثل تنظيم القاعدة عام 2007 بعد انقلابها في قطاع غزة، وما أثاره ذلك التصريح من رد فعل مثير في حينه، تم تجاوز آثاره لاحقا بعد فتح قنوات المصالحة مع حماس، لكن ما قاله الرئيس عباس مؤخرا يختلف كليا عن اعتباره موقف يختص باخوان مصر، لأنه اعتبرهم “أصل الارهاب” وهو قول يعود للوراء ليصيب كل الاخوان، حيثما كانوا، وبالتأكيد يصيب حماس بتلك التهم القاطعة، بأنها حركة أخطر من “طالبان”..
كان يمكن اعتبار الكلام من باب مجاملة الموقف المصري باعتبار الجماعة حركة ارهابية، أو مسايرة كلامية للموقف السعودي، لكنه تجاوز كلا الموقفين بوصفه تلك الجماعة بأنها “اصل الارهاب والعنف” في المنطقة، وهو ما سيفتح جملة تساؤولات عن كيفية تطبيق تلك الأقوال على الواقع الفلسطيني، وهل سيعتبر الجماعة الإخوانية حركة ارهابية في فلسطين، ويمنع أي نشاط لها وبإسمها، وهل سيضيف “شرطا مسبقا” لاستكمال مسار التواصل والحوار مع حركة حماس باعلانها “البراءة” من جماعة الإخوان بشكل صريح، لأنها لا تزال حتى تاريخه “البنت المدللة للجماعة الإخوانية”..
تصريحات الرئيس عباس لم تعد قولا على قول، ولن تبقى وكأنها خبر، بل سيترتب عليها مسؤولية سياسية جديدة، وخاصة في فلسطين وكيفية التعامل مع نشاط الاخوان وصلة حماس بهم..المسألة تحتاج توضيحا سريعا لما نقل عن الرئيس، أو أن يبدأ باتخاذ ما يجب اتخاذه لمواجهة “أصل الارهاب والعنف” في المنطقة..
والى حين ذلك، يبدو أن أي كلام عن الحوار والمصالحة يصبح “لغوا وعكا كلاميا” لا تشغلوا شعب فلسطين به فيكفيه ما هو مصاب به من مصائب لم يعرفها يوما، واولها فقدانه بوصلة المستقبل القادم لقضيته وكيانه الوطني، الذي وضع لبنته المعاصرة الزعيم التاريخي ياسر عرفات!
ملاحظة: بدأت دولة الكيان في تنفيذ اجراءاتها العقابية ضد السلطة الوطنية..ولا زال “عشاق التفاوض” يذهبون..ثم يخرجون للقول : لا تقدم ..لا اختراق..لالالالا..طيب ممكن تقولوا ليش مصرين على الذهاب!
تنويه خاص: اغلاق مقاهي في شمال غزة بقرار أمني حمساوي يذكر باغلاق “مرشدهم” التركي مواقع التواصل الاجتماعي..من شابه أخاه…!