كتب حسن عصفور/ اذا اكتفى البعض \”الفلسطيني\” بردة فعل حكومة نتنياهو تجاه أقوال مارتن أنديك، مساعد مبعوث \”السلام\” الأميركي، التي انتقدت ما قاله بخصوص \”الاستيطان\” والمسؤولية عن فشل المفاوضات، حتى تاريخه، سيعتقد اهل فلسطين أن ما حدث ليس سوى بدايه \”ثورة سياسية – فكرية\” يقودها كيري ومساعده، وقد لا نستغرب أن نقرأ من \”بعض فلسطيني\” ترحيبا بتلك الأقوال الأميركية، واعتبارها بأنها جاءت كنتيجة لـ\”صمود الرئيس عباس: وثمرة لـ\”مواقفه الثابتة\”، فهناك من يقرأ السياسة بطريقته التسويقية من باب رد فعل دولة الكيان وحكومتها، دون أن يكلف ذاته عناء الجهد الضروري لقراءة حقيقة تلك الأقوال، بل وخطورتها السياسية على قضية فلسطين..
ولنتجاهل هنا كليا ما قالته أوساط الصهيونية العنصرية المتطرفة في حكومة نتنياهو، ولنذهب مباشرة الى قراءة تصريحات مارتن انديك، فهو وضع مسؤولية الفشل على طرفي المفاوضات، أي أنه ساوى بين موقف نتنياهو وموقف عباس، رغم أن الجاهل السياسي يدرك أنه لا يوجد أدنى شك، بأن \”تنازلات\” أو \”تساهلات\” الطرف الفلسطيني فاقت الحدود عندما قرر الرئيس محمود عباس الذهاب الى تلك المفاوضات، دون قرار وطني واكتفى بقرار حركته فتح، وتجاهل موقف منظمة التحرير والقيادة الفلسطيني التي وضعت محددات لتلك العودة، لكنه أدار ظهره لها ووافق على طلب أميركا، تحت \”وعود\” وسقف زمني ينتهي بعد 9 اشهر..ولكن بعد انتهاء المدة الزمنية لم يحصل على شيء يمكن ان يعتد به للشعب الفلسطيني، حتى اطلاق سراح الأسرى لم يكتمل..
المساواة في المسؤولية هي الخدعة الكبرى التي يقدمها أندي للعالم بتحميل مسؤولية الفشل، وعمليا يمثل حماية لموقف دولة الكيان من غضب عالمي من سياستها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني، ولذا فتلك ليست نقطة لصالح فلسطين، كما يمكن ترويجه من فريق أن لا \”فكاك من المفاوضات ولا بديل لها حتى الممات\”، بل هي خدمة لدولة الكيان وحماية لموقفها الرافض لجوهر التسوية السياسية والاصرار على المضي بالاستيطان والتهويد ومصادرة الهوية الفلسطينية، أي أن الصهيوني اندي يحمي دولة الكيان من فريق صهيوني أحمق..
أما حديث انديك عن \”النشاط الاستيطاني\” واستمراره فهي المسألة التي يجب أن يتوقف أمامها كل وطني فلسطيني لم تصله بعد \”لوثة الاعجاب بأميركا وموقفها\”، فانديك لا يعارض الاستيطان الا من باب خطورته على \”نقاء يهودية دولة اسرائيل\”، وهو هنا يتجاو حدود أي تفكير اسرائيلي بصهيونته الفكرية والسياسية، فهو حريص على \”نقاء دولة اليهود\” اكثر من رئيس وزراء دولة الكيان، وبذلك يعمل على تكريس الطلب الصهيوني بـ\”دولة يهودية\” في فلسطين التاريخية، وان تكون \”نقية من أي شوائب فلسطينية عربية\”..نظرة عنصرية تفوق حد ما يعرضه كل أطراف قادة التحالف الأعمى في حكومة نتنياهو..
ويواصل انديك وظيفته لحماية \”نقاء دولة اليهود\” من حماقات تحالفها الحكومي، عندما يحاول أن يساوي بين النشاط الاستيطاني وبين الحركة الفلسطينية نحو تعزيز مكانة دولة فلسطين، وهو هنا يريد ان يضفي \”اللا شرعية\” على الموقف الفلسطيني ويساويه بفعل ناتج عن القوة الاحتلالية، وبذلك يمرر أن اي نشاط فلسطيني نحو الذهاب الى الأمم المتحدة هو عمل \”غير شرعي\”، رغم أن كل قرارات الشرعية الدولية وصفت الاستيطان بكل اشكاله ومواقعه بأنه \”غير شرعي\” في حين منحت فلسطين الدولة كل حقوقها الشرعية..لكن الصهيونية الفكرية – السياسية الحاكمة لموقف انديك، ارادت تمرير المسألة تحت غطاء وهمي من \”المساواة\” في مسوؤلية فشل الجهد الأميركي..
ولم يكتف المبعوث الأميركي المساعد، بما قاله بل ذهب الى ابعد من ذلك، عندما وضع \”مقارنة غريبة\” بين تفضيل نتنياهو الحفاظ على تحالفه الحكومي من خلال تعزيز النشاط الاستيطاني، وبين موقف الرئيس عباس عندما وصفه بأنه فضل البحث عن ارثه السياسي ومن يخلفه في الحكم، وهي مقارنه ظالمة كلية وكاذبة ايضا، فنتنياهو لم يقدم خطوة واحدة من أجل تحريك المفاوضات، بل استغلها لتعزيز الاستيطان والتهويد، في حين أن الرئيس عباس كان متساهلا جدا مع كل الطلبات الأميركية، وتوقف عن القيام بأي خطوة لتعزيز مكانة دولة فلسطين من أجل \”عيون أوباما\”، حتى بعد احساسه بالخذلان اثر تعطيل الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى التي دفع ثمنها كاملا، لم يقلب الطاولة كما كان يتوعد بعض فريقه، بل واصل الود السياسي مع واشنطن وارسل فريقه للتفاوض مع فريق بيبي، الى أن أصدر نتنياهو أمرا بوقف تلك اللقاءات، ولذا لا ذنب للرئيس عباس وفريقه بوقف المفاوضات، رغم الاهانة السياسية التي اصابته، وما قام به من توقيع على انضمام فلسطين لبعض المعاهدات لا يشكل \”خرقا جوهريا\” لما سبق الاتفاق عليه، بل \”خطوة صغيرة\” لا تخل بجوهر الاتفاق بينهم، ويمكن وصفها بـ\”قرصنة إذن\” لا أكثر..
الغريب أن الفريق الفلسطيني المفاوض، قرر الصمت كليا على اقوال مارتن انديك، وكأنها اقوال \”منصفة\”، رغم أنها اشد خطورة من تصريحات أي عنصري اسرائيلي، وتشكل انقلابا سياسيا رديء الاخراج، وما كان على الرئيس عباس أن يقبل مثل تلك الأقوال الصهيونية الخالصة، ولذا هو مطالب اليوم بالرد الصريح والواضح على تلك الأقوال، وان لا يستمع لنصيحة بعضهم أن يلتزم السكوت وفسح المجال لما يدور بين انديك واسرائيل..حذار من ذلك كي لا يصبح القول عن يهودية دولة الكيان ومساواة المسؤولية بالفشل واعتبار حق فلسطين في الحركة الدولية هو وجه آخر للنشاط الاستيطاني، يجب الكلام..الصمت يعني الموافقة والموافقة تعني الاستسلام..باختصار!
صحيح هل لا زال بعضهم غاضب من وصف القيادي الفتحاوي عباس زكي لانديك بالرجل الصهيوني..يبدو أنكم مطالبين باعتذار لـ\”ابو مشعل\”!
ملاحظة: اسئلة اسرى الحرية الى الرئيس محمود عباس تنتظر الاجابة..هل يمكن أن يحترم البعض رغبتهم ويجيب على اسئلتهم..أم نعتبره خبرا صحفيا جاء في يوم الجمعة!
تنويه خاص: يبدو أن حماس لم تعد تملكا \”ترف الرفض\” فيما كانت ترفضه..تصريحات ابو مرزوق حول معبر رفح واتفاق 2005 يكشف ان الكلام \”الكبير أوي\” انتهى..ليت د.الزهار يقرأ تلك التصريحات!