كتب حسن عصفور/ تصر حركة “حماس” على الفعل الانفصالي بلا حسابات وطنية، وبات شغلها الشاغل هو كيفية تعزيز ما اقدمت عليه من “خطف قطاع غزة” قبل سبع سنوات، مستغلة الاهتمام الوطني الواسع بالمصيبة الدائرة رحاها في “عبثية التفاوض” الفتحاوي – الاسرائيلي، فرغم كل التصريحات “النارية جدا” التي تطلقها قياداتها من قاعدة قطر وقطاع غزة بحثا عن “المصالحة”، لكنها في الواقع لا تعمل سوى لفصل القطاع عن الضفة الغربية بممارسات يومية، سياسية و”تشريعية”، معتقدة أنها ستفوز بـ”ابل القطاع” في لحطة من زمن عربي متحرك وملتبس..
حركة “حماس” وبلا أدنى حساسية وطنية أعلنت أنها تناقش مشروعا “لقانون عقوبات” خاص بقطاع غزة، وقبل الحديث عن مضمونه، ومدى رجعيته الفكرية والسياسية، فالخطر الأكبر لا يقتصر على ذلك المضمون المتخلف جدا، بل يكمن في البعد السياسي الذي يقف وراء ذلك القانون، ولن نقف كثيرا عند مسألة “حسن النوايا” التي قد يبحث عنها البعض الجبان أو المتخاذل لتبرير فعلة حماس الكارثية، ولكن الحقيقة المباشرة تقول أن ما تفعله تلك الحركة، ليس سوى “استكمال قانوني لـ”مبدأ اوباما – بلفور 2″، والرامي لاقامة كيان فلسطيني، بمسمى دولة، في بعض الضفة الغربية، والذي لم يعد سرا او يتم بحثه في غرف مغلقة، فالرئيس الأميركي اعلنها نصا واضحا، ولم تجد لها رفضا ولا ردا من اي مسؤول رسمي في قيادة فتح التفاوضية، ولا من مكتب الرئيس محمود عباس، واكتفوا بالحديث العام كي لا يصابوا بغضب “السيد الأكبر” في واشنطن..
ما تقدم عليه حماس من مناقشة قانون عقوبات جديد، أو مناقشة اي تشريعات جديدة، خروجا على القانون الأساسي وفي ظل غياب المجلس التشريعي، ومع واقع “الفصل القائم بفعل فاعلين مصران على استمرار الكارثة الانقسامية”، فذلك يمثل استجابة حمساوية وسريعة مع مخطط اوباما السياسي لتكريس الفصل بين جناحي دولة فلسطين ومتمرير مخططه السياسي المعلن، ولن يفيد بعد ذلك كل ما يمكن قوله، فليس مهما لشعب فلسطين أن يخرج أحد تلك القيادات الحمساوية ليتحدث عن “المصالحة” فيما تقوم حركته بتكريس “الانفصال السياسي” عبر قوانين لا تخضع لسلطة أو مؤسسة تشريعية وطنية عامة..بل أن الأصل الأخطر هو اعتقاد هذه الحركة أن ما تقوم به من اجتماعات لبعض نوابها في غزة يشكل “مجلسا تشريعيا”، في مهزلة لم تحدث في اي بلد في العالم، بل ولا في حكاوي قراقوش الأشهر في عالم المهازل..
والمأساة، ان تدخل بعض القوى السياسية في مناقشة القانون من خلال طبيتعه ومضمونه، وهل هو “تقدمي أم رجعي”، “عصري أم متخلف”، متجاهلة ما هو الأخطر في تلك المسألة، بأن التفكير بتشريع اي قانون جديد في قطاع غزة، هو الوجه الآخر للمؤامرة الأميركية – الاسرائيلية، ومن يتجاوب معها من ذلك الفريق التفاوضي، التي يتم صياغتها في اروقة المفاوضات، ولم تعد مؤامرة مجهولة، بل باتت معلومة لمن يقرأ اولا يقرأ، ولم تعد سرية يتم بحثها في غرف مغلقة..ونقاش قوانين لقطاع غزة، مهما كانت “ثوريتها وتقدميتها ومعاصرتها” لن تكون سوى أداة تشريع لتمرير “المؤامرة الكبرى” على القضية الوطنية الفلسطينية..
تلك المسؤولية التي على مختلف القوى والمؤسسات في فلسطين التاريخية، أن تتصدى لها وتقبرها في مهدها، وتقف في وجه “مؤامرة حماس” الجديدة التي لو فازت بها لأكدت بلا أدنى منازع أن كل ما قيل ويقال أنها شريك مباشر وأداة تنفيذية تم تجهيزيها ومساعدتها لتمرير المؤامرة، وكل الشعارات التي تختبئ خلفها لن تحميها من “لعنة الشعب الأبدية”، بأنها كانت الجسر الذي تم صناعته خصيصا لتمرير مؤامرة تصفية القضية في نسختها الأميركية الجديدة..
القضية ليست لعبة وجدل على مواد قانون، بل في فكرة نقاش قانون خاص لجزء من أرض فلسطين، من هنا تبدأ الحكاية، ولا سواها، فمن اراد مواجهة المؤامرة الأميركية – الاسرائيلية، عليه التصدي ومواجهة كل مظاهر تمريرها، كانت مفاوضات هزلية معيبة بلا أخلاق وطنية، أو ممارسات حمساوية تستغل التفاوض لتمرير مشروع اوباما بطريقتها “الاسلاموية”..
استمرار التفاوض بما هو عليه، واستمرار حماس بما تقوم به في بند التشريعات والقوانين، ليس سوى “وجهان لعملة واحدة – المؤامرة الكبرى” التي تقوم بتحضيرها واشنطن – تل أبيب..
المهزلة يجب وقفها والتصدي لها باسمها الصريح وليس بمسميات اخرى ومحاصرته بل ومعاقبة أطرافها كل بما يستحق العقاب الوطني..
ملاحظة: اليوم تنتهي المهلة الزمنية لاطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى..فتح بكل مؤسساتها تتوعد دولة الكيان.. وحتى صباح الغد سنرى هل حقا أوفت بما وعدت..أم كلام “ليل” لا أكثر!
تنويه خاص: حكومة الحمدالله المبجلة اقرت تغيير توقيت التعديل الصيفي في آخر لحظة، دون أن تقدم تفسيرا واحدا للشعب عما فعلته..هل يمكن لوزير العدل ان يفسر معنى احترام الناس لدولة رئيس الوزراء!