بقلـم : حسن عصفور
منذ انقلابها على الحال السياسية الفلسطينية والشرعية الدستورية، وحركة حماس تقوم يومياً بتعزيز مفهوم انشاء امارتها الخاصة، رغم كل ما يقال من قادتها السياسيين، داخل \”الامارة\” وخارجها، بأنهم لـم يفعلوا سوى الدفاع عن \”شرعيتهم\” الـمنتخبة والتي حاول البعض الانقلاب عليها، ولذلك سارعوا الى \”البندقية\” لقطع الطريق على سرقة مشروعهم على قاعدة \”البندقية هي الحل\”.. هذا التبرير الـمتكرر، يسقط في الاختبار بأسرع من كل الكلـمات الآتية، من مواقع اتخاذ القرار في حركة حماس… خاصة وأن شرعيتها، ليست مقتصرة على غزة وحدها، وأنها ليست النظام السياسي، بل هي جزء من النظام، وبالتالي غزة لن تحمي شرعية انتخابات \”حماس\” وإلا لكانت عملية العصيان الـمدني والـتظاهرات الشعبية، والاستنفار الحمساوي في الضفة، مترافقة مع حالة \”البندقية\” الحاسمة، ولكن شهوة السلطة هي التي حركت حركة حماس في غزة… وكان لها ما أرادت من سيطرة ثم ممارسة كل أشكال الحقد والكراهية تجاه الآخر، بطريقة، لـم تكن على الإطلاق جزءاً من تاريخنا الوطني.. ومنذ الانقلاب العسكري في قطاع غزة، أخذت \”حماس\” تعيد ترتيب أوراقها، في كيفية استمرار السيطرة، على مقاليد الحكم، بالتشاور مع الحلفاء \”ايران ، سورية، قطر\” الى جانب حركة الإخوان الـمسلـمين.. هذا التحالف، الذى يعمل على \”صيانة الامارة\” وإطالة عمرها، الى حين تحديد ملامح الـمعركة القادمة العسكرية او السياسية وفقاً للظروف والتي تحدث عنها كل من احمدي نجاد (الصيف الساخن) وخالد مشعل (التطورات الـمتوقعة) وبشار الأسد(الاستعداد للتفاوض)… وسارعت حركة حماس بالتمرد على الـمرسوم الرئاسي لافتتاح دورة جديدة للـمجلس (في ظل النقص العددي لنوابها) مما شكل فعلاً تمرداً دستورياً، بالتوازي مع قيام حكام \”امارة\” غزة، بإعادة الاعتبار لوزراء حكومتها السابقين، كسعيد صيام ومحمود الزهار، ثم اقالة مسؤولي الـمناصب العامة، التي لا تخضع لسلطتها الـمباشرة، في تجاوز كامل وصريح ومباشر للنظام الأساسي، سواء التنفيذي او القضائي، وجاءت خطواتها الرسمية الاولى، لإعلان شكل الإمارة، ونظامها الجديد بالسيطرة على البلديات، وإعلان تشكيل اول حلقة نيابة شرعية اسلامية، بديلاً عن القضاء الرسمي، بل ان حكم \”الامارة\” استخدم تنفيذيتهم لإنشاء القضاء، في سابقة لا تحدث في اي حكم سياسي في عالـمنا الراهن، حتى حكم القبيلة، فإن كبيرها، هو من يقوم باتخاذ القرار، ولكن \”امارة\” غزة اخذت في سن قانون قضائي شرعي \”خاص ومتطور وعصري الى درجة ان \”امنهم\” هو من يشكل \”قضاءهم\”.. كمؤشر على كيفية السير نحو اقامة حكم من طراز جديد… وتتواصل عمليات تأسيس \”الإمارة\” بعد الحصول على الـمال اللازم لدفع رواتب موظفيهم من اصحاب الرعاية، الى جانب الاستمرار في جني الأموال والضرائب، بقوة السلاح وتحت التهديد، والـمضي فى بناء \”جهازهم الأمني\” متعدد الأغراض، بالتوازي مع الاستمرار في تدمير مؤسسات السلطة القائمة، لـمصلحة \”مؤسساتهم\” البديلة.
ان الـممارسات اليومية لحركة حماس في قطاع غزة، تشير الى انها تؤسس \”لإمارتها\” على قاعدة، ان الصيف القادم، هو صيف \”الانتصار الايراني\” على الـمشروع الاميركي ــ الصهيوني (ومن ضمن الرئاسة والحكومة الفلسطينية) لذلك يستعدون منذ الآن، ليوم الانتصار، خاصة بعد قمة دمشق السرية بين ايران وخالد مشعل، وبعد التأييد القطري كما اعلن خالد مشعل نفسه اثر ختام زيارته للدوحة والتى منها وجه تحذيراً واضحاً للرئيس وحكومته، بألا يستخفوا بقوة \”حماس\” في الضفة الغربية..
ان القرار السياسي الذي تسير عليه \”حماس\”، هو العمل على \”اعادة بناء\” الـمؤسسات كافة فى قطاع غزة، دون اعلان، وتحت ذريعة واحدة \”سد الفراغ\” خاصة وأن التكلفة الـمالية، ليست مرهقة، في ظل التزام الـمجتمع الدولي، بتقديم الـمساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وتسديد رسوم الكهرباء والبترول والـمياه من الحكومة الشرعية… \”امارة\” تدعي الفقر، ولا تفعل شيئاً لـمن تحكمهم، سوى ازالة كل اشكال الأمان من حياة الإنسان مع تنظيم حركة مرور سلسة.
ان ما يحدث اليوم في \”القطاع الـمخطوف\” هو بناء ملـموس لنظام \”الإمارة\” والذي لـم يعد ينفع معه نفي \”حماس\” الـمتكرر.. فالأمر اكثر وضوحاً وسطوعاً، من كلـمات لا تسمن ولا وزن لها.. والـمجموع الوطني العام يقول ذلك، ولكن ان تعترف \”حماس\” او لا تعترف ليست تلك الـمشكلة، فلـم يعد لها قيمة فعلية، إلا ان السؤال الجاد، الذي على حكام \”الإمارة\” الإجابة عليه هو، هل \”الدائرة الـمغلقة\” لنظامها، يمكن ان تنتصر فعلاً.. وهل كل ما سمعتموه من من شجعكم، قادر على فتح مكتب تمثيل واحد في \”امارتكم\”..، وهل هناك من سيتعامل معكم، كأهل حكم حقاً.. وهل سترون مؤسسات الجامعة العربية كحكام او غيره؟.. الأسئلة كثيرة.. ولكن جوابها واحد.. لا للإمارة وحكامها.. مهما انتظرتم… وكل صيف وأنتم بخير!
24 تموز 2007