كتب حسن عصفور/ بعد أيام من “التفاعلات الجانبية” بين حركة حماس وبعض تحالفها الفصائلية، وأطراف عربية (مصر وقطر)، وغير عربية (بلاد فارس وتركيا)، سلمت ردها على مقترحات “لقاء باريس” – إطار الهدنة وتبادل الرهائن -.
الورقة – الرد، نشرت بطريقة كشفت من بدايتها “عيبا سياسيا” في آلية التعامل مع “أطراف تحالفها، عندما قدمت لهم مسودة نص وليس النص النهائي، الذي تبين به إضافة لم تكن جزءا من “التوافق الخاص”، حول وضع الولايات المتحدة كأحد “الأطراف الضامنة” للاتفاق فيما لو تم التوصل إليه، وتلك مسألة تشير الى “خديعة” لا يجب أن تكون بين أطراف تدفع ثمنا لذات المعركة، ولا يحق لطرف التلاعب بما هو مشترك.
وضع أمريكا، كأحد الأطراف الضامنة لاتفاق محتمل، يشكل بذاته أحد “الخطايا الوطنية” لطرف يقود الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، وتلك مسألة لا تحتاج “دليلا” فمشاركة بايدن ووزير خارجيته اليهودي الصهيوني بلينكن في مجلس الحرب علنية، وآخرها في اليوم التالي لتقديم حماس وتحالفها الورقة الخاصة، وهو ما يمثل انحرافا سياسيا عن تعريف طبيعة الحرب ومسارها، وتشويها للمعركة الأكبر التي تدور فوق أرض فلسطين ورأس النار فيها قطاع غزة.
إضافة أمريكا كطرف ضامن، والتي لم تكن ضمن ورقة التداول الأولى، يبدو أنها جاءت بطلب قطري، فكانت الموافقة ترضية لـ “صداقة خاصة” على حساب مسألة وطنية، ما يشير الى مخاطر قد تبدأ في الدحرجة التالية، مع سير التفاوض تحت النار، والذي يتصاعد بكثافة وخاصة بعد تقديم الورقة الخاصة، وهو ما كشفته تصريحات رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، وبوجود الوزير الأمريكي “الضامن” لاتفاق لا زالت معالمه بعيده الوضوح.
ودون البحث في تفاصيل النص الحمساوي، فقد تبين بداية التخلي عن شروط كانت معلنة، ومنها “تفاوض الكل مقابل الكل” و”الانسحاب التام لقوات الاحتلال”، وتلك مسائل تفاوضية كان التخلي عنها لها بشروط أخرى، خاصة أن البند الثاني يمثل “بيضة قبان” كل اتفاق فيما لو حدث اتفاق حقا.
وبدأ واضحا جدا، أن القضية الجوهرية التي حرصت حركة حماس أن تكون مركزية في ردها، وضمن كل الفقرات، أنها هي من يمثل الطرف الفلسطيني تفاوضيا وحدها، ليس تجاهلا للممثل الشرعي الرسمي (المنظمة والسلطة) فقط، بل تجاهلا لكل من هو غيرها من فصائل يفترض أنها شريكة في المعركة الدائرة وتدفع ثمنا مباشرا، وليس حضورا هامشيا.
رسائل حماس من تغييب الممثل الرسمي، واستبداله بذاتها، رسالة سياسية تتوافق كليا مع أحد أبرز أهداف الحرب العدوانية على قطاع غزة، بكسر الوحدة السياسية – الجغرافية للشعب الفلسطيني، وتكريس العزل الوطني بين الضفة والقطاع، ما يمثل خدمة للمشروع التهويدي العام.
أن تمتلك حماس تحفظات سياسية أي كانت طبيعتها على “الرسمية الفلسطينية” شي، وأن تتجاهل مخاطر الاستبدال التمثيلي شي آخر، ومنه تبدأ خطورة الرحلة القادمة، التي تريدها تماما دولة الفاشية اليهودية وكذا الإدارة الأمريكية، بوضع حجر أساس جديد لشطب “الشرعية الوطنية”، دون أن تعترف بمن يحاول أن يكون بديلا سياسيا كما تعتقد حركة حماس.
خطيئة وطنية كبرى في ورقة حماس وردها، أنها نقلت المعركة من الوطني العام الى الذاتي الخاص، استبدلت معركة حماية المشروع العام، الى حماية فصيل، برسالة تقول للكيان والأمريكان، أن اليوم التالي سيكون مع حماس وليس اليوم التالي لحماس..وهي مستعدة لبحث ترتيبات اليوم التالي ضمن “حدود جغرافية جديدة” وبشروط جديدة.
ودون مناقشة تفاصيل الورقة الحمساوية، فمن بين خطاياها السياسية، أنها تكرس إعادة احتلال قطاع غزة، وفتح الباب لمرحلة “طلاق وطني” جديد برعاية عربية دولية، ضمن حسابات لا تتفق والمشروعية الوطنية العامة.
محاولة “انقاذ الذات” هي الناظم المشترك الذي يحكم مفاصل رد حماس، ثغرة لن تمر دون النفاذ منها لفرض شروط انكسارية جديدة..فهل يمكن لها تحقيق هدفها المركزي في البقاء لليوم التالي بمنطق يمر عبر “نفق ذاتي”، فتذهب “منفردة” دون “شريك” للتفاوض في مكان التفاوض..تلك هي المغامرة الوطنية الكبرى.
ورقة حماس وردها كشف عيوبا وخطايا وطنية لن تنحصر بحدود “جغرافية – سياسية” أو حسابات حزبية خاصة..فمنتجها سيطال كل المشروع الوطني الفلسطيني… وهنا تكون “أم السقطات الوطنية”.
ملاحظة: حاول بلينكن أن يلتقي برئيس أركان جيش دولة الكيان…فكان الرد أنه هاي مش من دول الموز يا بوبو..فلحس كلامه وقعد بأدبه وغطرش..تخيلوا هاي دولة ستكون “ضامنة” للاتفاق حسب رغبة الورقة الحمساوية…اللي ورطكم مش حيخلصكم وتذكروا!
تنويه خاص: يد أمريكا الطويلة قصفت حياة شخصيات مهمة في تحالف الفرس في بلد الرافدين..طبعا اللي حرضهم بدا يساوم على دمهم وتحسين أوراقه مع الأمريكان..يا ريت بعض فصائل حارتنا تفكر في اللي بصير بلاش يصير فيها زي ما بصير في غيرها..لو بتحس طبعا.