كتب حسن عصفور/ بعد أن قررت حركة “حماس” الغاء مهرجان ذكرى انطلاقتها قبل فترة تحت عنوان الظروف السياسية – الأمنية غير المناسبة، واشاعت وكأن التاجيل جاء انطلاقا من “الحرص الوطني الكبير” على ما يتعرض له أهل فلسطين، وخاصة أهل القطاع المحاصر، فجأة قررت أن تنظم احتفالا في ذكرى اغتيال الشهيد أحمد ياسين، مؤسس الحركة في ظروف أمنية قد تكون أكثر خطورة مما كانت عليه في الفترة التي أجلت مهرجان الذكرى..حيث قوات الاحتلال صعدت اخيرا من فعلها العدواني فكان رد حركة “الجهاد” قاسيا.. ولا تزال تتربص بقطاع غزة كل لحظة تراها مناسبة..
فالتوتر الأمني العام لا زال يحيط بقطاع غزة، فلو افترضت قيادة حماس الغزية أن “العدو الصهيوني” لا أمان له، كان لها أن لا تقيم مثل هذا المهرجان..ولو أن الحصار كان سببا لتأجيل مهرجانها المركزي دائم الحضور منذ سنوات، فهو لا زال قائما وفقا لما تقوله وسائل اعلام الحركة، ولكن وبلا مقدمات رأت حماس ان تقيم مهرجانا سياسيا قبل أن يكون شعبيا، وكان لها ذلك بعد أن اعلان الجهاد الاسلامي دون سواها من القوى الوطنية مشاركتها كفاعل في مهرجان حماس “الاعلامي”..
ولو تم التدقيق في خطاب “أهل حماس” خلال يوم المهرجان وخطبه ايضا، سيجد كل قارئ أن المخاطبة الرئيسية كانت تتجه نحو القاهرة أولا، ورام الله ثانيا، وتل أبيب مرورا “هادئا” والى طهران وقطر بعيدا، رغم العبارات الجوفاء التي تحدث بها هنية عن “القيمة الاستراتيجية” لحفر الأنفاق، وتناسى كليا أن قواته لم تشارك في طلقة واحدة خلال “معركة الجهاد الأخيرة”، لكنه استغفال ليس بجديد، ولو كانت النية صادقة لقيادة حماس لخصصت خطب وتصريحات ما قبل المهرجان وخلاله لفتح صفحة سياسية مختلفة جدا عما كان..
خطاب هنية حمل كثيرا من “الشعارات الفارغة”، والتي ينقصها الصدق والفعل، هو ما يستحق القراءة أكثر، دون تناسي تصريحات “حمقاء” اطلقها بعض من قيادات حماس اعتقدت أن حضور آلاف مهرجانا يشكل “فرصة” للاصرار على “الغطرسة والتعالي” السياسي، كما جاء في تصريحات مسؤول امن حماس فتحي حماد التي حملت من الحقد على مصر والسلطة الوطنية اكثر بكثير مما كان ضد دولة الكيان الاسرائيلي..فيما اصيب حسن يوسف والد “الجاسوس الشهير يوسف حسن يوسف” بهلسوة فريدة، فخاطب قيادة مصر مباشرة عبر تصريحات متلفزة: ” “نقول للانقلابين في مصر.. الحصار لا يسمن ولا يغني من جوع”..
وعودة لأقوال هنية، فقد حاول أن يبدو حريصا جدا على فلسطين الى درجة يمكن أن تهتز اركان المعمورة جراء ما أظهره من حرص يفوق كل وصف بقوله ، خذوا الكراسي وخذوا المناصب وخذوا كل شيء ولكن لا تفرطوا في فلسطين..كلمات من يسمعها لا يملك سوى أن يهتز تأثرا، وقد يصاب البعض برجفة واغماءات نتيجة “التواضع المطلق” و”الزهد السياسي الذاتي” مقابل عشق الوطن وقضية فلسطين..ولكن الخطيب البارع تناسى كليا أن التخلي عن الكرسي أو ترك المنصب لا ينتظر مشورة أو نداءا جديدا، فلو كنت صادقا في دعوتك تلك، وسنجاملك بالقول ربما تكون كذلك، فاترك المنصب فورا وتخلى عن الكرسي الذي يشكل استمرارك به أكبر خدمة تقدم للمشروع المعادي لفلسطين من بوابة الانقسام، وهو الأشد كارثية على فلسططين في لحظتها الراهنة كونه بوابة لتمرير “وعد بلفور الثاني – مشروع اوباما”..
فلو كانت فلسطين غالية جدا عليك، الى تلك الدرجة الانتفاضية بالمشاعر واللغة، فلا تبقى يوما واحدا في مكانك، واعلن اليوم قبل الغد، أن حماس تعلن الغاء كل مظاهر “الانقسام” ومن أجل فلسطين قررت قطع الطريق على مشروع امريكا واسرائيل وفريق متآمر معها من “أهل البيت الفلسطيني”، وتدعو لجنة وطنية برئاسة عضو اللجنة التنفيذية زكريا الأغا لاستلام كل مقرات الحكومة ومؤسساتها.. وأن حركة حماس لن تكون بعد اليوم هي السلطة التنفيذية، وستدير العملية مؤقتا لمدة اسبوع أو اكثر قليلا حتى تنتهي عملية التسليم والتسلم، وتعلن أن المؤسسات القائمة هي جزء من المؤسسات الأم، وتدعو الرئيس عباس بكل ما لك ولنا عليه من ملاحظات جادة باستمراره في تفاوض عبثي، وقد يصبح لو استمر بما هو عليه “تفاوضا مشبوها”، أن يأت لغزة ليمارس معركته السياسية واعادة افعل من ارض غزة، اعلن للعامة أن حماس لم تعد تحكم وهي تعيد الأمانة الى اهلها الشرعيين، لتبدأ رحلة “حب فلسطين” خارج مناصب وملذات حكم وبهرجة حياة اقتحمت سلوك من كانوا يعيبون غيرهم ما كان أقل بكثير مما هو سائد اليوم في غزة “المحاصرة”..
الصدق لا يحتاج لانتظار احد كي تنفذه، فلو كانت “المناصب والكراسي” لا تهمك وقيادتك فعلا فنفذ ما أعلنت دون بطئ أو مماطلة..لكن المسألة لا صلة لها بالقضية الوطنية بل بحثا عن مكان في ظل هزيمة مشروع امريكا واخوانها ورسائل الى جهات غير التي تحدثت عنها..مهرجان عنوانه أن “حماس لديها ما يغري من يبحث عن “مكان” فوق أرض فلسطين “..ولا نعتقد أن ايران بعيدة عن تلك الرسالة..
اما من يتحدث عن مع مصر بلغة الانقلابيين، فلو كانت فلسطين هي عنوانه لما كان منه ذلك القول، ولكن أين يمكن لاخواني كمثله أن تكون فلسطين هي بوصلته..فشعارهم الحقيقي “الجماعة فوق الجميع”..فهل هؤلاء حقا يملكون تواضع التخلي عن الكرسي والمنصب..
باختصار العبوا غيرها..وانتظروا ما يصلكم نتيجة لذلك الاستعراض المطلوب لجهات خارج فلسطين التاريخية..
لخصت وكالة “رويترز” ما حدث بـ” مظاهرة لحماس في غزة ضد مصر واسرائيل وعباس”..هكذا عنونت الوكالة العالمية تقريرها عن مهرجان حماس وقد يكون به كثير من صواب..
ملاحظة: الم يكن أجدر بالرئيس عباس أن يلتقي بقيادة الشعب – اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير – ليضعها في صورة ما حدث معه في واشنطن قبل أن يلتقي بقيادة فصيله..احذروا ان تقعوا في فخ “الفصيل قبل الجميع”..
تنويه خاص: هل يمنح الرئيس الأميركي اوباما ما لم يمنحه كلينوت وبوش لنتنياهو ويطلق سراح أحد أهم “جواسيس” الكيان الاسرائيلي ..سننتظر ونرى!