كتب حسن عصفور/ بعيدا عن مسلسل “توم وجيري” للمفاوضات الدائمة دوام حياة مفاوضيها، هناك ومنذ فترة معركة تدور رحاها بعيدا عن “اعلام الإثارة” بين الأردنية – الفلسطينية د.ريما خلف ودولة الكيان وحركته الصهيونية داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث تشغل د.خلف منصب المدير التنفيذي لمنظمة “الاسكوا” – اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا -، واساس المعركة تقرير تم نشره منذ فترة زمنية، تحدث عن طبيعة دولة الكيان وسياستها تجاه الشعب الفلسطيني، وما أنتجه الاحتلال من أثر على اهل فلسطين، ومطالبتها أن تحضر “الجدية الرسمية العربية” لمواجهة خطر سياسة دولة الاحتلال، ودعت لضرورة اصدار قوانين تجرم التعامل مع المنتجات الاستيطانية، وهي طالبت بما اقرته الدول الاوروبية..
تقرير “الاسكو” يستحق من الاعلام الفلسطيني، ان يعيد نشره مرة ثانية، رغم نشر متقطفات واسعة منه قبل فترة، كوثيقة ادانة لدولة الكيان العنصري، التقرير بعنوان “التكامل العربي سبيل لنهضة إنسانية”، ولخصت د.خلف موقفها من سياسة الكيان الاحتلالي بعبارة تكشف سر تلك الحملة التي تقودها الحركة الصهيونية، ذكرت خلف في تقديمها للتقرير المشار له أن: “السياسات الإسرائيلية باتت مصدر خطر دائم على أمن المواطن العربي في المنطقة بأسرها”، وهي بذلك تعيد الى الذهن العربي، مواطنا ومسؤولا أن الخطر الاسرائيلي ليس حكرا على أهل فلسطين وحدهم، بل أنه خطر على الواقع العربي بكل مكوناته، ولعل تلك العبارة، والتي كان كل طفل عربي يدركها من المحيط الى الخليج خلال فترة النهضة التحررية العربية، وقبل أن تحل قوى “الطوائف” لتزيل حدود الرؤية السياسية باسم الدين خداعا، على حساب البعد القومي، ولذا كانت الشعار دائما يستند الى أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية..
ربما كان للصهيونية ان تغض الطرف عن نقد لبعض سياساتها الاحتلالية والتي جاءت في التقرير وخطاب د.خلف، لكنها تدرك يقينا أن إعادة الإعتبار لمقولة أن اسرائيل هي خطر على الأمة العربية وأمنها في المرحلة الراهنة، يمثل ضربة قاصمة لكل ما تحاول الترويج له بأنها ليست “الخطر الأول” بل أنها لم تعد هي “الخطر” على الدول العربية، ولذا فهي لم تتساهل ولم تغض طرف العين على “التلخيص العبقري” للخطر الحقيقي على المواطن العربي وأمنه، الذي جسدته العبارة المكثفة التي جاءت في تقديم د.ريما خلف لتقرير الاسكوا، وتدرك قيادة دولة الكيان والحركة الصهيونية، أن تلك المقولة إن عادت فستجد ذاتها داخل حصار عام لم تحسب له حسابا، بعد اعتقادها أن الحراك العربي انتج لها “عقد اسلاموي” يبتعد عن جوهر الفكرة القومية العربية، ويعيد حضورا طائفيا يمنحها سلاحا فتاكا لتكريس حضورها باسم الدين ايضا..
دون أدنى شك، فما قالته د.خلف هو انعكاس لرؤيتها التي صقلتها تجربتها الكفاحية المميزة كأحد أبناء الثورة الفلسطينية في لبنان، إذ كانت ضمن كتيبة فتح الطلابية في الجامعة الأميركية، وكان لها حضورا فاعلا حيويا، قبل أن تحتل موقعا سياسيا مرموقا كوزيرة لأكثر من مسمى في حكومات اردنية، الى أن انتقلت للعمل في اطار الأمم النتحدة، مناصبها العامة لم تنسها للحظة جوهر الصراع في المنطقة، ومن هو الخطر الحقيقي لأمة العرب وشعوبها وأمنها، لذا المعركة فتحت عليها لهز اركان حضورها الوظيفي، معركة متواصلة منذ ما يقرب من الشهرين، دون أن تكلف أي مؤسسة رسمية عربية، ومنها الجامعة العربية، أو مؤسستها الاقتصادية عناء المساندة حتى لو كانت “مساندة لغوية”، وطبعا تجاهلت القيادة الرسمية الفلسطينية، وحركة فتح التي كانت ريما خلف يوما أحد اعضائها، تلك المعركة، وكأنها تدور في منطقة لا صلة لها بالمعركة الحقيقية لشعب فلسطين ضد خطر دولة الكيان..
كان بامكان القيادة الرسمية الفلسطينية أن تصدر بيانا، وهي لا تمل يوميا من اصدار البيانات عن أي حدث هام أو غير هام، لتعرب فيه عن تضامنها مع د.خلف في معركتها ضد دولة الكيان الاحتلالي العنصري والحركة الصهيونية، وعله كان أكثر نبلا لو قام الرئيس محمود عباس باستقبال د.خلف خلال مروره بالعاصمة الأردنية، أو أرسل لها مندوبا برسالة تأييد وتضامن، فذلك لن ينتقص من مكانته ولا يمس شرعيته، بل يزيدها فخرا وعزة، وبالتأكيد د.ريما لن تهتز من حرب الصهيونية عليها، لكنها بالتأكيد ستزداد صلابة وقوة بكل موقف تأييدي لها من المؤسسة العربية والفلسطينية أولا..
بعضا من “التجنح” نحو مساندة من يستحق المساندة في المعركة الأم ضد المحتلين، بدلا من تلك “المعارك المتجنحة والخائبة” التي يقوم بها البعض في غير محلها..
ملاحظة: نتوجه باسم 10 مليون فلسطيني ويزيد بخالص التبريكات والتهليلات على “الاتفاق التاريخي” بين حماس وفتح بتحديد موعد “زيارة الشقيقة غزة”..مطلع الاسبوع القادم..التهاني تقبل على قارعة رصيف التفاهة السياسية!
تنويه خاص: ليفني متفاءلة جدا بأن الاتفاق قريب جدا..ونظيرها الفتحاوي دائم الشكوى من لا اختراق..ايهما أكثر صدقا..ذلك سيكون قريبا جدا..بالمناسبة الاتفاق ليس سوى تمديد أجل التفاوض مقابل “رشاوي مخجلة جدا”!