كتب حسن عصفور/ قبل أيام نشر الوزير السابق شوقي العيسه نص استقالته التي تقدم بها منذ عامين، بعد أن وضعها في “درج السكون” لحسابات بررها بطريقته الخاصة، نتفق نختلف معه، ليست تلك المسألة، لكن الأهم ما أشار اليه من سبب الاستقالة، والمتمثل في حجم الفساد وتنامي دور الفاسدين ومؤامرتهم داخل “حكومة رامي الحمدالله”!..
رسالة العيسة لو كان هناك “نائب عام” لفلسطين وليس نائب خاص لشخص الرئيس، أو جهة رقابية وطنية وليس هيئة قطاع خاص ورئيسها”غير شرعي قانوني” عدا عن عدم أهليته الصحية، ولو كان للكتل البرلمانية انتماء للعمل وليس لميزات خاصة يتحكم بها جهاز أمني ويصدرها رئيس سلطة محدود الصلاحيات الوطنية واسعها ارهابا وقمعا، لفتحت استقالة العيسه بابا واسعا حول ما جاء بها من “تآمر الفاسدين” وتلاحقهم باسم “الحق العام” المصادر من فئة باتت باغية، أو أن تلاحق من ادعى لو كان ما بها “ظلما وجورا”..
ولكن يبدو أن رسالة العيسه ” التي لم تقف عندها جهات واجبها ذلك، فتحت شهية البعض الصامت ليتحدث بلا خوف، فها نحن أمام موظف متقاعد في وزارة الاتصالات له خبرة بالعمل مع المؤسسات الدولية، يكشف عن قيام وزير الاتصالات علام موسى، بـ”رحلة سياحية” الى جزر الباهاما، والتي قال عنها بأنها أفضل مكان سياحي وعلاجي وخدمات غيرها، ليشارك في مؤتمر لم يدع اليه بالأساس، وحسب ما نشر الموظف المتقاعد على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي يوم 9 يوليو، ان ثمن تذكرة سفر وزير الاتصالات تعادل رسوم عضوية فلسطين لثلاث سنوات في أحد الاتحادات الدولية (اليورو ميد البريدي) والتي يرفض الوزير تسديدها..وكأن السياحة “متعددة الفوائد” للباهاما أكثر قيمة من حضور فلسطين على الخريطة الدولية، في عرف “الفرقة الحمداللية”..
شخصيا لم اسمع كثيرا عن هذا الوزير سوى أيام “إنجاز صفقة القرن” بين مكتب الرئيس محمود عباس، عبر مستشاره القانوني، بحضور هذا الشخص وكبير موظفي وزارة المالية، تلك الصفقة التي تمت بعيدا عن “الأضواء”، وفاجأت الرأي العام الفلسطيني بهزالة المقابل المالي المقدم من شركة تربح مئات الملايين سنويا، لعقد يمتد الى عشرين عاما بقيمة 290 مليون لا غير..
والمفارقة أن علام وبشارة ذهبا الى مقر عباس “المقاطعة” للتوقيع تحت اشراف مستشار، في اهانة للمناصب التي يحملون، ولكنهم سعداء لمشاركتهم خدمة “البيع السري” التي قدمت دون أن نعرف مقابلها الخاص الذي كان لهم كي يفرحوا دون أن يتفوهوا بكلمة ما عن “صفقة عار” فريدة..
بعد حين علمنا أن الموسى هذا، هو أحد أعضاء “المكتب السياسي للحركة الحمدالليه” التي بدأت تتبلور لتشكيل “حالة خاصة” سياسية خاصة علها تكون “البديل المقبول” بعد رحيل عباس أمريكيا واسرائيليا، خاصة بعد شهادة “الأيزو” الأمريكية لرامي الحمدالله، ورضا بني يهود عليه لطاعته غير المسبوقة..
حالة رامي السياسية، تستفيد من مظاهر القمع المشترك ضد كل فصائل العمل لبلورة ذاتها، وبدأت تظهر ملامح تكوينها عبر قائمة انتخابية شكلتها لخوض الانتخابات البلدية، تمتلك “قناة فضائية” باسم جامعتها المعروفة “النجاح”، تعمل لهم وتنطق باسمهم وتروج سياستهم، ولحق بها مستشفى خاص لخدمة رؤياها..
الوزير هذا الذاهب “الى الباهاما سائحا” قبل أن يصبح “وزيرا” كان أقرب الى حركة حماس ولا يكترث بالقول، أنه “مقبول هنا ( جماعة عباس) ومقبول هناك (جماعة حماس)”..عقلية الحسبة السياسية بثقافة الصفقات التي باتت هي السمة الأبرز لـ”العهد العباسي”..!
أن يذهب أي وزير لمهمة ضمن الأصول ولخدمة عمله، وبالتالي بلده فتلك مسألة يشكر عليها، لكن أن يستغل الوزير منصبه أولا، وعلاقاته الخاصة مع رئيس الحكومة ثانيا ضمن “الكتبية الحمدالليه” للقيام بسفرة سياحية لجزر الباهاما، دون ان يكون له أي مهام أو دور، فتلك هي القضية التي يجب أن لا تمر مرورا عابرا، ليس فقط بسبب “رحلة سياحية متعددة الأغراض” فحسب، بل لأنه مارس أعلى أشكال الاستخفاف بالشعب الفلسطيني وقواه المختلفة، وكأن المشهد الفلسطيني بات “مستباحا” لهذه الفرقة كما الفرقة العباسية تتنافسان على من يستبيح “ما يمكن استباحته أكثر..
ويبدو أن “الموسى هذا” اراد أن يذهب للجزر التي اكتشفها “كولومبس” عله يدخل التاريخ حتى لو كان بتسجيل اسمه في “سجل الهابطين”!
الفضيحة لا تقف عند “فعلة الموسى”، بل ان يترك هؤلاء الذين تحدث عنهم الوزير المستقيل شوقي العيسه “دائرة الفاسدين” ليكملو حقل تآمرهم، دون مطاردة وطنية وشعبية، خاصة بعد أن بات واضحا أن لا أمل مطلقا لأي ملاحقة رسمية لهؤلاء، فهم جزء من ذات المنظومة الحاكمة – المتحكمة، لها اجهزة وأدوات تشكل لها “جدارا واقيا” لحماية عمق الفساد..
ملاحظة: احتفل محبو الشهيد غسان كنفاني، الأديب، المناضل الاعلامي وقبلها الشهيد في العاصمة اللبنانية بيروت..بقايا الوطن وطن الشهيد نشر عنه مقالات لكنه بخل عليه بأمسية تعيد بعضا مما كان منه إبداعا..كم أحالوا بقايا الوطن لقحل وطني وحقلا لمرتعهم!
تنويه خاص: شقي رحي الانقسام يفعلان كل ما ممكن لقهر “بقايا انسان” في ضفة وقطاع..باتت علامتهم المسجلة “إقمع فإن القمع حصان حكم يتهاوى”!