أمد/ كتب حسن عصفور/ بعد مرور 48 يوم على الحرب العدوانية الاقتلاعية ضد قطاع غزة، توصلت مصر وقطر بالتعاون مع واشنطن لـ “تفاهم” حول “هدنة” لأربعة أيام مقابل تبادل أسرى ورهائن، بين دولة العدو الاحتلالي وحركة حماس بصفتها التي تدير الواقع في القطاع، وصاحبة النصيب الأكبر في عدد الرهائن من يوم هجوم 7 أكتوبر 2023.
مبدئيا، لا يجوز التعامل مع النصوص كأنها “وثيقة” راسخة، فيمكن لها أن تتحرك في زاويا مختلفة الى أن تنتهي عملية التنفيذ، مع الانتباه لسلوك دولة العدو الدائم باستغلال الوقت، كي لا تبدو وكأنها خرجت عن مسارها الذي رسمته لحظة انطلاق حربها العدوانية.
“تفاهم هدنة الأيام الأربعة”، محطة في مسار الحرب، وليست اتفاقية لوضع حد لها، لذا يجب الانطلاق في تقييم الحدث، بعيدا عن “تهليل ساذج” أو وضع “كلمات في فم التفاهم” ليست به، ولا معان له، كبعد سياسي اعترافي كواقع لا يمكن تجازوه من قبل حكومة التحالف الفاشي، كما ذهبت بعض الأوساط تهليلا، وهو أيضا ليس انكسارا وفرضا لمشيئة الكيان العدو، كونه لا يتجاوز حدود ما تم الإشارة إليه، من زمن وهدف.
“تفاهم الهدنة المؤقت”، ربما كان ضرورة فلسطينية شعبية تفوق كثيرا حسابات الساسة والهدف السياسي، وخاصة أهل قطاع غزة، الذين عاشوا “نكبة تهجيرية جديدة” داخل القطاع، مع حرب تدميرية لم تشهدها فلسطين منذ اغتصاب الوطن التاريخي 1948، بما فيها كل الحروب والمواجهات، وخاصة الكبرى بين 2000- 2004، فكانت “هدنة الأيام الأربعة”، مساحة حرية برائحة الدم والدمار، لكنها ضرورة لا بد منها.
وقياسا لمعرفة واقع “النكبة المعاصرة”، ولا يجب أبدا تجاهل تلك الحقيقة أي كان رد الفعل لمكونات حزبية فقدت كثير من بريقها الوطني، مفيد قراءة ما قاله ممثلي المنظمات الدولة خلال نقاش مجلس الأمن للواقع في قطاع غزة، وخاصة اليونيسف، والذين اعتبروا أن الأيام الأربعة لا تكفي أبدا لمواجهة ما حدث خرابا وكارثة إنسانية.
الاستخفاف بـ “تفاهم الأيام الأربعة” يمس تماما بالثمن الكبير الذي دفعه أهل قطاع غزة، واستهتار بحجم التضحيات الأكبر طوال 75 عاما، و”بطولة زائفة”، ممن ليسوا جزءا من “دفع ثمن” مباشر، أي كانت العاطفة هنا أو هناك.
ليس مفاجئا أبدا، أن تبدو الإدارة الأمريكية الأكثر نشاطا و”حرصا” على التوصل لذلك التفاهم، بالتأكيد موقفها لا ينطلق من أي بعد إنساني خاص بأهل قطاع غزة، لا بشرا ولا حجرا، فهي الشريك الرئيسي لتلك الحرب العدوانية قائدا وممولا، وحاميا لدولة العدو من المحاسبة الجنائية والمطاردة القانونية، لكنها أمام واقع أمريكي أجبر تلك الإدارة أن تحاول إطلاق سراح الرهائن حاملي الجنسية الأمريكية، تحت ضغط واقع انتخابي، ولذا لم تذهب الى الحديث عن “وقف حرب” أو “وقف إطلاق نار” مفتوح، بل هدنة محددة بزمن خروج من تراه يجب أن يخرج، ولذا سارع بايدن، وهاريس، بلينكن والأمن القومي، يتسابقون في “التهليل” للحدث، واعتباره نجاح فريد لهم.
“تفاهم الأيام الأربعة”، نقل مركز الثقل السياسي خلال مرحلة إنجازها من رام الله الى قطاع غزة، ليس فيما يتعلق بالحرب وما تتركه من جرائم حرب ومجازر، بل من كشف “ثانوية” الرسمية الفلسطينية، التي تم تجاهلها من كل أطراف الحدث، وكأنها عملية جس نبض سياسية مسبقة، لما سيكون من ترتيبات في اليوم التالي للحرب العدوانية، خاصة أن “الرسمية” لم تكتف بأن تكون “محايدا”، بل اختارت سلوكا يفتح باب “الشبهة السياسية” في سلوكها الخاص، عندما بدأها الرئيس محمود عباس في يوم ما بعد عملية 7 أكتوبر 2023، وبدل أن “يدينها” صراحة، لجأ الى لغة أخرى باعتبارها عملية لا تتعلق بالشعب الفلسطيني، وحماس وحدها المسؤولة عنها، ولاحقا خرج أحد أعضاء فريقه ليوضح أكتر، أن الرسمية في رام الله، غير معنية بالحرب بين حماس وإسرائيل.
“تفاهم الأيام الأربعة”، يجب أن يسير في مساره الممكن بعيدا عن “تأويلات ليس به وليست منه” فهو لا يتجاوز أبدا مصلحة أمريكية عليا فتح الباب لأهل قطاع غزة استراحة كانوا بحاجتها إنسانيا قبل أي شيء آخر.
“تفاهم الأيام الأربعة”، يجب أن يكون أيضا محطة تفكير في إدارة المعركة القادمة، وربما بأشكال مركبة، في كيفية الاستفادة من مسألة الرهائن بطريقة أفضل، لتصبح قوة ضغط على شركاء الحرب في الكيان وواشنطن، كونها الورقة الأهم في رحلة حرب لا زالت مجهولة التوقيت..رغم معرفة الأهداف.
موقف الرسمية الفلسطينية من الحرب العدوانية، سلوكا ومواقفا وضعها في موقف “البراءة التمثيلية” ممن يدفع ثمنا للوطنية، ومحاولة قطع الطريق على تنفيذ المشروع التهويدي في الضفة والقدس، والاعتقاد بأنها ستكون صاحبة الكلمة بعد الحرب، ليس سوى “الجهل السياسي الكبير”، فلا مكان في عالم ترتيبات بعد حروب لمن أصيب بعجز شبه كامل حركة وسياسة ومكانة.
ملاحظة: إعلان الرئيس التركي بأن بلده جاهزة لتكون “الشرطي العام” لقوات دولية في قطاع غزة رسالة شؤم سياسي الى حماس..مش لانه باعها مسبقا بل لأنه أعلن هزيمتها قبل الأمريكان واليهود…شفتوا أخرة “حلفكم” معاه يا مباركي احتلاله أرض سوريا..بالكم بتتعلموا وتعرفوا ملوكيش جماعة غير أهل فلسطين وفكوكوا من مكذبة 1928..
قرار نتنياهو بملاحقة قادة حماس بالخارج يبدو مفاجئا في يوم الحكي عن صفقة..وكأنها رسالة الى قطر وتركيا ولبنان..وممكن ينفهم من كلامه أنه مخنوق من الأمريكان..لانهم كابسين عليه عشان “هدنة”..حرب غزة مسارها كتير مجعلك..فبدري على الحكي بانتصارات يا بيبي ويا غيره.