كتب حسن عصفور/ في خطابه حول ذكرى النكبة الفلسطينية يوم الإثنين 15 مايو (أيار)، تطرق د. رمضان عبدالله شلح أمين عام الجهاد فيما تطرق من “رؤية سياسية” تتفق معها هنا وتختلف عليها هناك، جانبه الصواب عندما أشار الى مسألة الميثاق الوطني، وكأن منظمة التحرير قامت بتعديلة وفقا لاتفاقات أوسلو، وتحديدا اعلان المبادئ الموقع في سبتمبر 1993 بواشنطن..
ولأن المسألة يتم تداوها كثيرا في وسائل الاعلام، باتت وكأنها حقيقة سياسية تحاكم قيادة المنظمة والمجلس الوطني عليها في مصاف “التهم بالخيانة الوطنية”، وبعيدا عن طبيعة اللغة والمصطلحات الفلسطينية في الإستخدام عند الاختلاف، كشفت تلك الحملة عن عدم المتابعة الدقيقة لحقيقة الأحداث، والاكتفاء بما ينشر غالبا في وسائل الاعلام، دون تدقيق نصي، خاصة فيما يتعلق بوثائق ونصوص حساسة..
ولأن رئاسة المجلس الوطني لم تذهب للسجال الاعلامي حول تلك القضية، اعتقد البعض ان ما يقال أو بالأدق ما يشاع من قوى وأوساط اعلامية عارضت اتفاق أوسلو، كل بسببه، وبعهضا كشف أن المعارضة لم تكن من حيث الجوهر “الفقهي”، بقدر ما انها ليست جزءا من تلك المساومة..
الحقيقة الغائية عن من يصر على تكرار “تعديل الميثاق”، هو غير ذلك تماما، ولا زال ميثاق منظمة التحرير كما تم إقراره في دورات المجلس الوطني ما قبل عام 1996..ولم يتم تعديل أي بند أو مادة سواء في المقدمة أو المتن تتعلق أو تشير الى اتفاقات أوسلو..ويمكن لأي كان أن يقطع بعضا من وقته ويطلب نسخة من الميثاق من مكاتب المجلس الوطني، او عبر مخاطبة الأخ سليم الزعنون (أبو الأديب) الذي بات “حارسا للشرعية الوطنية” في زمن محاولة البعض العبث بها وتجميرها لحسابات استكمال مؤامرة انهاء “الكيانية الفلسطينية”..
وليت من يتحدث بذلك “اليقين” عن التعديلات ينشر نصا واحدا منها والجلسة التي اقرتها..
ولإزالة كل التباسات سادت طويلا، وكوني أحد المشاركين في مفاوضات اتفاق أوسلو، وصياغته، وكعضو مجلس وطني شارك في جلسة المجلس التي عقدت في قطاع غزة عام 1996، أود توضيح المسألة كما كانت وليست كما روج لها ضمن اعلام “معاداة أوسلو” على طريقة “عنزة ولو طارت”، دون أن يصادر حق كل من عارض الاتفاق وقال فيه ما قال ضمن مبدأ “الاختلاف حق” لكن دون تزوير لذلك الحق..
عقدت دورة المجلس الوطني رقم (21) في 22 ابريل – 25 أبريل (نيسان) في مدينة غزة..وكان ضمن جدول أعمالها مناقشة “التعديلات الضرورية في الميثاق الوطني وفقا لما تم الاتفاق عليه في اتفاق اعلان المبادئ ورسائل الاعتراف المتبادل، بحيث يتم الغاء كل المواد الواردة في الميثاق المتناقضة مع نصوص الاتفاقات”..
وفي اللجنة القانونية للمجلس حدث خلاف كبير حول هذه النقطة تحديدا، وكيفية المواءمة بين تنفيذ الإلتزامات كما تم الاتفاق عليها، والموقف الوطني العام الذي يرى المساس بذلك يقترب من “حد الخيانة”، خاصة وأن الاتفاقات لا زالت في بدايتها بعد، وأن االتنازلات المسبقة قد تصبح مجانية، في حال لم تلتزم دولة الكيان بما تم الاتفاق عليه من مراحل الانسحاب والانتهاء من الاحتلال خلال خمس سنوات (وهو ما حدث تماما بل أسوء كثيرا من ذلك)..
وكانت تلك المسألة الأكثر تعقيدا، ويجب أن نصل الى حل ما، وبعد تداول مع الخالد الشهيد ياسر عرفات والأخ القائد الكبير أبو الأديب كلفت شخصيا بصياغة لتلك الفقرة المعقدة، وأخيرا جاء النص، وفقا للتالي، يتم تشكيل لجنة خاصة لمراجعة مواد الميثاق الوطني التي تتناقض والاتفاق وتقديمها في الجلسة المقبلة للمجلس الوطني..
ونالت تلك الفقرة موافقة شبه اجماعية، ولم يكن حينها ضرورة لشرح المغزى السياسي والوطني لتلك “الصياغة الملتسبة”، التي تبدو وكأنها نفذت المتفق عليه مع دولة الكيان، ولكنها ايضا لم تقدم فعليا على المساس بالميثاق ونصوصه، كونها تتحدث عن سيتم مستقبلا..
وبعد سنوات يمكن القول، ان تلك الصياغة قد شكلت “حصنا” لصيانة مواد الميثاق الوطني بعد أن تنصلت دولة الكيان كليا من تطبيق أي التزام حقيقي باتفاقات أوسلو، بل العكس تماما قامت باعادة الاحتلال بشكل أو بآخر، دع عنك اغتيالها للقائد المؤسس ابو عمار، وقامت بعملية فصل ممنهج بين الضفة والقطاع، رغم النص الصريح انهما وحدة جغرافية واحدة بينهما طريق آمن الى حين الحل النهائي المفترض ان يتم خلال خمس سنوات وها مضى على توقيع الاتفاق 24 عاما أي خمس اضعاف الزمن المقرر، وأوسع حركة تهويد للقدس والضفة..
وحاول البعض ان يضع جلسة عامة لأعضاء المجلس الوطني في قطاع غزة خلال زيارة الرئيس بيل كلينتون الى غزة يوم 14 ديسمبر 1998 وطلبه هل أنتم موافقون على تعديل الميثاق فكانت الأغلبية الحاضرة موافقة برفع الأيدي..لكن ما يتجاهله هؤلاء عندا وبوعي أن تلك ليس جلسة رسمية للمجلس الوطني ولم يتم تسجيلها ابدا..
للعلم لم تعقد جلسة عامة للمجاس الوطني بعد عام 1996، سوى جلسة تكميلة خصصت لبند واحد هو استكمال انتخابات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بعد رحيل عدد من الأعضاء السابقين عام 2009 في رام الله..
المعارضة حق وطني ولكن يجب أن تكون “وفقا للحق السياسي” وليس لـ”الاختلاق السياسي”..وكي لا يبقى الالتباس قائما والاتهامات متواصلة حول تعديل الميثاق وجب كتابة هذا توضيحا وتصويبا..
ملاحظة: الاصرار على تنفيذ قانون التقاعد الإجباري على عسكريي قطاع غزة وحرب الرواتب ولصوصية قطع البعض منها تؤكد أن الرئاسة في رام الله تصر على خلق واقع سياسي جديد بين الضفة والقطاع “بطريق التفافي”..بدون تعب.. مؤامرتك لن تمر يا هذا الهارب من شعبك!
تنويه خاص: قيادات حماس الأمنية تصر على استفزاز أهل القطاع بتصرفات تماثل سلوك محتل وغاصب..الارهاب والقمع الأمني ليس حلا ولن يكون..وراجعوا سنوات الانقلاب وأيضا سلوك سلطة عباس وقبلهما سلطات الاحتلال..شعب الجبارين لن يهان يا أنتم هنا هناك!