كتب حسن عصفور/ بلا مواربة حققت “الجهة” التي كانت وراء خطاب الرئيس محمود عباس أمام المجلس الثوري لحركة فتح، قبل ايام ثم اذاعتها له على تلفزيون فلسطين الرسمي ونشره في وسائل اعلام السلطة الخاضعة للرئيس وحده، بعضا من أهدافها الأولية التي رسمتها ضمن خطة سياسية محكمة دقيقة، رسمتها قوى تريد أن تصل الى فرض مؤامرة سياسية على الشعب الفلسطيني، لا يستقيم مع أي مطلب وطني..
أول اهداف خلية “الخطاب العار” اشاعة حالة فوضى سياسية في المجتمع الفلسطيني، من خلال اطلاق كمية اتهامات ونوعيتها بحيث يصعب على من وردت اسماءهم في الخطاب الصمت أو الهدوء، كون الاتهامات لا تقف عند حدود “فساد مالي” او ارتباط بمحور اقليمي وتقديم “خدمات مجانية” لهم، قد يراها البعض ضارة بـ”الأمن القومي الفلسطينني” – سنفتح قوسا للسؤال ماهو معنى الأمن القومي الفلسطيني في ظل الارتباط والتنسيق الأمني مع دولة الكيان – ، لكن “عصابة خلية السوء والضلال والفتنة” دست كل السموم التي لا تترك مجالا للشفاء أو السيطرة عليها، من الاتهام بالجاسوسية الى القتل والفساد والخيانة والتخريب، اتهامات لم يقدم بها دليلا واحدا يمكن أن يدفع الشعب الفلسطيني ليرى أن الخطاب جاء تصويبا وتصحيحا لمسار ثورة انحرفت عن مسارها، لكن الخلية المشبوهة آمنت وصدقت أنها ستحقق الفوضى التي تدفع لنشر الاحباط السياسي والذهول واللا معقولية وكأن المشهد الفلسطيني بات حالة من العبثية التي لا مجال لتصويبها..
كان من الممكن أن يتم احتواء آثار “العدوان السياسي للخطاب الفضيحة”، لو خرجت بعض قيادات من حركة فتح، ومن فصائل اخرى وشخصيات عامة، ترفض جوهر الخطاب وتطلب تشكيل لجنة تحقيق وطنية وتدعو لمعاقبة وفصل كل من ساهم في نشر الخطاب المفترض انه خطاب سري وخاص لحركة تبحث مستقبلها السياسي، كان بالامكان أن تحاصر كل كوارث ذلك الخزي الذي نشره الخطاب الفضيحة، لو ان “الأصوات العقلانية جدا” و”الباكية جدا” على فلسطين وحالها بعد قيام النائب محمد دحلان بالحديث لقناة مصرية وتحدث مدافعا عن ذاته التي اتهم باتهامات لا تكفيها المشنقة لو ثبت صحتها، سارعت وأعلنت رفضا واضحا صريحا للأقوال الكاذبة، لكن تلك الأصوات أصيب بالخرس والنذالة السياسية ايضا لصمتها على خطاب العار، ،بل أن قد يكون بعضهم رقص طربا وفرحا لها، ولم تخرج من جحورها لتبدي الحرص والبكاء على القضية الوطنية، اغلا بعد رد فعل دحلان، ولو أن اي من تلك الاصوات الكاذبة نالها فتات من التهم التي أطلقها خطاب السوء والشؤم لفعلت كل ما لا يفعل من ردح وصراخ وعويل..
وبعيدا عن تلك الفئة الكاذبة والمدعية حرصا على قضية وطنية، فإن المسؤولية الوطنية الكبرى تقتضي من كل من اصابه الخطاب بسوء سياسي أو شخصي ان يتوقف عن الرد والانجرار في مسلسل نشر الاحباط العام في وسط شعب فلسطين ومحبي وأنصاره في العالم بنشر الفضائح فعلا ورد فعل.. لا بد من قرار ذاتي لكل من أصيب بعطل سياسي أو نفسي ان يكتفي بما تم فعله، وأن تقتصر المسألة لرد تلك الفضيحة بالاستمرار بالبعد القضائي لمن يروا أن ذلك حق وهو حق، وغير ذلك لا يجوز الاستمرار في الرد الاعلامي على أي قضية يمكن ان تثيرها “خلية السوء المشبوهة” التي نسجت خطتها لجر الساحة الفلسطينية الى مشهد يساعدها على تمرير خطتها المستندة الى “مبدأ أوباما” المرتكز فعليا الى خطة شمعون بيريز لفصل قطاع غزة بكيان مستقل، مقابل حالة كيانية في الضفة تتقاسم الجغرافيا والوظيفة مع دولة الكيان..
تلك المؤامرة الحقيقية التي تريد تمريرها الخلية المشبوهة، وهي تدرك جيدا انه لن يكتب لها النجاح ولا يمكن ان تمر دون أن تخلق فتنة سياسية عامة تحقق من خلالها من لا يمكن تحقيقه في ظرف طبيعي، تبدأ بتعميق المأساة الانشقاقية في فتح، بفصل أو تجميد او تهديد، واعادة استخدام “المال السياسي” ليصبح كل فلسطيني تحت طائلة التجويع لو أنه قام بنقد او معارضة لأي خطوة سياسية للرئاسة الفلسطينية، وهو سلاح يستخدم للمرة الأولى في فلسطين، وقد بدأ فعليا، والهدف بعد نشر فوضى التنظيم في فتح، ان تنشر الرعب والخوف، ثم تواصل مسيرتها لاشاعة الاحباط العام وأن يشعر كل فلسطيني أن الادانة والاتهام هي السمة العامة لقياداته ورموزه، وبالتالي تبدأ بالترويج لعملية “إنقاذ ما يمكن انقاذه” مع تسارع وتيرة الاستيطان والتهويد، وهي التي تقود فعليا عملية تسهيل تنفيذها، من خلال وقف كل العمل السياسي الرسمي والشعبي لمواجهة ذلك المخطط الاستيطاني – التهويدي..
المخطط لم يعد سريا، لكنه يختبئ خلف أكاذيب سياسية.. ولذا فالنداء الآن ان لا ينجرف البعض الى الدخول في مؤامرة الخلية بحسن نية وتحت ستار الدفاع عن الذات..ولا يعتقدن أحد أن الشعب الفلسطيني لا يعرف الحق من الباطل، الوطني من شبه الوطني، حتى لو حاول البعض تضليله بكذب ونصب واستغلال مناصب ليست دائمة، وشخصيا لن اقف كثيرا أمام اتهام صاحب الخطاب وخليته لي فيكفي أن مرجعيته لاتهامي شخص ميت، وليس تقرير لجهاز وطني أو مؤسسة وطنية، فمن ينقل عن ميت ليتهم ليس سوى “ميت وهو حي”..أما حكاويه الأخرى فقد عرف كل من سمعها مدى سذاجتها وليس كذبها فقط..وعليه ساعتذر لكل من اهلي وعائلتي والأصدقاء الذين طلبوا مني ردا يكون درسا لصاحب الخطاب وخليته، لكني اكتفي بما بات معلوما لكل وطني فلسطيني..وسيكون ردي سياسي على مؤامرتهم الحقيقية ضد فلسسطين قضية وشعبا..
ليت البعض يعود بالذاكرة الى الوراء، الى عشية انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الأخيرة، ففي نهاية عام 2005 وبداية عام 2006 قام النائب العام الفلسطيني وبعد تسميته بأيام معدودة بفتح “ملف الفساد”، واعلن ان الرئيس محمود عباس طلب منه أن يفتح ملف فساد للسلطة الوطنية بقيمة 700 مليون دولار..وسارع البعض للتطبيل لتك الخطوة وأنها بداية “حركة تصحيحية” جديدة، وغاب عنهم أن الملف المذكور تم نقاشه بشكل تفصيلي عام 96 – 97 بعد تقديمه من السيد جرار القدوة رئيس هيئة الرقابة في حينه، وتم توضيح كثير مما جاء فيه وحوسب من حوسب وانتهى الأمر..
لكن العودة للحديث عنه عشية الانتخابات كان يهدف لتشويه حركة فتح والسلطة وتقديم “خدمة مجانية” لحماس في الانتخابات لتحقق نصرها اللاحق، والذي كان هدفا أميركيا – اسرائيليا نفذته ذات الخلية التي تقف خلف الخطاب الجديد، ليس حبا في حماس بل تآمرا على فلسطين….تحقق الهدف وفازت حماس، لتبدأ المرحلة الثانية من المؤامرة لفصل غزة عن الضفة..وكان لهم بضيق أفق قيادة حماس وغطرستها السياسية فوقعت في مصيدة المؤامرة برجيلها فكانت مؤامرة الانقسام واستمراره حتى تاريخه..
الآن ترمي خلية خطاب العار والسوء لنشر ذات الأجواء لإستكمال تمرير مؤامرتها الجديدة، مشروع اوباما لحل في الضفة دون قطاع غزة ودون القدس الشرقية الا بعضا منها..
لذا نتوجه لكل من اصابه الأذى من ذلك الخطاب أن يعلي “كرامة الوطن” على “كرامته الشخصية – الخاصة”..وقادم الأيام سيكشف المؤامرة افضل كثيرا من أي رد فردي أو وثيقة أو فضيحة هنا أو هناك..
المؤامرة ساطعة كالشمس..فلن يغطيها غربال أكاذيب لا قيمة لها في نهاية الأمر..
ملاحظة: من تابع تغطية الاعلام الرسمي الفلسسطيني لطبيعة حشود التأييد واستمع لمعلق تلفزيوني وهو يحدد ما اصاب نتنياهو من هلع ورعب وخوف وارتجاف من تلك الحشود لأكتشف كم هي المأساة التي نعيش!
تنويه خاص: شعث القيادي الفتحاوي يطالب بتأجيل الاعترف بـيهودية دولة اسرائيل” الى فترة لاحقة..هل تقرأ مركزية فتح ومجلسها الثوري وقبلهم الرئاسة الفلسطينية هذه الأقوال .يا ترى شو تعريق هيك حكي بعد خطاب الرئيس.