كتب حسن عصفور/ اعلان الرئيس محمود عباس أنه دخل عامه الثمانون ، يفتح الباب أمام قضية تستحق الدراسة من القيادة الرسمية أو القيادة الاعلامية في فلسطين، ولأن الأعمار بيد الله، وأطال الله في العمر الرئيس، إلا أن هذه المسألة التي مر عليها بشكل هامشي في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح، وقدم مداخلة سياسية، وتحدث في قضايا أخرى، تطرح السؤال ألم يحن الوقت لوضع الرواية الفلسطينية كاملة بخصوص المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية، في مراحلها منذ مؤتمر مدريد وحتى المفاوضات الراهنة، – افتراضا أنها مفاوضات وهي ليست كذلك ابدا-..مرورا بمفاوضات أوسلو بكل مراحلها..وصولا الى الى قمة كمب ديفيد ومفاوضات طابا عام 2001..
والمقترح يمثل “ضرورة وطنية” لوضع الرواية الفلسطينية كاملة، مسجلة بالصوت والصورة، وبشكل جماعي كشهادات ممن لا زالوا أحياء، وقبل أن يفتكرهم الخالق، أو تصيب منهم “الشيخوخة” مقتلا بأحد مظاهرها المعروفة، من “الزهايمر” و”الخرف” او “فقدان الذاكرة”، خاصة وأن غالبية من شخوص المفاوضات المباشرين أو المساهمين بشكل اشرافي لا زالوا على قيد الحياة، وتلك قضية جوهرية لتكوين “رواية متفق عليها” تواجه الرواية الأميركية – الاسرائيلية، وبعض من اذنابهم الذي تقدموا بـ”روايتاهم الخاصة” وفقا لما يخدم أهدافهم ومشروعهم العدواني – التصفوي للقضية الوطنية الفلسطينية..
وهناك بعض فلسطيني تقدم بما يملك من رؤية أو معلومة للمسألة التفاوضية، ولعل أكثر تلك الروايات القريبة من بعض “الرواية” هو كتاب السيد أحمد قريع “ابو علاء” في جزئين عن المفاوضات، وكتاب للرئيس محمود عباس جاء بشكل سريع في عام 1994، بعد توقيع اعلان المبادئ في أوسلو، وكتب اخرى أو مقالات تعرضت من هنا أو هناك لبعض جوانب العملية التفاوضية، لكنها لا تشكل “رواية رسمية معتمدة” يمكن أن تورث للأجيال القادمة، كي لا تبقى حائرة ما بين رواية كتبها الأعداء وبعض اذنابهم المحليين، أو شهادات وانطباعات فلسطينية تبقى غير كاملة ولا تعبر بشكل حقيقي عما كان من مسار تاريخي هام جدا للقضية الفلسطينية..
ويمكن للرئيس عباس بحكم موقعه أن يصدر مرسوما لتشكيل “لجنة وطنية” برئاسة السيد ابو علاء قريع بصفته التفاوضية وخبرته في هذا المجال، أو السيد ياسر عبدربه، بصفته امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريروساهم في متابعة تلك المفاوضات أو شارك بها، تضم فيما تضم شخصيات مركزية ممن شاركت في كل اشكال المفاوضات العلنية والسرية، الثنائية والمتعددة، وأن تكون الشهادات بالصوت والصورة، وأن يقسم كل عضو فيها أمام هيئة وطنية مختصة، بأن يقول الحقيقة، كل الحقيقة أمام اللجنة الوطنية ، وأن يترك لاحقا التدقيق في تلك الروايات وفقا لما هو متوفر من وثائق وشخوص ومعلومات..وليس بالضرورة نشر الشهادات حرفيا ولكن يجب نشرها بما يضمن “الحق التاريخي” للأجيال القادمة بمعرفة الحقيقة السياسية، ولقطع الطريق على الروايات الشخصية، والتي قد تحمل احيانا ادعاءات أو انطباعات قد تلحق ضررا بمسار التاريخ التفاوضي..
ولأن الشهادات الموثقة صوتا وصورة تحمي الكثير من الحقيقة، يصبح وجودها أكثر من ضرورة قبل أن نفتقد بعض المشاركين المهمين فيها الذين تقدم بهم العمر، ما قد نخسر شهاداتهم سواء عبر إرادة الله، أو مرض قد يداهم أحدهم أو عوارض شيخوخة قد تحل بآخرين منهم تصبح “شهادتهم” غير صلة، وبذا تخسر “الرواية الفلسسطينية” بعضا من جانبها المهم..
أما الاكتفاء بالسرد الشخصي أو الحديث وفقا من منطلق استخدام رواية للنيل من اشخاص رحلوا عن الدنيا ولا يستطيعون توضيح ما لهم وعليهم، أو استخدام موقع أو منبر لحالة تبريرية، أو القاء التهم الجزاف على هذا وذاك لتصفية حسابات شخصية، مستخدمين روايات مخترعة وكاذبة من الفها الى يائها، وكي لا تتحول المسألة من سرد “الرواية الفلسطينية” ردا على “رواية العدو” يصبح لدينا “حكاوي فلسطينية” ردا على “حكاوي فلسطينية”..ونظن أن الفرق واضح جدا بين هذه وتلك، لذا فالمسؤولية الوطنية تفرض أن يبدأ العمل بتسجيل الرواية الفلسطينية من كل أبعادها وكاملة دون حذف او نقصان، وبلا خجل أو مساومة على حقائق ووقائع مسار المفاوضات، وتترك كوثيقة يمكن أن تكون “سرية جدا” وينشر منها ما يخدم القضية الوطنية..وحتى لا يقال أن البعض يرمي لتمرير “الرواية المعادية” هروبا من بعض ما كان منه خلال المفاوضات..
وغير ذلك يترك الحبل على الغارب ليقص كل من شارك أو استمع أو نمي اليه يتحدث فيما يحلو له من حكايات، خاصة وان البعض فعلا بدأ مبكرا في نشر بعض “التزوير السياسي” في مسار التفاوض..بل ويخترع بعضهم “اكاذيب” يمررونها للصحافة ثم يستندون اليها وكأنها “حقائق”..والبعض يحاول ان يقوم بتصفية حسابات شخصية عبر خدع سينمائية، وادعاء بطولات سياسية كل طفل في فلسطين التاريخية يعلم أنها كذب نقي جدا..
ولأننا لا نود توريث الشعب الفلسطيني حكاوي وقصص نتقدم بهذا الاقتراح..وإن لم يتم الأخذ به، يصبح حق شخصي لكل من يرى أنه قادر على تسجيل الرواية فليسجلها بطريقته ونترك للشعب الفلسطيني أن يربطها بمسار الأحدث وله الحكم في نهاية الأمر..وشخصيا سأنتظر قبل أن ابدا التفكير في تسجيل “روايتي” الخاصة قبل أن يغادرنا البعض، أو يصاب بمرض الشيخوخة ويقال أنه لا يملك حق الرد..
ملاحظة: أحد الشخصيات المركزية في المفاوضات روى بعض أحداث أمام لقاء مغلق، المصيبة ان بعضها ليس فقط كذب بل لا وجود له من الاساس..ليته يتحدث علانية وليس سرا بما هذى به..لينشر اقواله في لقاء تلفزيوني وسيكون الرد الواضح الذي يستحق بعد صبر طويل واحترام شخصي..اعتبر ذلك تحدي يا سيد!
تنويه خاص: كان الأجدر برئيس حماس في قطاع غزة اسماعيل هنية، أن يؤنب قيادي قسامي وهو يتمنطق بالكلام غير المسؤول على طريقة استعراضات الكشافة على معبر رفح..هل التهديد المتفذلك كان ضرورة..دائما نقول تواضعوا!