كتب حسن عصفور/ شهد يوم أمس وقبله بيوم خروج من تظاهر رافضا تصريحات نسبت لوزير الأوقاف الفلسطيني د.محمود الهباش، وهو ايضا الخطيب الرئيسي لمسجد المقاطعة يوم الجمعة في حضور الرئيس محمود عباس، وطالب المتظاهرون الرئيس ورئيس حكومته باقالة الوزير الهباش، او محاسبته على ما نسب له من اقوال بخصوص مساوته في \”حرم الدم بين الفلسطيني والاسرائيلي\”، في معرض اجابته لوسائل اعلام اسرائيلية عن موقفه من مقتل قائد وحدة التجسس في شرطة الاحتلال بعملية خاصة في منطقة ترقوميا بالخليل..
عملية أشارت وسائل الاعلام العبرية أنها كانت على درجة عالية من الاحتراف، وايضا دقيقة جدا لمتابعة شخصية أمنية بهذا المستوى، واعتبرها البعض \”ردا مناسبا\” من حزب الله نفذتها جهات صديقة، على اغتيال احد قادة الحزب المهمين، حسن اللقيس، قبل فترة بتفجير أمام منزله في بيروت، وبعيدا عن الدقة والمهنية، فإن دولة الاحتلال استدرجت الرئيس محمود عباس لاعلان \”ادانة العملية\” أمام وفد اسرائيلي زاره في مكتبه بمقر الرئاسة برام الله، رغم أن القتيل عسكريا ضمن قوات الاحتلال، بل مكلف بمهام خاصة للتجسسس وتجنيد عملاء لدولة الكيان، وبدلا أن يدين الرئيس عباس قيام اسرائيل بعملية التجسس وتجنيد عملاء، سارع للتنديد بمقتل قائد وحدة الجاسوسية نتيجة ضغط أميركي اسرائيلي..
ولأن الرئيس أدان العملية المحترفة لقتل قائد جاسوسية المحتل، فلم يعد هناك من لا يدين من وزراء الرئيس، باعتبار أن الرئيس لا يخطئ ابدا، وقد يكون \”منزها\” عنها، فلذا سارع وزير الاوقاف بتطوير ادانة الرئيس الى تحريم القتل من اي مصدر كان، ووقع في \”الخطئية السياسية\” مرتين، الأولى أن ما يحق للرئيس لا يحق للوزير، فما دام الرئيس تحمل مسؤولية ادانة العملية لحساباته الخاصة، فذلك لا يعطي الحق لكل مسؤول بتكرار ذلك، خاصة وأن القتيل جزء من المنظومة الاحتلالية الأشد خطرا على جيل النشئ الفلسطيني من خلال وظيفة التجسس التي يقوم بها، ولو التزم الوزير بوظيفته لكان أول المرحبين بتلك العملية لأنها حمت شباب فلسطين من خطر العمالة لدولة الكيان..لكنه اراد ان يذهب في اظهار \”حسن النوايا لتبرير موقف الرئيس\” فقال ما قال من \”كفر سياسي\”..
التظاهر ضد الوزير صاحب مقولة\”حرمة قتل الاسرائيلي\” هو حق وواجب وطني واخلاقي ايضا، وكان على القوى السياسية واعضاء المجلس التشريعي وتحديدا كتلة فتح البرلمانية ورئيسها، أول من يرفض تلك التصريحات لخطرها السياسي، فما قاله ليس خطأ وزلة لسان، بل هو جزء من \”تفكير يراد له أن يسود\”، ولتمرير حالة ارباك وتضليل لفعل المقاومة المسلحة التي يرفضها الرئيس عباس رفضا قاطعا، بل ويعتبرها \”خطرا لن يسمح به\”، لذا ما قاله الوزير الهباش مكمل لتلك النظرية الرئاسية بتحريم المقاومة المسلحة، دون أن يقدم بديلا لها سوى \”مقاومة كلامية\”، ما يفسر الصمت الذي أصاب حركة فتح وكتلتها وقوى سياسية اخرى على تصريح الوزير الأقرب للرئيس..
وهنا نفتح قوسا لنقول، هل أصبحت المحاسبة عن الأخطاء أو الخطايا وفقا لمبدأ جديد تم صياغته في منظمومة السلطة \”المحاسبة وفقا للمحبة\”..فلو قال كلام الهباش شخصا لا يروق للرئيس وللرئاسة وفتح، لأصبح رجلا يخدم الاحتلال وسياسته، بل وقد تقوم هيئة مكافحة الفساد باحالته الى محكمة جنائية، وهو كلام حق كامل وما يجب أن يكون لمن يساوي حرمة دم الفلسطيني ضحية الاحتلال بدم الغاصب المحتل..لكن أن يقولها وزير هو أقرب المقربين للرئيس فلن تجد من يتصدى له سوى قلة من نشطاء لا زالوا لا يهابون قمع وترهيب..فخرجوا يطالبون بمحاسبة وزير اهان شعب فلسطين، ولو كان لرئيس الوزراء حقا أي نوع من سلطة القرار لأعلن فورا اقالة الوزير من منصبه جراء كلاما لا يليق بمن يحمل منصبا رفعيا في مؤسسة السلطة الوطنية أو أن يقوم هو بمغادرة منصبه..
ولأنه الوزير صاحب الحظوة الحسنة لا يحسب حسابا لشيء سوى ارضاء صاحب الحل والربط، فهو لم يقدم على توضيح موقفه، نفيا أو تصويبا أو اعتذارا لأسر الشهداء من بني فلسطين!
لكن من يجرؤ على محاسبة الوزير الهباش من بين تلك المؤسسات التي يتحسس بعضهم على رؤوسهم قبل النطق بكلمة قد يشتم منها اغضاب الوزير..
ولوفد المصالحة الذاهب الى قطاع غزة لحوار حماس وغيرها، ماذا سيكون ردكم لو سألكم قيادي من حماس أو الجهاد عن موقفكم من أقوال الهباش..الصمت جريمة ..التأييد خطيئة..فلن يبقى سوى الإدانة..فهل تستيطعون..سؤال قد يبرز في وجهوكم فاستعدوا للجواب عليه دون نسيان دماء كل شهداء فلسطين!
ملاحظة: تصريحات وزير خارجية مصر عن ضرورة تحديد اسس واضحة لتمديد التفاوض تحمل رسائل كثيرة..لكن الأهم أن مصر تتحرك نحو موقعها الطبيعي في فلسطين القضية!
تنويه خاص: حملة مقاطعة اسرائيل وجهت اتهاما صريحا للسلطة وأجهزتها بأنها تعمل على كسر الحملة..هل نسمع ردا من الوزير الأول الأكاديمي د.حمدالله..أم أنه لم يعد بذي صلة في شأن المقاطعة أو غيرها!