بقلـم : حسن عصفور
تشهد الساحة الفلسطينية في هذه الفترة، حركة نقاش، داخلي حول قضية غاية في الأهمية، وهي الـمتعلقة بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على تطويرها كي تضمن من هم خارج أطرها الرسمية لحركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) مع ما يمكن من مواجهة عقبات \”التسميات\” الفصائلية \”القاطنة دمشق\”. وكذلك النقاش الذي لن يقل سخونة، عن ما سبقه، موضوع \”الـمستقلين\”، حيث تتميز حركة فتح واليسار الديمقراطي بوجود كوكبة عريضة من الشخصيات الـمستقلة، فيما تفتقد ذلك حركة حماس وأيضاً الجهاد الإسلامي وإلى جانب ذلك سيكون \”البرنامج السياسي\” نقطة مفصلية، ستواجه بتحديات من مختلف القوى السياسية، خاصة، وأن بعضها يعتقد أن \”وثيقة الوفاق الوطني\” وليس \”اتفاق مكة\” هو البرنامج السياسي لـمنظمة التحرير القادم، علـما بأن ذلك يشكل إلغاء للبرنامج السياسي الذي أقرته دورة الـمجلس الوطني الفلسطيني، التي عقدت في غزة في نيسان 1996 حيث أقرت تلك الجلسة الاتفاقيات السياسية ورسائل الاعتراف الـمتبادل مع إسرائيل.
وإن كان البرنامج السياسي سيكون ساخنا لدرجة كبيرة والاستقطاب فيه وحوله حاداً، يضم تيارات سياسية ــ فكرية مختلفة… فربما نجد فصيلا كالجبهة الشعبية، اقرب إلى حماس والجهاد الإسلامي في بعض الـمواقف السياسية خاصة تلك الـمتعلقة بالاتفاقيات السياسية ورسائل الاعتراف الـمتبادل.
إن النقاش السياسي القادم سيكون مختلفا عن النقاشات التي شهدتها الساحة الفلسطينية في عقود سابقة من حيث الاستقطاب والتركيب، إذ للـمرة الأولى سيكون لتيار \”الإسلام السياسي\” حضورا كبيرا وسط هذا الجدل.
ومع أهمية ذلك، فإن القضية التي ستشهد درجة حرارة مرتفعة جدا، ربما تفوق درجة الغليان، هي الجانب الخاص بالآلية التي يجب الاتفاق عليها، حول تشكيل الـمجلس الوطني، فمن حيث الـمبدأ، ووفقا لإعلان القاهرة عام 2005، فإنه تم الاتفاق على إجراء الانتخابات حيثما أمكن ذلك وفقا لـمبدأ \”التمثيل النسبي\”، وفي حينه لـم يشكل ذلك قضية خلافية، باعتبار أن النقاش يتناول قضية \”نظرية\” قد لا ترى النور في غالبية \”مناطق الوجود\” الفلسطيني.
ولكن الأيام القادمة ربما تعيش نوعا آخر من الجدل الساخن، بعد أن أخذت قضية \”الانتخابات\” وعلى قاعدة \”التمثيل النسبي\” بعدا جديدا تم التوافق الـمبدئي عليه بين القوى كافة، عدا حركة حماس، في أن تجري انتخابات خاصة في الـمجلس الوطني داخل الوطن وفقا لـمبدأ \”التمثيل النسبي\”. والدلائل الـمتوفرة تشير إلى أن حركة حماس هي الوحيدة ربما التي ستعارض ذلك شكلا ومضمونا. فمن حيث الشكل لن توافق حماس على إقرار التمثيل النسبي للانتخابات داخل الوطن، لأنه يفقدها الكثير مما ربحته في الدوائر الفردية.. ومن حيث الـمضمون فإن تلك الـمطالبة ستعني أن أعضاء الـمجلس التشريعي، ليسوا هم أعضاء في الـمجلس الوطني مما يفقد حماس عددا كبيرا تعتقد أنه أصبح في جيبها.
إلى جانب أن إجراء أية انتخابات راهنة، مهما كانت شكلها، لن تكون فيها حماس كما كانت في (كانون الثاني2006) بعيدا عن \”الـمكابرة\” السياسية لبعض قيادات حركة حماس. ولكن رفض حماس لهذه القضية سيضعها أمام مواجهة الجميع للـمرة الأولى، منذ انتخابات عام 2006 وسيسبب لها ذلك إحراجا سياسيا، لا مثيل له مهما حاولت الاختباء خلف ذرائع متباينة.. لذلك فالـمرحلة الـمقبلة من النقاش ستكون لها دلالة سياسية استراتيجية نحو إرساء معالـم محددة بالفكر السياسي وربما على طريق إرساء معالـم جديدة لنظام سياسي جديد للشعب الفلسطيني… إن هذه الـمسألة تحتاج جدلا واسعا، علنيا وجادا حتى يساهم الجميع في تعبيد مرحلة \”النظام الفلسطيني\” الثانية.
إن مسألة اجراء انتخابات حرة، ديمقراطية على قاعدة \”التمثيل النسبي\” داخل الوطن الفلسطيني قضية تستحق كل الاهتمام من فصائل العمل الوطني، الشخصيات السياسية، والفكرية، الأكاديمية وممثلي الـمجتمع الـمدني بكل مكوناته…
فلتكن نقطة مركزية على جدول الأعمال الوطني لاحقا.
8 أيار 2007