كتب حسن عصفور/ بعد غيبة طويلة، تعود اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للإجتماع، وبلا أدنى شك فإن جدول اعمالها سيكون مثقلا بهموم تفوق كل ما سبقها من اجتماعات، وكل ما نتمناه أن تجد الوقت والانضباط لاكمال الملفات التي عليها الا تقتصر بالنقاش وانتهى، بل عليها تقديم “أجوبة” و”رؤى” للشعب الفلسطيني على ما يواجه من قضايا ومسائل شديدة التعقيد..
اللجنة التنفيذية، تواجه سبل الرد العملي على الجرائم والعمليات العدوانية لجيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وآخرها قيامه باغتيال 6 من أبنائه خلال 24 ساعة في الضفة والقطاع، واحد تلك الجرائم لا تبعد سوى أمتار قليلة عن مقر الرئيس عباس وايضا عن منزله في مدينة رام الله، الى جانب استمرارها في تنفيذ مخططها الاستيطاني والتهويدي، خاصة في القدس الشرقية والتطاول على مقدساتها وتحديدا الحرم القدسي الشريف، دون رادع غير آبهة بكل “التحذيرات الكلامية القوية جدا” التي تصدرها “الرئاسة الفلسطينية” ضد تلك المخططات، وكأنها لا تصل مقر نتنياهو أو لا يعلم بها، ولذا على تنفيذية المنظمة أن تعيد صياغة تلك “التحذيرات الهامة جدا” بطريقة يمكنها أن تصل لصاحب القرار في حكومة دولة الكيان ويدركها احساسا ويراها بصريا..
ولن يغيب بالتأكيد عن طاولة نقاش الخلية السياسية الأولى للشعب الفلسطيني، التطورات السياسية الداخلية، وخاصة التراجع الكبير في ملف المصالحة الوطنية، وما يتهدده من أخطار كبرى تضاعفت عقدها عما كان لها، بعد قرار مصر القضائي ضد حماس، وحظرها وانشطتها ومطاردتها فوق ارض الكنانة، وهو قرار، كما لا يغيب عن عقول “الخلية الأولى” سيضيف عقدة في “عقد الصوف” – وفقا لمصطلح غرباتشوف الجديد -، ما يفرض عليها البحث في فك هذه العقدة بطريقة لا تضير العمل لانهاء الانقسام، وأيضا لا تنال من العلاقة المصرية الفلسطينية، وهي لا ينقصها اضافة تشويش جديد بعد تصريحات قيادي بارز من فتح ضد مصر وبطلها القومي، المشير السيسي، وصل الى اعتباره يقود مؤامرة ضد الرئيس محمود عباس، رغم أن فتح والرئيس يعلنون ليل نهار خلافا لكلام ذلك المسؤول، الا أن عدم محاسبته وانزال العقوبة التي يستحق لا تغلق باب التأويل والاستخدام..
وأضيف لها عقدة لم تكن بحسبان، بقرار المملكة السعودية باعتبار الجماعة الإخوانية – الحركة الأم لحماس – حركة ارهابية ..لذا ملف المصالحة بكل تعقيداته واشكالياته الخاصة والعامة سيكون حاضرا ما يحتاج ابداعا عن ما سبق..
ولا نظن أن العلاقات الوطنية الداخلية أيضا ستغيب عن لقاء التنفيذية، خاصة مع تصاعد حركة الارتباك السياسي بين غالبية فصائل منظمة التحرير وحركة فتح، أثر الاصرار الفتحاوي على المضي بالتفاوض، و نتيجة ممارسات الحكومة الفتحاوية التي تزيد الأمر تعقيدا، سواء لللارتباك في معالجة قضايا وملفات اجتماعية وظيفية أو لجهة تعاملها مع موظفي قطاع غزة واحالتهم المبكرة على التقاعد، استجابة لتوصية اوربية وامريكية، تحت ذريعة عدم ممارستهم العمل، وكأن اوربا واميركا و”الحكومة” تكافئ الانقلاب وتعاقب رافضيه، واضيف لها ملف قطع رواتب لعناصر من جهاز أمني دون وجه حق، مستندا صاحب القرار بالقطع الى “مبدأ الشك الديكارتي – الغزالي”، انا اشك اذا اقطع الراتب..ولا نعتقد بأن القيادة الرسمية والشرعية للشعب ستمر مرورا عابرا على قضية كهذه لها ابعاد سياسية – اجتماعية دون حساب..
لكن المسألة المركزية التي قد تأكل غالبية وقت اللقاء، ستكون رحلة الرئيس عباس القادمة الى واشنطن، والاجتماع مع الرئيس الأميركي اوباما، وهي زيارة قد لا تكون كغيرها من الزيارات، وحتما سيقدم “كبير مفاوضي فتح” د.صائب عريقات تقريرا عما سمعه هناك من “اقوال تفاوضية مأثورة”..ولو استخدمنا التصريحات العلنية مقياسا للحكم على رحلة عريقات نقول أن المثل الشعبي “عاد بخفي حنين” لا يعبر تعبيرا دقيقا عن كمية الفشل والخيبة التي حملها..وبالطبع لن يكتفي عريقات بسرد ما قاله للاعلام خلال الايام الماضية بل سيعرض لهم كل “التفاصيل” الخاصة بما هو منتظر لنصوص وثيقة كيري السياسية، والتي يصفها الشعب الفلسطيني بكل قواه، عدا فئة صغيرة ترتبط مصالحها ومصيرها بالاحتلال وراعيه الأميركي، بأنها “وثيقة خيانة تاريخية” للمسألة الوطنية..
ولأن عريقات تحدث بأنه نصح الرئيس عباس بالانسحاب من المفاوضات، فهو يقر اذا بأن هذه المسيرة تشكل “عارا وطنيا” وأن لا فائدة ترجى منها، اي انها تمثل خسارة كبرى للقضية الفلسطينية، ولو تم ربطها بأقوال الرئيس عباس أمام اكثر من مجلس بأنه “لن يخون ولن ينهي حياته كخائن”، وهي تهمة لم يلصقها به احد من منافسيه وخصومه، لكنه تعبير عما ينتظره من تلك الرحلة المشؤومة، وما يمكن أن يواجهه هناك..
وكي لا نعيد كلاما عن كارثية تلك التجربة التفاوضية وفشلها والحاقها الأذى الوطني الكبير بالشعب الفلسطيني وقضيته، وأنها قدمت خدمة كبرى لتغذية المشروع الاحتلالي الشامل، نقول للقيادة الرسمية المجتمعة اليوم، ان عليها ان تأخذ قرارا واحدا، في هذا الملف، وهو تنفيذ نصيحة عريقات بأن يتم اعلان انهاء المهزلة الدائرة، والاكتفاء بالخسائر والاستعداد لتعويضها..قرار يجب ان يكون قبل ان يذهب الرئيس الى واشنطن كي يتسلح به . وبأن الحديث عن المفاوضات باتت مسألة تلحق العار بمن يتحدث عنها..خاصة وأن رأس الطغمة الفاشية في تل أبيب أعلن أن لا مفاوضات دون التخلي عن حق العودة و”يهودية دولة اسرائيل”..تصريح يكفي وحده لانهاء هذه المسخرة السياسية..
من أجلكم أنتم..وقبل أن يكون من اجل شعبكم اوقفوا هذه “المهزلة التفاوضية” وفورا!
ملاحظة: نكرر لمن لم يقرأ ما قيل سابقا: على تنفيذية منظمة التحرير اتخاذ قرار لحماية “الرواية الفلسطينية من الزهايمر السياسي” حول المفاوضات.. قرار من اجل فلسطين التاريخ ومن أجل جيل سيحمل راية الفعل لتحقيق ما لم يتحقق!
تنويه خاص: اغتالت دولة الكيان 3 من شباب فلسطين في قطاع غزة ..قبلها بيوم كان قيادي قسامي يهدد بأعلى صوته ورافعا يديه وشاهرا سلاحه..هل سنرى ردا على الاغتيال ام يصدق القول انها تهديدات لغير دولة الكيان!