كتب حسن عصفور/ يبدو أن البعض الفلسطيني لا يجد تركيزا سياسيا، أو خيارا محددا سوى تلك \”العبثية التفاوضية\”، والتسمية لم تعد حكرا لأحد في وصف ما يحدث من لقاءات باتت تشكل فعلا استفزازيا لكل فلسطيني يماثل الأعمال الاحتلالية، فهي وصلت لكل من يملك رأيا وقلما وورقة، أو مستخدما التقنيات الحديثة، ويرى في حالة الاصرار على ما تسميه بعض الجهات بالمفاوضات، حالة عبثية ضارة للشعب ونافعة لمحتل الشعب، ولأن فريق التفاوض الفتحاوي وضع كل \”بيضه في سلة أمريكا\” – باعتبارها صاحبة الحل والربط- كما قال الرئيس محمود عباس في لقاء صحفي مؤخرا، فهو بدأ ينشر الاشاعات السياسية والأقاويل التي تحاول أن تدخل المشهد الفلسطيني في حالة \”ارتباك عام\” أو ما يمكننا تسميته بمشهد \”تيه سياسي جديد\”، يميل الى الضبابية وغياب الصورة الواضحة، وتركها لفعل مجهول..
كل ما يقال اعلاميا أو يتم تسريبه عبر مصادر من قبل بعض دوائر فتح والرئاسة الفلسطينية، بات يتركز على قضايا معينة، تبدأ باعادة الحديث عن \”حل السلطة الوطنية\” وتسليم \”مفاتيحها لضابط الادارة الأمنية، كما نقل عن الرئيس عباس اخباره لوفد اسرائيلي التقاه مؤخرا، او البحث عن اجراء انتخابات عامة للمجلس التشريعي دون مشاركة مباشرة قطاع غزة، أو \”تفكيك السلطة قطعة قطعة – استربتيز سياسي علني- ، خيارات وكلام تمثل فوضى سياسية نادرة الحدوث، ولكنها جميعا تبتعد عن الموقف الواضح جدا في يد الفلسطيني لو أريد حقا أن يكون \”قوة فاعلة\” بكل ما لها من معان، ويغادر مربع \”المفعول به\” بكل المعاني أيضا..
ليس مفهوما أن يفكر البعض في اجراء انتخابات للمجلس التشريعي دون قطاع غزة، وأن تقتصر مشاركته شكليا لا أكثر، ولأن الخطأ يبدأ من أصل الموقف، حيث أن الحديث عن اجراء انتخابات للمجلس التشريعي هي عملية اعادة انتاج للسلطة ومؤسساتها، موقف يؤدي فعليا الى إدامة الاحتلال والمرحلة الانتقالية التي تهيمن بها دولة الكيان على مقاليد الحركة العامة منذ سنوات، خيار يعبر بشكل أو بآخر عن \”حالة استسلام سياسي للمحتل\”..
بعد قبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، لم يعد بالامكان أن يتحدث أي فلسطيني كان، رئيسا او غفيرا عن انتخابات للسلطة ومؤسساتها، ولا يجوز مطلقا التلاعب بما يسمى بـ\”تجديد الشرعيات المتآلكة\”، عبر ادوات ووسائل تخدم المحتل على حساب النهوض الوطني، فالخطوة الأولى لمنع \”التيه السياسي\” تبدأ باعلان \”دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال\”، بحدودها التي حددتها الأمم المتحدة في قرارها الذي اعترف بفلسطين، وللأسف أن من ارتضى التفاوض على الحدود وقع في فخ اضعاف الموقف العالمي من \”حدود دولة فلسطين المقرة رسميا\”، ولذا لا يجوز لأي كان أن يتحدث بخلاف الانطلاق من هذه المرحلة: اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال، ثم يتم اعادة الملف للبحث الشامل في مؤسسات الأمم المتحدة، لحماية وتحرير ارض دولة عضو محتلة من دولة عضو آخر..
وانطلاقا من هذه المسألة، فلا يحق لأي كان بعد اليوم أن يقوم بالحديث عن \”حل السلطة أو تفكيكها\” او \”تسليم مفاتيحها للضابط احتلالي\”، وكأن السلطة جاءت \”هبة ومنة من قوات الاحتلال\”، وليس عبر فعل كفاحي فلسطيني طويل ثمنه الاف الشهداء ومئات الاف الجرحى والأسرى، ورؤية سياسية فلسطينية كسرت موقف دولة الكيان في اتفاق تاريخي عام 1993..الحديث عن تلك العناوين ليس سوى هروب من المواجهة الحقيقية، وبحثا عن \”ملجأ آمن\” للذات وليس للوطن، المواجهة تبدأ من الاعلان الذي تأخر كثيرا لارضاء \”الاسياد الأميركان\” والنتيجة اصفار مكعبة وضرر بالغ للقضية الوطنية..
وبعد خطوة اعلان دولة فلسطين، واعتبار كل ما للسلطة الوطنية مؤسسات لدولة فلسطين، يتم تشكيل \”برلمان فلسطيني مؤقت للدولة يتكون مبدئيا من اعضاء المجلس المركزي والمجلس الشتريعي\” ويمكن بحث اضافة اعضاء لحركة الجهاد التي لا تشارك في تلك المؤسستين، ويتم تحديد دور البرلمان المؤقت في الخطوات التالية:
*تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة تدير المرحلة الانتقالية الى حين اجراء الانتخابات العامة لدولة فلسطين.
*تحديد الرؤيا السياسية الفلسطينية للمرحلة المقبلة، بكل مكوناتها.
* صياغة خطة وآلية عمل للمواجهة العامة مع دولة الكيان تبدأ بانضمام دولة فلسطين فورا الى كل المؤسسات التي يحق لها عضويتها، دون استثناء، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية.
*الاعلان الرسمي عن انتهاء المرحلة الانتقالية التي بدأت عام 1994، وتعليق العمل بالاتفاقات الموقعة مع دولة الكيان الى حين اعتراف دولة الكيان بـدولة فلسطين\” المعترف بها دولة في الامم المتحدة، تطويرا لاعتراف دولة الكيان بمنظمة التحرير، وفقا لما حدث في الجمعية العامة مؤخرا.
* اذا لم تعترف دولة الكيان بدولة فلسسطين تعلن منظمة التحرير سحب اعترفاها بدولة الكيان وفقا للرسائل المتبادلة وتلغي كل ما ترتب عليها من التزامات بما فيها تلك المواد الخاصة بالمثياق الوطني لمنظمة التحرير.
*يقوم برلمان فلسطين المؤقت بتشكيل لجنة خاصة لوضع \”دستور دولة فلسطين\” أو الاكتفاء بوضع \”اعلان دستوري مؤقت\” الى حين، يحدد اسس الانتخابات العامة لرئيس الدولة وبرلمانها وتحديد طبيعة العلاقة بين دولة فلسطين ومنظمة التحرير ومؤسساتها..
*تطلب حكومة دولة فلسطين من حركة حماس انهاءا فوريا لعملية \”خطف قطاع غزة\” دون انتظار لتطبيق هذه الآلية أو تلك من الاتفاقات الموقعة، وان تنتقل فورا لبحث مشاركتها في حكومة الدولة، ولا نعتقد أن قيادة حماس يمكنها الاستمرار بعد اعلان دولة فلسطين وانهاء المرحلة الانتقالية في \”خطف القطاع\”، وإن رفضت حركة حماس ذلك يعلن رسميا اعتبار قطاع غزة \”اقليما متمردا، بما يتطلبه لاحقا من وضع الخطط المناسبة لانهاء حالة التمرد..
الموضوع ليس فقرا في الأفكار التي يمكنها الانطلاق نحو مواجهة شاملة للمحتل، لكنه كيفية بحث القيادة الرسمية وفصائل منظمة التحرير لذلك..ونظن أن طريق المجلس المركزي غاية في الوضوح لو أريد حقا الخيار الموجهة لخدمة انطلاقة دولة فلسطين، وليس خيار الاستسلام وتفكيك الكيانة الفلسطينية..تلك هي المسألة امام المجلس المركزي ولا غيرها!
ملاحظة: اهانة شرطة دولة الاحتلال لمبعوث الأمم المتحدة في القدس المحتلة صفعة لا يجب أن تمر بهدوء.,مطلوب من سفير فلسطين في الامم المتحدة ان يعمم الحادثة ويطالب برد واضح على تلك الاهانة!
تنويه خاص: نأمل ان يتوقف متحدثي فتح وحماس قبل وصول \”الوفد الشقيق\” الى قطاع غزة عن أي كلام حتى انتهاء \”الزيارة\”!